الحالة النفسية للعرب متردية ودونية علماء المعارضة حريصون على الأوطان أكثر من السلطة التكنولوجيا الحديثة نعمة إذا أحسنّا استخدامها التطرف رد فعل للفساد السياسي والاجتماعي والاستئثار بالسلطة احتواء الأبناء وتوعيتهم بالدين يحميهم من التطرف قال الدكتور حسين المجالي أستاذ علم النفس والاجتماع عضو رابطة علماء الأردن، إن أهم ما يدفع الشباب العربي للتطرف والانتحار هو الإحباط واليأس من الحياة. وأضاف في حوار مع شبكة الإعلام العربية "محيط" أجرته عبر البريد الالكتروني، أن هناك أسبابا تدفع الشباب نحو التطرف والإلحاد بعضها سياسي والبعض الآخر اجتماعي وكذلك استئثار السلطة بيد أحزاب سلطوية دكتاتورية. الحالة النفسية للشعب العربي، ولماذا انتشر التطرف والإلحاد وكيفية التصدي لهما، وتأثير التكنولوجيا الحديثة على الترابط الأسري؟ وغيرها، كانت محور حوار شبكة الإعلام العربية "محيط" مع عضو رابطة علماء الأردن. نص الحوار: بداية.. ما تقييمك للحالة النفسية للشعب العربي؟ الحالة النفسية للعرب متردية ودونية، باتوا يشعرون أنهم يسيرون في ذيل القافلة بعيدين كل البعد عن النهضة والتقدم، شعوب متفرجة تابعة، تتلقى دائما النتائج ولا تصنعها، تدرك أن صراعاتها من صنع أعدائها وهم وقودها، لا رأي ولا ثقل نوعي لهم.. تائهون لا يدركون أسباب القوة، عاجزون عن التجمع والارتقاء، ولا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا. وهل ساعد ذلك على انتشار العديد من الظواهر الاجتماعية مثل الإلحاد والانتحار؟ الانتحار غالبا يكون بسبب الإحباط من الحياة وعدم نيل الفرد لمبتغاه وفشله في تحقيق أهدافه، وهناك حالات انتحار تحدث للتخلص من تبعات فضيحة أو الخوف من اكتشاف زيف الشخص وتلاعبه على الناس دهرا من الزمان، وبعضها يكون بسبب المرض وعدم تحمله أو كثرة الأعباء المالية والديون والعجز عن تسديدها، كما أن البعض يقدم عليه وهو في حالة مرض نفسي أو انهيار عصبي. لكن الإلحاد قليل بين المسلمين، مع أن هناك أفكار إلحادية مع الأسف، فالليبراليين والعلمانيين المتطرفين في علمانيتهم وليبراليتهم يسلكون مسلك الطعن في الدين والاستهتار به واتهامه بالوقوف وراء تخلف الأمة، وهم غالبا غير ملتزمين دينيا ويصل بهم الأمر أن يشككوا بالقرآن ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وانتقاد مسلمات دينية واضحة كالحجاب والقوامة والصلاة والزكاة وغيرها، وهؤلاء لا بد من الرفق بهم في توعيتهم بخطورة المسلك الذي يسلكوه. وما الأسباب التي تدفع الشباب للانضمام للجماعات المتطرفة؟ أسباب التطرف غالبا هي اليأس من الحياة، وقد يكون نتيجة رد فعل نتيجة الفساد السياسي والاجتماعي واستئثار السلطة بيد أحزاب سلطوية دكتاتورية، وانعدام الديمقراطية واحترام حقوق الآخرين، وأيضا بسبب الفقر وانعدام فرص التكافؤ بين الناس، والظلم والمحسوبية، وانعدام التنمية الحقيقية التي تكفل الحياة الرغيدة للناس. كل ذلك يساهم في نشر الفكر المتطرف عند الأفراد، وكذلك الفهم الخطأ للنصوص الدينية، سواء كانت قرآن أو سنة أو كتب العلماء. وكيف يمكن للعلماء التصدي لانتشار التطرف؟ لا بد من الوعي الديني، وأن يقول العلماء كلمتهم في هذه الأمور والاستماع وفتح المنابر لهم، ولا أقصد هنا علماء السلطان فهؤلاء هم أكبر عامل لوجود التطرف، بل لا بد من وجود منابر لعلماء المعارضة ونشر الفكر المعتدل لهم، فهم حريصون على الأوطان أكثر من السلطة نفسها. وما دور الأسرة لاحتواء الأبناء ومنع الجماعات المتطرفة من اجتذابهم؟ لابد للأسرة أن تتعامل برفق مع الأبناء ومراقبة سلوك التدين عندهم وتوعيتهم بالتدين الحق والانتباه للأصدقاء، وهذا لا يعني التضييق عليهم فهذا من أسباب التطرف بل تكون العلاقة معهم علاقة الصحبة والأبواب المفتوحة، وتكون هناك ثقة متبادلة، واحترام متبادل، واستماع للمشكلات، وتوفير للمتطلبات ما أمكن، وحزم في القوانين مع حب وود واضح. ونطلب من الأبناء مناقشة الأفكار التي تدور في عقول الأبناء من غير كبت أو تهديد، والحرص على حلقات الدروس الطيبة المعتدلة التي يقوم بها أشخاص بعيدين عن التطرف في أفكارهم وسلوكهم، والأهم من ذلك استمرار رب الأسرة في توعية الأبناء عن خطورة التطرف وعواقبه وإثمه وبعده عن المنهج النبوي السليم. وهل المشاكل التي تعاني منها الأسر العربية تعود لسوء الاختيار أم لأسباب اقتصادية واجتماعية أو غير ذلك؟ مشاكل العالم العربي متعددة، جزء منها يرجع لسوء الاختيار من البداية، وهذا يترتب عليه اختلاف الثقافة بين الزوجين ومن ثم النزاع بينهما والذي ينعكس على الأطفال وتربيتهم وعلى العلاقات الخارجية بين الأهل والأصدقاء، وهناك كذلك الوضع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للأسرة وطبيعة عمل الزوج وغيابه عن الأسرة، والأصدقاء وطبيعتهم ودرجة التزامهم الخلقي والديني. ولا شك أيضا أن للعامل الاقتصادي أثر بالغ على العلاقة الزوجية، فالمال له أثر على سعادة الأسرة واستقرارها وارتقائها، وإذا كان مع الوضع الاقتصادي الصعب للأسرة عاملا آخر مثل تدني الوعي أو الانحلال الخلقي فإن الأسرة تصبح في مهب الريح. وما أسس التربية السلمية في العصر الحديث؟ أهمها الثقة، الوعي، الثقافة، الديمقراطية، فلسفة الحياة، التدين الصحيح، التعاون، إدراك حقيقة الحياة، نشر ثقافة التسامح، واحترام الرأي الآخر والحزم في التربية. ولا أقصد بالحزم السلطوية والديكتاتورية، بل الالتزام في القوانين مع الحب بين الأفراد، وأيضا الحرية المسئولة والانطلاق إلى أفاق العلم والمعرفة. وهل أثرت التكنولوجيا الحديثة والهواتف الذكية على الترابط الأسري؟ التكنولوجيا الحديثة بما فيها الهواتف الذكية هي نعمة إذا أحسنّا استخدامها وهي نتاج العلم والاكتشافات التي انتشرت في العالم أجمع، ولا يمكن تجنبها أو التعامل معها بالنبذ أو المقاطعة، تماما مثل التلفزيون الذي تجنبه فئة من الناس في الزمان الماضي بحجة تجنب مساوئه. أما الاستخدام الحالي فقد أثر سلبا على الترابط الأسري، فالأسرة تعيش في غربة مع العلم أن المسافة بينهم هي أمتار أو أقل، والعيب ليس في التكنولوجيا الحديثة بل في الاستخدام. والحل أن يكون هناك المزيد من الوعي بهذه الأجهزة وأهميتها وكيفية وآلية استخدامها، ومع مرور الوقت سيتم هضم هذا المتغير الثقافي ليصبح عنصرا عاديا في حياة الناس. وما الحل لمواجهة مشاكل التفكك الأسري؟ التفكك الأسري ليس مرتبطا فقط بالتكنولوجيا الحديثة، بل مرتبط أيضا بالعلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة والوضع المادي والظروف المعيشية ومكان العمل وساعات العمل وبنية الأسرة، نحن لا نفترض أن التفكك الأسري بين زوجين مثلا سببه التكنولوجيا الحديثة فقط، بل ربما يكون بسبب العادات والثقافة التي تربى عليها كل من الزوجين. كما أن ساعات العمل والغياب عن المنزل لها دور، ولا ننكر أثر الهواتف الذكية التي قربت البعيد وعرفت الناس على بعض وجعلتهم وكأنهم على طاولة واحدة، ولكن مع ذلك إذا كان هناك حب واهتمام بين الزوجين وانتماء وتعاون وعيش مشترك بينهما فلا يمكن أن يكون هناك تفكك أسري، ناهيك عن الوعي الصحي والالتزام الديني، فهذا يجعل من التفكك الأسري أمرا بعيدا. وكيف يتم علاج تلك المشكلة؟ أولا بالوقاية التي تتركز على حسن الاختيار والتخطيط الجيد للأسرة وعدد الأطفال ومستوى الدخل، وفهمهم للعلاقة الزوجية ومفهوم الأسرة والتربية ومشاقها. وثانيا أن يكون هناك صراحة ومصداقية في العلاقة الزوجية، وألا تكون هناك مبالغات في المطالبات المادية والابتعاد عن المقارنات. والأهم من ذلك كله الوازع الديني عند الزوجين، والقناعة، وحسن الخلق وإتباع فنون تربية الأولاد والتغلب على المشكلات الزوجية. وهل يكفي هذا لإعادة الروابط العائلية من جديد؟ إعادة الروابط العائلية من جديد يتم من خلال تصور روحي وديني لهذه العلاقات فهي صلة رحم، وتكافل اجتماعي، وهي رابطة قوية تجمع الناس، لكن كإجراءات لا بد من الوعي في استخدام التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها لصالح التلاحم والترابط الاجتماعي لا للعزلة الاجتماعية، وكذلك تعميم مفهوم النادي والرابطة والديوان الذي يجمع الأقارب والأصدقاء في مناسبات متعددة. وهناك أفكار للقاءات بين الأقارب كالعزائم غير المكلفة ولقاءات التعارف والتشاور، وعمل مجموعات تواصل على تطبيق مثل "واتس آب"، على أن يترجم هذا اللقاء الالكتروني ولو مرة في الشهر في لقاء واقعي يجمع الأصدقاء معا.