أعرب سكان حى عابدين المجاور لمقر وزارة الداخلية بوسط القاهرة عن سعادتهم الغامرة باتفاق وقف المناوشات بين المتظاهرين وقوات الأمن، مشيرين الى أن الليلة الماضية تعد الأولى منذ ست ليال التى تمر عليهم بسلام دون سقوط أى ضحايا أو مصابين. وأعرب الحاج محمد عبدالرحيم صاحب محل بقالة بشارع محمد محمود عن سعادته بإتفاق الهدنة بين المتظاهرين وقوات الأمن، مشيرا إلى انه كان حريصا فى بداية الأحداث الجارية على عدم غلق محله من أجل تلبية طلبات المتظاهرين من أطعمة ومياه وعصائر وخل لمواجهة الغازات المسيلة للدموع، ولكن مع إزدياد حدة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن إضطر لإغلاق محله خشية تعرضه للأذى، خاصة وأنه فى سن متقدمه ، حيث يبلغ من العمر 67 عاما. كابوس بينما قال الدكتور أحمد عبدالغفار طبيب مقيم بامتداد شارع محمد محمود :"إنه عاش اليالى الست الماضية فى كابوس متصل، حيث كان يعود من عمله متأخرا فى المساء ليجد المنطقة أشبه بمدينة الأشباح، نظرا لكثرة أعداد المصابين والشهداء الذين كانوا يسقطون يوميا جراء تلك المواجهات، وهو ما كان يضطره إنطلاقا من واجبه الوظيفى والانسانى كطبيب الى المساعدة فى إسعاف الجرحى فى أجواء يكسوها الحزن ، ولكن بارقة الأمل ظهرت من جديد بعد مرور الليلة الماضية دون أى اشتباكات بين الطرفين". وبدوره، أعرب رامى محمد نجم صاحب واجهة زجاجية "فاترينية" لبيع اكسسوارات هواتف محمولة بشارع محمد محمود عن سعادته الغامرة بالتوصل لاتفاق هدنة بين المتظاهرين وقوات الأمن، مشيرا إلى أن الليلة الماضية مرت عليه كأنها ليلة وقفة العيد بعدما توقفت أجهزة الشرطة عن إطلاق قنابلها المسيلة للدموع نحو المتظاهرين، وما تبعه من انقضاء اول ليلة منذ ليلة السبت الماضى الذى وصفه ب "السبت الأسود" دون سقوط ضحايا جدد .
كما أعرب عن أمله فى مرور البلاد بسلام من تلك المرحلة الدقيقة فى تاريخها ليجنى الشعب ثمار الثورة التى طالما حلم بها على مدى العقود الثلاثة السابقة. لجان شعبية وعلى الجانب، شكل شباب حى عابدين لجانا شعبية بجميع مداخل الطرق والشوارع المؤدية لمبنى وزارة الداخلية الكائن بشارع الشيخ ريحان ، حيث قاموا بوضع متاريس حديدية للتأكد من هوية الوافدين لتلك الطرق والشوارع لضمان سريان اتفاق الهدنة بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وأكد شباب اللجان الشعبية أن تلك الفكرة آتتهم بعد قيام المئات الليلة الماضية بتشكيل سلاسل بشرية بشارع محمد محمود للفصل بين المتظاهرين وقوات الأمن من أجل وقف نزيف الدماء المستمر فى الشارع بشكل يومى منذ ليلة السبت الماضى، حيث أصروا على المشاركة فى استمرار تلك الهدنة من خلال التأكد من هوية الوافدين الى منطقة وزارة الداخلية لضمان عدم تسلل أية عناصر ممن تستهدف اقتحام مبنى الوزارة وتشعل نار الاشتباكات مرة أخرى بين الطرفين. متاريس وحواجز حديدية وقد قام الشباب بوضع متاريس وحواجز حديدية ببداية شارع باب اللوق، وشارع فهمى، وشارع منصور من أجل غلق جميع الشوارع المؤدية لمبنى وزارة الداخلية أمام تلك العناصر.
بدين ينفى
من جانبه قدم اللواء حمدى بدين قائد قوات الشرطة العسكرية تحية لأرواح شهداء ميدان التحرير، مقدما تعازى القوات المسلحة فى أرواح الشهداء التى روت دماءهم أرض مصر.
ونفى اللواء بدين - فى مقابلة مع برنامج "صباح الخير يامصر" على القناة الأولى بالتليفزيون المصرى اليوم الخميس - الاتهامات الموجهة للشرطة العسكرية باستخدام العنف ضد المتظاهرين، قائلا :"إنه لم يتواجد جندى واحد من الشرطة العسكرية فى ميدان التحرير خلال الأحداث التى وقعت منذ يوم السبت الماضى".
وقال اللواء حمدى بدين :"إن القوات الموجودة حاليا فى الشارع قوات المنطقة المركزية العسكرية وهدفها تأمين وزارة الداخلية وليس التعامل مع المتظاهرين"، مشيرا إلى أنها جاءت بناء على طلب من الداخلية . وأكد اللواء بدين أن الشرطة العسكرية ليست مهمتها أن تتدخل فى مثل هذه الاحداث فهذه مهمة الشرطة المدنية، ألا انه لا تواجد للقوات المسلحة أوالشرطة المدنية حول الميدان خلال المليونيات. وقال اللواء بدين :"إن التعبير عن الرأى حق مكفول لكل مواطن، وإن مسالة فض اعتصام أسر الشهداء والمصابين يوم السبت الماضى مهمة الشرطة المدنية"، مؤكدا أن فض الاعتصامات ليست من مهام القوات المسلحة. ونفى اللواء حمدى بدين تعامل القوات المسلحة بالاشتراك مع قوات الامن فى التعامل مع المتظاهرين، مؤكدا أن تلك الاشاعات تهدف إلى التشكيك والوقيعة بين اتفاق بين قوات الأمن والمتظاهرين وكان اللواء إبراهيم الدماطي نائب رئيس الشرطة العسكرية قد أعلن فجر اليوم الخميس أنه تم التوصل إلى اتفاق بين قوات الأمن والمتظاهرين يقضي بتوقف المناوشات تماما بين الجانبين في شارع محمد محمود المؤدي إلى وزارة الداخلية، مشيرا الى أن الهدوء عاد مرة أخرى إلى ميدان التحرير منذ الساعة الثالثة فجرا بعد أن تم السيطرة تماما على الموقف من خلال التعاون مع الشباب المخلصين من رجال الثورة من مختلف القوى السياسية والحركات الشبابية، والذين شكلوا سلاسل بشرية من أجل وقف نزيف الدماء في الوقت الذي التزمت فيه قوات الأمن بالتمركز على مسافة كافية بعيدا عن المتظاهرين.