محاكمة سياسية و ليست جنائية هكذا بدا الأمر جليا بعد مرور سبعة وعشرون عاما علي حادث سقوط الطائرة البوينج 747 التابعة لشركة بان آمريكان , أثناء تحليقها في سماء قرية لوكربي باسكتلندا . حادث صنفته الولاياتالمتحدة ضمن أسوأ الكوارث في تاريخ الطيران ومن بين الأعمال الإرهابية الأكثر دموية التي مرت بها الولاياتالمتحدة حيث توفي أثره 270 شخصا معظمهم امريكيون . لا يزال الحادث حتي الآن يحيط به الغموض لعدم اتضاح الأسباب التي من أجلها أقدم النظام الليبي علي القيام بهذا العمل و بسبب العديد من الثغرات في المحاكمة التي تعرض لها " عبد الباسط المقرحي " المتهم الأساسي في هذه الحادثة , الذي اعلن بدوره في بيان بعد الافراج عنه في 2009 لدواع صحية انه برئ مبديا تعاطفه مع أقارب الضحايا . عبد الباسط المقرحى المتهم الوحيد فى القصية سيناريو الغرب المفضل بعد تحقيقات اتسمت بالسرية و تكهنات من وسائل الاعلام بتدوير المسؤلية بين دول مختلفة و حركات تحرير , يجمع بينها رابط العداء لأمريكا منها سوريا و ايران و منظمة فلسطينية , صدر دون سابق انذار في نوفمبر عام 1991 ؤأمرا بالقبض علي مواطنين ليبيين هما " المقرحي " و " فحيمة " بالتزامن من قبل الولاياتالمتحدةالامريكية و بريطانيا حيث تم اتهامهم بوضع حقيبة متفجرات في الطائرة و تسببهم في سقوطها . رفضت ليبيا لفترة تسليم المتهمين الا أن العقوبات التي فرضت عليها بقرار من مجلس الأمن جعلت نظام معمر القذافي يرضخ للأمر بشرط أن تقام المحاكمة في بلد محايد , لذا تمت المحاكمة في هولندا و التي قررت تبرئة المتهم الثاني " فحيمة " , و أدانت " المقرحي " حيث حُكم عليه بقضاء 27 عاما بسجون اسكتلندا و علي خلفية هذا الحكم دخلت كلا من الولاياتالمتحدة و واشنطن في مفاوضات مع ليبيا اسفرت عن الوصول الى تسوية تدفع بموجبها ليبيا تعويضات لأسر الضحايا و تعلن مسؤليتها عن اعمال موظفيها و هذا ماتم بالفعل . التزمت ليبيا في أغسطس 2008 بدفع التعويضات التي صدر بشأنها الحكم للولايات المتحدة علي أن ترد الثانية ماترتب علي القصف الامريكي للعاصمة الليبية و مدينة " طرابلس " في الثمانينات بعد الحادث . المقرحى قبل وفاته فرحة ليبية و استياء غربي لم يقضي " المقرحي " فترة حكمه كاملة , وتم الافراج عنه دون تبرئته في 2009 نظرا لوضعه الصحي , استقبله آلاف الليبين في المطار استقبال الأبطال و عُزفت الأناشيد الوطنية , الامر الذي أثار استياء الولاياتالمتحدةالأمريكية و واشنطن حيث قال الرئيس الأمريكي " باراك أوباما " أن هذا الشخص يستحق الإقامة الجبرية كما أبدت وزيرة الخارجية " هيلاري كلينتون " خيبتها لطريقة الاستقبال , و وصف ناطق باسم البيت الابيض " المقرحي " بقاتل جماعي . ومن جهته قال وزير الخارجية البريطاني " ديفيد ميلياند " ان طريقة استقبال المقرحي مقلقة جدا . شاهد من أهلها كشفت ضابطة الاتصال السابقة لدي وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية , " سوزان لينداور " في كتابها " تحيز متطرف : القصة المرعبة لقانون الباتريوت و التكتيم عن أحداث 9/11 و العراق " كواليس حادث لوكربي و تواطوء كلا من الولاياتالمتحدةالأمريكية و واشنطن في تدليس حقائق الحادثة