الطيب الصادق في ظل الخلافات بين الفرقاء السياسيين في لبنان حول جملة من المسائل ومنها عدم التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وسط فراغ رئاسي منذ شهر مايو الماضي ، توحدت القوى السياسية و القاعدة الشعبية لمواجهة عدو واحد وهو " الإرهاب " بعد دخول مسلحين من جنسيات مختلفة من سوريا تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" وجبهة النصرة بلدة عرسال الحدودية مع سوريا الواقعة شرق البلاد وجرت اشتباكات طاحنة مع الجيش اللبناني أدت إلى مقتل ما يقارب 14 من عناصر الجيش اللبناني و 86 جريحا إلى جانب فقدان 22 عسكريا بينما قتل العشرات من المسلحين ليسترد الجيش اللبناني بعد ذلك زمام الأمور إثر الانسحاب الكامل الذي فرضه على المسلحين باتجاه الحدود اللبنانية السورية بعد معارك ضارية خاضها بوجه الاف المسلحين وبعد مفاوضات غير مباشرة بين هيئة العلماء المسلمين في لبنان "برئاسة الشيخ سالم الرافعي" ومخاتير عرسال وبعض فاعلياتها وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش" و"جبهة النصرة"، ، على إنهاء المظاهر المسلحة وانسحاب المسلحين من عرسال إلى الأطراف، مقابل تعهد أهل عرسال بعدم المساس بالنازحين السوريين الموجودين في المخيم كما تعهد المسلحون بعدم المساس بالجنود المحتجزين لديهم. تصريحات الفرقاء السياسيين في لبنان تناغمت وتوافقت رغم تنوع ألوانها من المرجعيات الدينية من سنة وشيعة ومسيحيين ودروز وطوائف أخرى لتتفق في ظل تباين سياسي يعطل مسار المؤسسات بالبلاد ، على دعم الجيش اللبناني سياسيا وماديا وترك خلافاتها جانبا، ليعكس هذا الانتصار السياسي قبل انتصار الجيش علي الإرهاب ليخرجه من الأراضي اللبنانية وتغيب النعرات الحزبية والطائفية وغابت التصنيفات والاتهامات المضادة بين الفرقاء الكبار قوى (14 آذار)، وعلى رأسها "تيار المستقبل"، و قوى (8 آذار) وابرزها "حزب الله" ، وكانت مواقف النائب سعد الحريري رئيس تيار المستقبل ورئيس الوزراء الاسبق الذي عاد إلي لبنان الأسبوع الماضي لأول مرة بعد أن تركها منذ ثلاث سنوات لدواعي امنية متناغمة مع تصريحات النائب وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمى الإشتراكى اللبنانى فضلا عن مطابقتها لمواقف أمين الجميل الرئيس اللبناني الأسبق ورئيس حزب الكتائب و تمام سلام رئيس الحكومة الحالية كما أيد ذلك حزب الله لكن المفارقة أن كتلة المستقبل التي يتزعمها سعد الحريري تؤيد الثورة السورية ولكن موقفهم جاء مؤيدا للجيش اللبناني ضد المسلحين القادمين من سوريا كما أن الحريري كان له دورا بارزا في حصول الجيش اللبناني علي دعم مالي من السعودية بقيمة مليار دولار ليتوافق كل ذلك مع تصريحات وليد جنبلاط الزعيم الدرزي الذي أكد بأن التضامن مع الجيش اللبناني فوق كل اعتبار وخلاف داخلي أو نقاش عقيم وهي مهمة السياسيين والمرجعيات لمواجهة الفكر التكفيري. ورغم أن قلة من نواب البرلمان اللبناني حمل حزب الله مسئولية القتال في عرسال نتيجة لتدخله ومناصرته لقوات بشار الأسد والدخول في الصراع السائد في سوريا ومن هؤلاء النائب محمد كبارة والنائب خالد ظاهر ، لكن القاعدتين الشعبية والرسمية التفت حول الجيش اللبناني واتفقت مع جميع القوي السياسية لدحر هذه القوات خارج لبنان واعتبار سوريا أرض المعركة وليست لبنان . الوضع الراهن في لبنان يشير إلي وجود مفاوضات غير مباشرة تقوم بها هيئة علماء المسلمين في لبنان للإفراج عن أكثر من عشرين مخطوفا من جيش وأمن داخلي لبناني لدى الجماعات المسلحة لكن تتضمن مطالب المسلحين الإفراج عن إسلاميين موقوفين في سجن رومية بلبنان أو محاكمتهم خلال أسبوعين و الإفراج عنهم والمطالبة بالإفراج عن ستة موقوفين خطرين لدى الجيش اللبناني ، إلى جانب إبقاء الطريق حرة وخالية من أي حاجز للجيش اللبناني بين مخيم النازحين السوريين في عرسال والمدينة وكذلك الجرود . ويبقى السؤال هل سيكون توافق اللبنانيون حول الجيش خارطة طريق تؤسس لمرحلة قادمة جديدة في لبنان تساهم في حلحلة مختلف القضايا السياسية بالبلاد في ظل الفراغ الرئاسي وقرب انتهاء ولاية البرلمان الحالي في شهر نوفمبر القادم؟