الجهود الذاتية عالجت أزمات الصرف الصحي لأهالي دمياط 80% من قرى الشرقية بلا خدمات صرف صحي .. وبيوت الصعيد مهدد بالغرق في المجاري تعتبر أكبر مشكلة صحية وبيئية تواجه الشعب المصري حسب وصف الدكتور خالد فهمي وزير البيئة، إذ لا تخلو مدينة أو قرية في أية محافظة شمال مصر أو جنوبها إلا وتشكون من أزمات في الصرف الصحي فالشبكات متهالكة عمرها الافتراضي أكل الزمان عليه وشرب ، فأصبحت كوارث وقنابل مهددة بالانفجار في أي لحظة. وفي كل الأحوال يغيب دور المجلس المحلي للمدينة أو القرية عن المشهد وقد يصبح بتجاهله سببا رئيسيا في تعقيد المشكلة بدلا من حلها كما هو منوط به، فالقاسم المشترك بين كل الشكاوى أن المجلس في أغلب الأوقات لا يحرك ساكنا ما يدفع المواطنين للجوء إلى طرق بديلة توصل أصواتهم للمسئولين. مشروع صرف "حوض العمدة" متوقف البداية في محافظة القليوبية والتابعة لحي شبرا الخيمة إنها منطقة حوض العمدة حيث شكاوى تمتد لسنوات طويلة بسبب عدم وجود أي نوع من الخدمات أو المرافق على حد قول قاطنوها، فيبدأ وليد مندور أحد سكان المنطقة شكواه بأنهم يعيشون بلا خدمات أو مرافق ولا صرف صحي ، مضيفا إنه على الرغم من أن مشروع الصرف الصحي لديهم كان قد شارف على الانتهاء إلا إنه توقف . مندور أرجع سبب توقف المشروع لتصرفات فردية لأحد لمواطنين الذي قام ببناء عمارة على مجرى الخط الرئيسي الذي يقوم بصرف مياه المنطقة إلى المحطة الرئيسية بميت نما، مضيفا أنه تم تشغيل القرى المجاورة مثل ميت حلفا وميت نما فيما تم عقاب قريتهم بأكلمها بسبب تصرف فردي غير مسئول. مندور لجأ للفضاء الإلكتروني حيث أرسل شكواه عبر عدة وسائل ودشن مع أهالي المنطقة جمعية تنمية المجتمع المحلي بحوض العمدة وأنشأ صفحة باسمها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لجأ لعرض قضيتهم عليها،ومطالبته باستكمال المشروع بقريتهم بسبب غرق بيوتهم بمياه الصرف والتي تلوث ترعة الشرقاوية أيضا وطالب بمحاسبة الفاسدين بالوحدة المحلية في ميت حلفا ومجلس مدينة قليوب لأنها المسئولة عن المشروع وهي تماطل في التنفيذ. وأضاف "رغم كوننا تابعين لحي غرب شبرا الخيمة إلا أننا قدمنا في مشروع ميت حلفا وميت نما بمدينة قليوب لأننا في نفس مستواها إلا أن المشروع توقف للسبب سابق ذكره منذ أكثر من عام"، موضحا "بعد التوقف لجأنا لحي غرب شبرا قال إن المشروع غير تابع له ولا يعرفوا عنه شيئا وبعدها ذهبنا للشركة نفسها المنفذة للمشروع فقال لنا يمكن استكمال الموضوع على حسابكم الشخصي وهذا تكلفته تصل لنحو 200 ألف جنيه". وتابع في منطقتا أدخلنا المياه بمجهودات ذاتية ومنذ نحو أسبوعين كانت متغير لونها ومخلوطة بمياه الصرف فمواسير متهالكة وقطرها 4 بوصة تغطي فقط شارعين رغم أن المنطقة بها أكثر من 26 شارع وعمرها يقارب 20 سنة وبدأت تتقادم وتأخذ مياهها من "الطرنش" يعني هي مياه مجاري لكن شركة المياه أصلحتها"، وعن نواب مجلس الشعب قال إن أحد أعضاء المجلس سيذهب للقائهم لعرض مشاكلهم عليه. وأوضح مندور إنهم التقوا المهندس سعيد الهواري مسئول مشروعات القليوبية والمهندس عادل مسئول المشروع وتم الاتفاق على إتمام مشروع الصرف بمنطقة حوض العمدة، مضيفا إنه تم وضع خطة زمنية للتنفيذ وتتضمن أنه بمجرد انتهاء حفر