و اتهامهم الكاذب لليبيا في الضلوع بعملية إسقاط الطائرة نافية بذلك التهمة عن " المقرحي " . معمر القذافى أثناء حوارها مع وكالة أنباء روسيا اليوم قالت " سوزان " أن سبب حادثة لوكربي مرتبط بعمليات أخري من خلف الستار سبقته , حيث بدأ الأمر باستغلال فرنسا لقضية الرهائن الفرنسيين في لبنان عام 1988 في الحملات الانتخابية الفرنسية و كان جاك شيراك حسب بعض المصادر متورطا في ذلك , و تعرض حينها لمسائلة قضائية في هذا الأمر . مضيفة أن "ريتشارد فيوس " كان مستاء عندما كشف هذه الأمور , و روى أنه عثر علي المكان الذي كان يخفون فيه الرهائن , و استدعى قوات " دلتا فورس " لاقتحامه و لكن نائب الرئيس الامريكي آنذاك " جورج بوش " الأب أمر بوقف عملية تحرير الرهائن كما أنه كان رشح نفسه ليكون الرئيس لذا قرر أن يؤجل حل هذه القضية الي مابعد انتخابه ليسقط غريمه . و هكذا اجل مسألة تحرير الرهائن لأشهر طويلة , إضافة الى ذلك وقع حادث سقوط الطائرة الأمريكية الرحلة 103 في سماء " لوكربي " . وتقول " وكالة الأمن القومي التي كان موضوع الرهائن في دائرة اهتمامتها ايضا , اثار اهتمامها المسار الغريب لسلوك بعض عناصر ال " سي آي ايه " في البحث عن الرهائن و قد أرسلت الى بيروت فريقا من واشنطن للتحقيق في حوادث فساد في صفوفها , و تورطهم في تجارة المخدرات , و بعد انتهاء التحقيقات استقل الفريق طائرة ( بان ام 103 ) للعودة الى واشنطن حاملين معهم ملفات التحقيق و عينات من المخدرات و مئات الآلاف من الدولارات كأدلة مادية , و كانوا يستعدون لتقديم تقرير كامل عن الفساد في صفوف عملاء ال " سي آي ايه " . ولهذا السبب تم تفجير الطائرة في سماء " لوكربي " بحسب رواية " ريتشارد فيوز " لها و الذي اجري التحقيقات بهذا الخصوص . لا أكدت " سوزان " في حديثها علي عدم تورط ليبيا في أي شان يخص الحادث و أن " المقرحي " كان بريئا تماما , والمسؤولون هم " محمد ابو طالب " و تاجر السلاح السوري " منذر الكسار " و " ابو نضال " . حطام الطائرة وفي كتابها تقول " سوزان " ان " فيوز " اخبرها بأنه كان بامكانهم اتهام سوريا , و لكن فيما بعد عندما وافقت سوريا علي المشاركة في الحرب الأميريكية على العراق , تم تحويل الإتهام الى ليبيا , مضيفتا أن الهدف الأول لل " سي آي ايه " في ذلك الحين هو وقف التحقيق باي وسيلة . وان كان ذلك يتطلب الاستفادة من شخصيات أمثال " أبو نضال " . وفيما يخص واشنطن اتهمتها " سوزان " بأنها ليست بريئة كما تدعي و أنها لديها معايير مزدوجة . وتتابع " في ال "سي آي ايه" كنا نعلم أن ليبيا غير مذنبة لكن المشكلة تمثلت في امر آخر و هو أن أسر الضحايا من الأمريكيين و ليس من الاسكتلنديين هم من أصروا علي اتهام الجانب الليبي بايحاء من الحكومة الأمريكية , و ذلك لأن ليبيا كان بوسعها دفع تعويضات كبيرة جدا فهي بلد غني بالنفط , و الحقيقة أننا قلنا منبع المأساة هو في لبنان باندلاع الحرب فيه , لكن الرد علينا كان بانه لا ينبغي اتهام الشعب اللبناني فهم في حرب أهلية و لا يوجد حكومة يمكن تحميلها المسؤولية و لا دفع تعويضات لا هي و لا سوريا و لكن ليبيا يمكنها الدفع . بالرغم من اعتراف ابو نضال صراحة بان التفجير من تدبيره " .