ترصد رواية "بوابات الرحيل" التي صدرت في سلسلة "روايات الخلال" الشهرية في القاهرة تحولات تاريخية واجتماعية مهمة شهدتها مصر اعتبارا من عام 1976 حتى عام 2003 لحظة دخول الجيش الأمريكي العراق وسقوط بغداد مرورا بانتفاضة الشعب المصري في يناير 1977 وما دار في القاهرة والمحافظات المختلفة من ثورة سميت حسب اتجاه ورأي من شاركوا فيها "ثورة للجياع" واتهمها نظام السادات بأنها "انتفاضة الحرامية". "بوابات الرحيل" هي العمل الروائي الأول للشاعر المصري بكري عبد الحميد الذي يرصد فيها برهافة جانب من ممارسات كارثية كاتفاقية كامب ديفيد وأثرها على الشارع المصري وطلاب الجامعة وتباين وجهات التلقي للحدث الجلل الذي رآه البعض عظيما ورآه البعض الآخر خيانة للوطن وللعروبة وللقومية التي أطر لها جمال عبد الناصر طوال فترة حكمه، وصولا إلى الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 وما تبعه من تغيرات على الصعيد السياسي للمنطقة ودور الصحافة والإعلام أثناء الأحداث. تدور الأحداث عبر وعي وذاكرة شاب مصري مريض نزيل المستشفى العام، إذ تمر عليه الأحداث الآنية، فيتذكر من خلالها حياته السابقة وقصة حبه التي انتهت على يد العدوان الاسرائيلي على لبنان 1982، كما ترصد الرواية تغيرات أخرى مست الأخلاق المهنية داخل المستشفى، حيث تصل إليه الأحداث وتقتحمه اقتحاما ليرى بعيني أذنيه ما يدور في المجتمع القريب الذي هو في الأصل صورة مصغرة من العالم المحيط. وأهم ما يمثله عامل المشرحة "غباشي" الذي حارب العدو الصهيوني في أكتوبر 1973 وما مر به أحلام وآمال وخيبات متواصلة ليمثل مع بطل الرواية الشاب المريض المشرف على الموت صورة انكفاء الحلم وانكساره وضياع الأمل لدى الشريحة العظمى من المجتمع، كما يمثل العدو الأمريكي وضرباته الموجعة لأحد أهم ركائز القوة في العالم العربي (العراق) دلالة السقوط المستمر للبطل الوطن من خلال متابعة مجريات الأمور على ساحة القتال قبل وأثناء الغزو الأمريكي إلى أن تسقط بغداد في يد الجيش الأمريكي وسط صمت عربي وعالمي بل ومساعدة من البعض ليتأكد الموت الحقيقي ورحيل ما كنا نضع عليه آمالا عظاما إلى الأبد. بوابات الرحيل.. رواية الرصد الفني لتحولات ما زالت تلقي بظلالها ونزيفها إلى اليوم