دعا مدير "مركز الأهرام للنشر: محمد الشاذلي المجتمع المدني في مصر إلى الاضطلاع بدور من أجل دعم القراءة، والنشر في مصر. وقال الشاذلي، الذي تولى إدارة المركز قبل نحو عام: إن المركز أصدر خلال عام 21 كتابا في فنون معرفية متعددة ربما أبرزها في تصوري هو إصدار روايات في سلسلة لم تعرفها مؤسسة الأهرام من قبل هي سلسلة "روايات الأهرام". وأضاف إنه أراد الاستفادة في تلك السلسلة من توجه الذوق العام في أوساط القراء إلى الرواية في السنوات الأخيرة في مصر، وربما واجهتنا مشكلة الاحتكار، فبعض دور النشر التي عملت في المجال قبل سلسلة روايات الأهرام التي صدرت نهاية العام 2014 سجلت عقود احتكار مع الأدباء البارزين في مصر، ومنهم يوسف زيدان، بهاء طاهر، محمد المخزنجي، والراحل جمال الغيطاني، وإبراهيم عبد المجيد، وميرال الطحاوي، وعلاء الأسواني، وأحمد مراد، وغيرهم وتابع" ورغم ذلك استطعنا التعاقد مع محمد ناجي على روايته "قيس ونيللي" وسلوى بكر على روايتها "شوق المستهام" والمخزنجي نفسه ولكن في كتاب غير قصصي هو "مساحة صغيرة للدهشة". وأوضح الشاذلي قائلا: "قررنا التوجه إلى أسماء مهمة خارج هيمنة مركزية القاهرة مثل محسن يونس الذي نشرنا له "خرائط التماسيح" وعبد الحميد البسيوني وروايته "أن تكون في نجريللي" والكاتب المهاجر إدوارد فيلبس جرجس "الروح الرابعة". وأضاف" كما أصدرنا كتبا سياسية لرفعت السعيد وعاطف الغمري والسيد ياسين وماهر مقلد وهاني نسيره وهاني عبد الله وعبد الغفار شكر، وكتبا في المعرفة مثل "نبوءة آمون" لخالد الغمري و"الطب وعلماؤه في الحضارة الإسلامية" لمحمد رضا محمد عوض، وفي التنمية البشرية "اصنع نجاحك واهزم الفشل" لنجلاء محفوظ و"التعليم في مصر" لأحمد دويدار البسيوني". وتابع" هذا إضافة إلى كتب في المذكرات والاعترافات والتجارب مثل "حوارات نجيب محفوظ" لمحمد سلماوي و"مذكرات ماجدة الصباحي" للسيد الحراني، كما استعدنا التعاون مع البنك الدولي وأصدرنا أحد أهم كتبه "عوائق استرداد الأموال" وقريبا سنصدر له "الطريق إلى النتائج"، أما عبد الغفار شكر فقد أصدرنا له كتاب "منظمة الشباب الاشتراكي" في تعاون يتم لأول مرة بين مركز الأهرام للنشر ومركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، وهذا نشاط جديد للمركز حيث نقترب من توقيع اتفاق التعاون مع مكتبة الإسكندرية، ومركز سلطان بن زايد أبو ظبي لنشر كتب مشتركة ستكون في غالبيتها حتى الآن كتبا أجنبية. وأوضح الشاذلي أن توسع مركز الأهرام للنشر يخضع لمسارين الأول هو ملاحقة اهتمامات سوق النشر والذائقة العامة للقارئ، والمسار الثاني هو التركيز على الكتب المعرفية والتنويرية. وعن أبرز مشكلات النشر في مصر، قال محمد الشاذلي مدير "مركز الأهرام للنشر" إن أهم المشكلات ارتفاع أسعار الورق والأحبار، وبالتالي تكلفة الكتاب ما يؤثر على سعر الغلاف الذي يأتي بالضرورة مرتفعا، وبالنسبة