حذر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط من أن عدم حل الأزمة السورية بالطريقة الملائمة، قد يجعل أزمة النازحين تدفع في اتجاه صعود أحزاب فاشية جديدة في أوروبا. وتساءل جنبلاط " ما الذي يمكن فعله من قبل الإشتراكية الأوروبية وأصدقائها في الإشتراكية الدولية لمواجهة حقيقة أن دولا أساسية في الشرق الأوسط، العراقوسوريا تنهار؟ ما الذي يمكن فعله للحفاظ على لبنان، الأردنوتركيا ؟ ما الذي يمكن فعله لحماية الوحدة والاستقرار الأوروبي؟"، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط. وجاء ذلك في كلمة لجنبلاط ألقاها اليوم في مؤتمر الأحزاب الاشتراكية الأوروبية، الذي حمل عنوان "العمل معا في سبيل قضية النازحين : خارطة طريق تقدمية للتعاون الأوروبي المتوسطي"، الذي استضافه حزبه بحضور شخصيات سياسية وبرلمانية لبنانية وعربية وأوروبية. وأضاف "أكثر من أي وقت مضى ، فإن موقفا أوروبيا موحدا هو حتمي لمواجهة التحديات المختلفة " ، ودعا إلى التعامل بدقة حيال مخاوف تركيا، خاصة تجاه المسألة الكردية ، وقال "على أوروبا مساعدة الأتراك لإيجاد الحل الملائم للمشكلة الكردية، حل سلمي قائم على الإندماج". وتابع " إن أوروبا ، أو بعض الأطراف فيها ، عليها ألا يتحمسوا لتشجيع أي أنشطة كردية تنتهك السيادة التركية ووحدة أراضيها". ونبه إلى أن عزل روسيا سيخلق حربا باردة جديدة ستعرض للخطر المصالح الأوروبية والمصالح الروسية على حد سواء. واعتبر أن الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1948 ، ومع تدنيس الحرم الشريف ، كل هذا يؤدي إلى الإستنتاج بأن عملية السلام ماتت منذ زمن بعيد، ومعها حل الدولتين. من جانبه ، قال رشيد درباس وزير الشئون الاجتماعية اللبناني ممثل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام " إن الحكومة اللبنانية مازالت متمسكة بسياسة النأي بالنفس عن الصراع الداخلي السوري التي أقرتها الحكومة السابقة وأكدها البيان الوزاري للحكومة الحالية. وأشار إلى أن لبنان قد تحمل أكثر ما تتحمله دول الجوار كلها ، بل أكثر مما تحملته دول العالم، ذلك أن الاحصاءات الدقيقة تدل على وجود مليوني شخص غير لبناني، يعيشون على الأراضي اللبنانية، أي ما نسبته نصف عدد الشعب اللبناني، وبهذا أصبحت الكثافة السكانية تزيد عن 750 شخصا في الكيلومتر المربع الواحد، وأن عدد السوريين المسجلين رسميا في لبنان لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، هو مليون وثمانية سبعون ألف، في حين أن العدد الحقيقي للسوريين يتراوح ما بين مليون و400 ألف ومليون و500 ألف ، مع احتمالات انتقال الصراع السوري إلى صفوف اللاجئين مع ما يستدعيه هذا من أخطار على لبنان بالمعاني والمقاييس كلها. وقال جنبلاط إن البنى التحتية اللبنانية قد أصيبت بتصدع كبير بمجرد استهلاك إمكانياتها في مدة سنتين ، فيما كان متوقعا لها أن تخدم لعشرين سنة قادمة، وإن النمو الاقتصادي قد أصبح سلبيا ، أي ناقص 1 ، والمنافسة غير المشروعة متفشية ، علما أن الدولة اللبنانية لا تحشر اللاجئين في المخيمات ، ولا تفرض عليهم نظما للإقامة وأماكن لها ، فهم أحرار في التنقل داخل الأراضي اللبنانية دون تقييد حركتهم. وأضاف إن عشرين دولة أوروبية قد أصابها القلق من هجرة مئة وعشرين ألف من الأخوة السوريين ، في حين أن قرية لبنانية واحدة اسمها عرسال تستقبل ثمانين الفا. وتابع إن هؤلاء اللاجئين الذين يفرون من صقيع التشرد، إلى دفء أوروبي متخيل، حتى لو كان ذلك عبر العواصف والأنواء في دروب الغرق المحتوم ، لقد طال مكوثهم في هذه الظروف، التي لا تليق بالإنسان، فراحوا يتوهمون أنهم سيبلغون الدفء والأمان في أرض تتمتع بالرفاهية ، ولم يكن هذا ليكون، لولا أن أنظمة الاستبداد قد صحرت أرضهم، وسلبت كرامتهم ثم شردتهم في الجبال والوديان، وتركتهم يتدفأون في عباءات الثلوج". وقال "إن الأوضاع السياسية الصعبة في لبنان، التي تعرفونها جيدا، قد بدأت تعاني من وطأة الوجود السوري في ظل هشاشة في البنية الدستورية ، فإذا استمر الضغط على هذه البنية ، فعلينا جميعا أن نتوقع أن لبنان قد يصبح شبيها بمفاعل ديمغرافي قد ينفجر مثلما انفجر مفاعل تشرنوبيل في القرن الماضي". وطالب بأن يضع العالم ثقله لوقف هذه الحرب، وفرض حل سياسي يصون ما تبقى من العمران السوري والشعب السوري والنسيج المتنوع الغني لهذا الشعب. وقال " إننا نعول كثيرا على إيجاد مناطق آمنة داخل سوريا، برعاية دولية صارمة، كي نقنع الأخوة السوريين بالتشبث بأرضهم، بدلا من لجوئهم إلى التشرد على سطح البحر، وهم يعرضون أنفسهم ليكونوا أطعمة لقروش البحر، بعدما هجرتهم من ديارهم قروش الجو والبر من الدواعش والشبيحة". وأضاف أن الدول المانحة أو أي جهة أخرى مطالبة بالاستثمار في مناطق اللجوء السوري، وفي الداخل السوري، لكي يتمكن هؤلاء البؤساء من انتاج ثمن حياتهم بعرق جبينهم، بدلا من أن ينتظروا منة الصدقات، التي تضمحل شيئا فشيئا بسبب تعب المتصدقين- المشاريع الزراعية- الانتاج الحيواني- الطاقة المتجددة- الصناعات الخفيفة والحرفية". وتابع "علينا أيضا، أن نكون شركاء في الاستثمار البشري، خاصة على صعيد التعليم وعلى وجه أخص لدى الأعمار، التي تسبق الدخول إلى المدارس، لكي نستنقذ أجيالا من المرض والبؤس والضياع. وقال إنه في هذا الصدد فإنني أعلن لكم أن وزارة الشؤون الاجتماعية، قد أطلقت برنامجا بالتعاون مع اليونسف لإقامة حضانات لهؤلاء، تضم فيما تضم أيضا الاطفال اللبنانيين الأكثر فقرا، وبهذا الصدد يسرني الإعلان أن الصندوق الكويتي للتنمية هو أول شركائنا، حيث ستعتمد حضانة نموذجية في منطقة عرسال.