شوارع ميت نما ستنتقل المعدات المعدات والعمال للمنطقة لتعديل مسار المشروع بعد بناء أحد العقارات عليه وذلك مع نهاية يناير المقبل وخلال أسبوعين من ذلك التاريخ سيتم الانتهاء من تشغيل الشوارع الجاهزة وبدء حفر الشوارع المتبقية وإدخالها في الخدمة. دمياط تعاني "الأمرين" الحال في قرية دار السلام التابعة للوحدة المحلية كفر شحاته بمركز كفر سعد في محافظة دمياط حيث شكاوى أخرى لأهالي القرية بسبب أزمة الصرف الصحي، فقال مصطفى الشبكي أحد المواطنين إن الأهالي يعانون من مشاكل صحية خطيرة منها الفشل الكلوي وفيروسات الكبد نتيجة اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي وهو ما يصيب المواطنين بمشاكل صحية تبدأ من الأمراض المعوية حتى الخطيرة منها". الشبكي أوضح أن مخلفات المنازل من مياه الصرف الصحي تلقى في الترع التي يعتمدن عليها في ري الأراضي الزراعية وهو ما يؤدي أيضا لأمراض ومنتجات زراعية ملوثة، مضيفا إنه "تمت الموافقة على مشروع الصرف الصحي بالمنطقة وأن الأهالي تبرعوا بالأرض لإنشاء محطة الرفع والأمر كله بجهودهم الذاتية لكن تغييرا لم يحدث ولم يتم بناء المحطة". وطالب المسئولين ومحافظ دمياط بالنظر في أمرهم واتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذ الأهالي بتنفيذ المشروع ومراعاة أبسط حقوقهم وهو وجود خدمة للصرف الصحي بالمنطقة القاطنين بها. وفي المركز ذاته "كفر سعد" يشكو أهالي كفر المنازلة من نفس المشكلة وهي عدم وجود صرف صحي فقال شريف عادل إنهم يعانون منذ سنوات طويلة من أزمة في الصرف الصحي وعدم وجود محطة له ما يدفعهم للصرف في الترع وهو ما يحدث تلوث ويؤثر على جودة مياه الشرب وهو أمر تشكو منه معظم قرى المحافظة. الإسكندرية "تعوم في الصرف" رغم كونها عروس البحر المتوسط إلا أن محافظة الإسكندرية دائمة الشكوى من تردي الخدمات بها خصوصا في الأحياء والقرى الفقيرة، فما بين تلوث المياه وانقطاعها وسوء خدمات الصرف الصحي بها تعيش المحافظات أزمات متواصلة، لا تقتصر مشكلة الصرف الصحي بها على فصل بعينه ففي الصيف تسوء الخدمة نظرا للضغط على الشبكة من قبل المصطافين وفي الشتاء تعكر الأمطار صفو الأجواء بها. "نعاني من العوم في برك مياه الصرف" هذا حديث محمد عبد العال أحد أهالي القرية البيضاء المهندسين بالنهضة في مركز العامرية، مضيفا "الشبكة الموجودة بالقرية تهالكت ومضى عمرها الافتراضي ولم تعد صالحة للاستخدام ونحن قرية فقيرة لا نقدر على إنشاء محطة أهلية بالجهود الذاتية". وتابع "نحن لا نطلب المستحيل فقط إنشاء شبكة للصرف الصحي على حساب الدولة لأننا قرية فقيرة ولنا حقوق أيضا مثل بقية القرى"، ويضيف أن الوضع هناك وصل إلى ذروته فالتلوث يزداد يوما بعد يوم وهو ما يؤثر على الحلة الصحية للأهالي ويصيبهم بالأمراض. وأوضح أن الأطفال هناك في حالة مستمرة من الإعياء والمرض بسبب كم التلوث في المياه ولا نطلب سوى إغاثتنا من هذا الحال. 