لدار نشر مثل مركز الأهرام فإننا لا نستطيع أن نصل بسعر الكتاب إلى سعر المؤسسات الحكومية العاملة في مجال النشر، نحن نظل في إطار أسعار المؤسسات الخاصة وبالتالي عدم الوصول إلى قطاعات عريضة من القراء المصريين". وأشار إلى أن المشكلة الثانية تتمثل في التوزيعن فمؤسسات التوزيع تتحكم في عرض الكتب أو توصيلها بأمان إلى المخازن لتباع بالكيلو بعد ذلك، ولا يوجد متخصصون أو دارسون للتسويق وحركة البيع حتى يمكن تفادي الوصول إلى المخازن "الباردة". وقال" الكتاب مثل الدواء إذا لم تكن هناك صيدليات كافية أو نشيطة، فإن مصانع الدواء ستغلق لأنها أنفقت كثيرا على الأبحاث، والإنتاج، وقارىء الكتاب ليس كالمريض بطبيعة الحال، والذي يمكن أن يمسح أحياء عدة للبحث عن الدواء إذ يجب أن تهتم وكالات التوزيع بإيصال الكتاب إليه، فالتوزيع في وسعه قتل الكتاب أو الترويج الجيد له من خلال إقامة معارض في المحافظات والجامعات والمدارس، وتعديل سعر الكتاب مثلا كل بضعة أشهر حتى يصل بالسعر إلى أدنى رقم ممكن في نهاية عام الإصدار مثلا لتشجيع بيعه". وأشار إلى أن المشكلة الثالثة تتمثل في الإلحاح الذي يبديه بعض المؤلفين من دون احترام قواعد النشر لدرجة أن البعض يظن أن علينا أن نستلم منه الكتاب ونبعث به للمطبعة فورا، وهي مشكلة تختلط فيها المجاملة بالرداءة وسوء الظن، ولكن نحن نقف ضد هذا تماما ونطبق القواعد لكنها تظل مشكلة. وعما إذا كان يتفق مع الرأي القائل بأن المصريين لم يعودوا يقرؤون، قال محمد الشاذلي مدير "مركز الأهرام للنشر": "ربما لم يعد المصريون بوسعهم شراء الكتاب بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة حيث تقفز اهتمامات أخرى، ولكن لابد أيضا من مواجهة حقيقية عدم قدرتنا على مكافحة الأمية العامة والأمية بين المتعلمين طوال عقود..فالأمية العامة والتسرب من التعليم بسبب الفقر والزيادة السكانية وعدم ردع الظاهرة أزمة بالغة التعقيد. وأضاف" وأيضا أمية المتعلمين الذين لم يقرأ معظمهم كتابا خارج مقررات التعليم، وهذا ليس رفاهية فالأمة المتعلمة القارئة من الصعب خداعها، والأكيد أنه من اليسير أن تقبل الأمة المتعلمة القارئة التغييرات الحادثة في المجتمع والسياسة فالجهلة فحسب هم من يقاومون التغيير ويخافون منه، وهم من يحبون الفوضي، ولن نتقدم إلا بالقراءة والمعرفة وقد نظل من دونهما ضحايا المتاجرين بالدين وبالشعارات الزائفة". وعن مدى تأثير وسائط النشر على الإنترنت على حجم مبيعات الكتب، قال الشاذلي: "إن تلك الوسائط تؤثر بلا شك، ولكن ليس بنسبة كبيرة فالمصريون مازالوا يتخوفون من وضع حساباتهم المالية على الإنترنت بغرض الشراء، ورغم ذلك نتمني كدور نشر زيادة المبيعات عن طريق الإنترنت". وأضاف" أما وسائط النشر على الإنترنت، واستخدامها لقراءة الكتب من دون مقابل فالكتب غير موجودة من دون مقابل فقط ملخصات..