قال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب إنَّ مجلس حكماء المسلمين -الذي يترأسه- تكوَّن من عامين تقريبًا، وهو يضم عددًا من عُلَماء الأمَّة وخُبَرائها من كافة الدول العربية والإسلامية كماليزيا وإندونيسيا، ومهمة هذا المجلس هي المساهمة في كسرِ حدَّة الاضطراب والاحتراب التي سادت مجتمعاتٍ كثيرةً من الأمَّة الإسلاميَّة، والحد من اتِّساع نِطاق استباحة حُرمة الأنفس والأعراض والأموال، وما يُحدِثُه كلُّ ذلك من آثارٍ نفسيَّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة وسياسيَّة تَفُتُّ في عَضُدِ الأمَّة بما يُنذِر بتفتُّتها والإمعان في تقسيمها. وأضاف فضيلته في حديثه الأسبوعي غدًا الجمعة على الفضائيَّة المصرية: "المنطقة الآن ومنذ ثلاث سنوات تمر بظروف غاية في الصعوبة وفقدان السلام، وهذا المجلس أنشئ لنشر السلام في العالم، وكان له أكثر من اجتماع دوري، وكان له اجتماع في قلب أوروبا في فلورنسا وتكلمنا فيه عن السلام وما تتميز به شعوبنا من أنهم أصحاب حضارة ويستحقون العيش في سلام وأمان كما تعيش الشعوب الأوروبية والشعب الأمريكي والياباني والروسي، وكان لنا صوت في مجلس اللوردات في لندن، وفي الأسبوع القادم سيكون لنا محاضرة في البرلمان الإيطالي بغرفتيه تدور كلها حول مسألة السلام"، مشيرًا إلى أن الاجتماع الأخير لمجلس حكماء المسلمين بالعاصمة الأردنية عمان في يوم 8 أكتوبر 2015م الذي ناقشنا فيه الممارسات العدوانية وغير المتحضرة والهمجية ضد بيت المقدس من الكيان الصهيوني. وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن الكيان الصهيوني يستغل انشغال بعض البلدان العربية بما يحدث فيها من اضطرابات داخلية ومواجهات زرعت زرعا في بعضها لتنشغل بحالها، وانتهز هذا الكيان هذه الفرصة وبدأ يتوسع في احتلال المسجد الأقصى، وقسمه زمانيا والآن يريد تقسيمه مكانيا، بحيث يكون هناك مكان دائم لليهود وآخر للمسلمين، ونحن اجتمعنا وعبرنا عن صوت المسلمين جميعا في العالم بأن هذا التصرف الهمجي مرفوض، وأن علي الكيان الصهيوني ألا يعتقد أن انشغال العالم العربي ببعض القضايا الأخرى قد ينسيه المسجد الأقصى وحرمته في قلب كل مسلم، وهم واهمون إن ظنوا هذا، وعليهم أن يعلموا أن بيت المقدس في قلب كل مسلم من المليار ونصف مسلم في العالم. وقال فضيلته: إن مجلس حكماء المسلمين أكد خلال الاجتماع أن الاعتداءات والانتهاكات الصارخة التي يقوم بها الكيان الصهيوني في باحات المسجد الأقصى "الحرم الشريف"، وبالأخص الممارسات العدوانية التي يقوم بها جنود الاحتلال منذ 23أغسطس2015م، تعد انتهاكاً واضحاً للقيم الإنسانية والمبادئ الدينية، بل وتعد كذلك انتهاكاً صريحاً لمبادئ القانون الدولي وكافة القرارات الدولية فضلاً عن كونها تعدياً مفضوحًا ضد حرية أداء الشعائر التعبدية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأممالمتحدة القرار رقم (217) لعام 1948م، وأن جميع هذه الممارسات والعمليات الإجرامية وعمليات الحفر التي تجري على قدم وساق أسفل وفي محيط المسجد الأقصى "الحرم الشريف" في ظل تسويق خرافة الهيكل المزعوم، هي جزء من خطة التهويد والتي بدأ التخطيط لها منذ زمن بعيد، والتي اتضحت معالمها من خلال إجراءات انتزاع ملكية أكبر مساحة ممكنة من أراضي السكان الفلسطينيين لخلق وضع جديد من الجغرافيا السياسية لمدينة القدس، وكذا من خلال بناء المستوطنات اليهودية، وإجلاء السكان الأصليين لفرض واقع ديموغرافي جديد، وإحداث خلخلة سكانية في القدس بشقيها لتكون الأكثرية فيها للمحتلين اليهود بحماية جيش الاحتلال، وهم بذلك يريدون أن يغيروا تركيبة السكان وجغرافية القدس الشريف، وإن شاء الله لن يتم لهم ذلك، ونحن ناشدنا العالم الحر والمؤسسات الإسلامية والعربية بأن يكون لها موقف موحد. وأضاف فضيلة الإمام الأكبر "مشكلتنا أننا متفرقون، وأن الكيان الصهيوني كيان متحد ومتفق، وكفانا شجبا ورفضا واجتماعات لا ينتج عنها إلا بيانات لا يعبأ بها الكيان الصهيوني ، وعلى الجامعة العربية أن تعمل على لَمِّ الشمل الفلسطيني، وأن تضع هذه المشكلة نصب أعينها، وتتفرغ تماما لتعود فلسطين كيانا متحدا في موجهة الكيان الصهيوني المتحد، كما يجب على منظمة التعاون الإسلامي أن تبادر لبحث الوحدة بين العالم الإسلامي"، مؤكدًا ضرورة توحد العالم العربي، والاقتداء بالاتحاد الأوروبي الذي تستقل فيه كل دولة بحاكمها ونظامها وتتنوع دياناتها وثقافاتها، بخلاف العرب فعندهم من وسائل الوحدة ربما أكثر بكثير من أي اتحاد، فعندنا لغة واحدة، ودين واحد، وجنس عربي واحد، وثقافة واحدة، فلماذا لا نتحد؟! هذا شيء عجيب ومحزن . وأوضح فضيلته أن اجتماع مجلس الحكماء بالأردن الاجتماع ركز على أهمية وحدة الصف العربي ووحدة العالم الإسلامي، مشددًا على أن الوحدة لا تعني أن يكون للكل حاكم واحد، فهذا لا يمكن أن يتحقق الآن، وإنما يكون هناك هدف موحد متفق عليه من الجميع، مؤكدًا أنه قد آن الأوان لأن تكون وحدة العالم العربي هي الهم الأول والأخير لجامعة الدول العربية، وكذلك يجب لَمُّ الشمل الإسلامي بحيث يكون ذلك هو الهم الأكبر لمنظمة التعاون الإسلامي، لافتا إلى أن بيانات الشجب والرفض أصبحت روتينية، فإلى متى يصدر من جانبنا كلام وبيانات، ومن الجانب الصهيوني عمل على الأرض وتغيير لجغرافيا المكان وتغيير لتركيبة السكان واستيلاء على مسجد من أهم وأقدس مساجد المسلمين. واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه قائلا: "نريد مرحلة جديدة بعيدة عن بيانات الإدانة والاستنكار، ونسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا فيها إلى لمِّ شمل الأمة، أمة الرحمة والسلام". يذكر أن حديث فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف يذاع على الفضائية المصرية عقب نشرة أخبار الساعة الثانية ظهراً من كل يوم جمعة.