80 % من قرى الشرقية بلا صرف أزمة الصرف الصحي في محافظة الشرقية ضخمة فنحو 80% من قرى المحافظة بدون صرف وهو ما قاله الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية السابق، فيما تشير الإحصاءات الرسمية أن عدد محطات الصرف الصحي بالشرقية هي ثلاثين محطة حسب ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نشرته السنوية عن المياه والصرف الصحي لعام 2013- 2014. الشكاوى لا تنتهي وهو ما أكده المواطن حسن عواد والذي قال إن قريتين مثل عزبة أبو غنيم وأم عيسى بمركز ههيا بالشرقية لا يوجد بها مصرف لمخلفات المنازل ما يدفعهم لإلقاء مياه الصرف في الترع. وأوضح أن أهالي القريتين يصرفون مخلفاتهم في المجرى المائي الذي تأخذ منه محطة مياه مركز ههيا وهو ما ينذر بكارثة على حد قوله، مضيفا "حدثت حالات تسمم كثيرة وانتشار للأمراض المعوية والفيروسات الكبدية ولا نطلب سوى النظر في أمرنا بعين الرحمة". "لا نطلب سوى أن يدرجوا تلك القريتين في الموازنة الجديدة لتنفيذ المحطة" هذا ما قاله عواد مضيفا أن الوزارة قالت إنه لا يوجد مخصصات أو"حيز عمراني" للقريتين فما ذنب الأهالي هل ننتظر حتى موتهم، مضيفا أن المحافظ رأى بعينه جرار الكسح وهو يلقى المخلفات في المجرى المائي لكن بعدها ظل الحال كما هو عليه". الصعيد غارق في القوصية بمحافظة أسيوط لم يختلف الحال كثيرا فما بين انفجارات في مواسير الصرف الصحي جاء انهيار جزء من الجسر الحاجز بين محطة الصرف الصحي بالقوصية والمنطقة المحيطة به، لتغرق المنطقة المحيطة وتتهدد المنطقة بالكامل بخطر الصرف الصحي، وهو الأمر الذي جعل عبد الرحمن سيد أحد سكان القرية يتساءل "فين مجلس المدينة ولا بتوع الانتخابات لم نرى أو نسمع عن أحد منهم عمل حاجة في البلد ولا مياه ولا إضاءة ولا مستشفى ولا طرق كله مصلحة". سبب انهيار الحاجز أوضحه المهندس محمد صلاح رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط في تصريحات له أن أحواض الصرف والترسيب التي يبلغ عددها 13حوضا قد امتلأت تماماً بما يفوق طاقتها الاستيعابية، ما أدى إلى انهيار جزء من الجسر الحاجز بين المحطة والمنطقة المحيطة به والتي تنخفض عن الجسر بنحو 30م على الأقل نظراً لتوقف محطة المعالجة عن العمل وعدم اكتمال الغابة الشجرية التي يتم صرف المياه المعالجة عليه. ومشروع الصرف الصحي بالقوصية تم تنفيذه والانتهاء منه منذ عام 2008 ، لكن مينا سمير قال إن الشركة المنفذة هي شركة مختار إبراهيم فاشلة لأنهم "كانوا بيرموا المواسير رمى ويردموا عيلها وفى نفس الوقت كانت المواسير في اغلب المناطق لا تشغل عماره أو اتنين". المشكلة أيضا طالت أغلب قرى الصعيد بين بني سويف والفيوم والتي تتعرض لخطر الغرق وتزداد الأزمة وتقل من حين لآخر لكنها لا تزال قائمة، ويصدر المسئولون بهذه المحافظات وغيرها تصريحات بشكل دائم عن تخصيص أموال لتطوير الشبكات لكن الشكاوى من تهالك الشبكات لا تنتهي. مائة مليار جنيه للحل قال العميد محيي الصريفي المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي أن أزمة الصرف تكمن في أن نسبة 12% فقط من مناطق الأرياف هي التي تمتلك شبكات الصرف الصحي، مضيفا "أن الوزارة تحتاج لمائة مليار جنيها لإدخال خدمات الصرف في جميع المحافظات ومدة تتراوح من ثمانية لعشر سنوات". وأوضح أن الشركة ليس لديها إمكانية إدخال كل الخدمات من المياه والصرف والشبكات قبل بناء الحي أو المدينة لأن المواطنين فيما بعد في مرحلة البناء يكسرون من تم إنشائه من شبكات، فنلجأ للسير بطريقة عكسية أن يبني أولا ثم إدخال الخدمات فيما بعد.