اللهم إلا كتب التراث، ولكن نلاحظ أن وسائط المعرفة والمعلومات المتنوعة على الإنترنت تؤثر على حركة بيع الكتب بصفة عامة، فالانتشار غير المحدود للفضائيات يبتلع الوقت المتاح للقراءة أوالترفيه والهوايات، فالقراءة ظلت سنوات طويلة هواية الكثيرين ولم تعد كذلك أما تغول الفضائيات "المريحة" للأعصاب بدلا مما قد يثيره قراءة كتاب للتحفيز على التفكير وشغل الذهن". وأشار الشاذلي إلى أن الروايات، والكتاب الديني يتصدران مجال القراءة من حيث الرواج في السوق المصري. وعما إذا كان مركز الأهرام للنشر يعمل وفقا لآليات السوق، كدور النشر الخاصة، أم أنه يعتمد على دعم مؤسسة الأهرام، قال الشاذلي "رغم الدعم الذي تقدمه المؤسسة فإننا في مركز الأهرام للنشر نعمل بمقاييس السوق كدور النشر الخاصة لأن الأهرام ليست مؤسسة حكومية كما يظن البعض ونخضع لمعايير الربح والخسارة، ولا يمكنني الآن التحدث عن ربح لأن حركة بيع الكتاب بطيئة ويكفي أن المؤسسة تدعم النشر والطبع والتوزيع أولا لأننا أحد مراكز الأهرام المتخصصة ويجب أن نعيد لمركز النشر البهاء القديم، وهو ما أظن أننا فعلناه، وثانيا لأن للأهرام دورا ثقافيا ورياديا لا ينبغي أن تتخلي عنه حتى في أحلك الظروف". وعن رأيه في تعدد دور النشر الحكومية، قال الشاذلي: "مركز الأهرام للنشر ليس تابعا للحكومة لأن المؤسسة كلها وكل المؤسسات الصحفية القومية ليست مؤسسات حكومية..هي مؤسسات مستقلة تساندها الحكومة، وهو وضع أتمني تغييره لتصبح مؤسسات خاصة أو مستقلة عن جدارة، أما الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهيئة الكتاب والمركز القومي للترجمة فهي مراكز تابعة لوزارة الثقافة، والأفضل أن يكون النشر في وزارة الثقافة في مركز نشر واحد كهيئة الكتاب مثلا؛ لأن المراكز المتعددة ليس لها معنى وإهدار للمال العام". وعن رأيه في إذا ما كان دخول آليات السوق في موضوع النشر مفيد للمعرفة، ونشر القراءة، قال الشاذلي: "المسألة معقدة لأنه لو ترك الأمر لآليات السوق وحدها فإن الكتاب سيكون مرتفع الثمن جدا بسبب ارتفاع أسعار الورق وتكاليف الطباعة والتوزيع وبالتالي تزدهر صناعة تزوير الكتاب". وأضاف" من الضروري البحث عن وسائل لدعم الكتاب من أجل المعرفة ونشر القراءة، الدعم الحكومي ودعم جهات خاصة، وانتشار المؤسسات المانحة لجوائز للناشرين، ودعم القراءة نفسها عن طريق إتاحة الفرصة للمصريين للقراءة في أماكن تجمعاتهم كمراكز الشباب والنوادي والمدارس، وأن تكون هناك ميزانيات في هذه الجهات لشراء الكتب، وإتاحتها للقراءة المجانية المهم للقارئ أن يجد الفرصة لقراءة الكتاب وليس اقتنائه، وأيضا هناك دور مهم يجب أن تمارسه مؤسسات المجتمع المدني". وعن خططه المستقبلية بالنسبة للمركز، قال الشاذلي: "البحث عن عناوين وموضوعات أكثر جاذبية وأسماء مؤلفين أكثر بريقا لأن البيع يشغلنا جدا ومساعدة إمبراطورية التوزيع في حلول وأفكار جديدة للوصول بالكتاب إلى القارئ".