حوار | رئيس القوى العاملة بالنواب: معركة البناء والتنمية التي يقودها الرئيس عبور ثان نحو الجمهورية الجديدة    الديهي: جيل كامل لا يعرف تاريخ بلده.. ومطلوب حملة وعي بصرية للأجيال    ماكرون يكشف تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    منتخب مصر يخوض مرانه الأول استعدادًا لمواجهة جيبوتي| مشاركة 19 لاعبًا    المشدد 3 سنوات لسائق بتهمة حيازة سلاح ناري بالجيزة    المؤلف محمد سيد بشير عضو لجنة تحكيم مهرجان نقابة المهن التمثيلية المسرحي    عمران القاهرة.. بين السلطة الحاكمة ورأس المال وفقراء الشعب    "الغرف السياحية": الاستثمارات الفندقية تستهدف جذب 30 مليون سائح    اليوم العالمي للمعلمين 2025.. دعوة لإعادة صياغة مهنة التدريس    ماذا قال الجيش اللبناني بعد التحقيق مع فضل شاكر؟    اجتماع ل «قيادات أوقاف الاسكندرية» لمتابعة ملحقات المساجد والمستأجرين (صور)    «هفضل أدافع عن الأهلي».. شوبير يوجه رسالة لجماهير الزمالك قبل برنامجه الجديد    500 شاب وطفل من ذوي الهمم يشاركون في القافلة المجتمعية لوزارة الشباب بالمنيا    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الأحد 5102025    تعرف على حالة الطقس فى أسيوط غدا الاثنين 6102025    لينك تحميل تقييمات الأسبوع الأول للعام الدراسي 2025-2026 (الخطوات)    المشدد 10 سنوات ل شقيقين بتهمة الشروع في قتل شخص آخر بالمنيا    تفاصيل جديدة في واقعة الفعل الفاضح على المحور    لمستفيدي تكافل وكرامة والأسر فوق خط الفقر.. رئيس الوزراء يصدر قرارًا جديدًا    «إوعى تآمنلهم».. 3 أبراج أكثر مكرًا    تامر فرج عن وفاة المخرج سامح عبد العزيز: معرفتش أعيط لحد ما غسلته (فيديو)    بطولة منة شلبي وكريم فهمي.. التحضيرات النهائية للعرض الخاص لفيلم هيبتا 2 (صور)    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    أذكار المساء: دليل عملي لراحة البال وحماية المسلم قبل النوم    مظهر شاهين عن «الفعل الفاضح» بطريق المحور: التصوير جريمة أعظم من الذنب نفسه    هل يجوز استخدام تطبيقات تركيب صور الفتيات مع المشاهير؟.. أمين الفتوى يُجيب    «مستشفى 15 مايو التخصصى» تتسلم شهادة دولية تقديرًا لجودها في سلامة المرضى    وكيل وزارة الصحة يتفقد مستشفى كفر الشيخ العام ويؤكد: صحة المواطن أولوية قصوى    ارتفاع بورصات الخليج مدفوعة بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    أحمد عابدين يخطف الأضواء بعد هدفه في شباك شيلي بتصفيات كأس العالم للشباب    سامح سليم: لا أملك موهبة التمثيل وواجهت مخاطر في "تيتو" و"أفريكانو"    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    ارتفاع حصيلة ضحايا الانهيارات الأرضية والفيضانات في نيبال إلى 42 قتيلا    جامعة بنها الأهلية تنظم الندوة التثقيفية احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر المجيد    «القاهرة الإخبارية»: لقاءات القاهرة ستركز على تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    ضبط سيارة محملة ب 5 أطنان دقيق بلدى مدعم قبل تهريبها بإدفو    هل يشارك كيليان مبابي مع منتخب فرنسا فى تصفيات كأس العالم رغم الإصابة؟    إيمان جمجوم ابنة فيروز: اختلاف الديانة بين والدى ووالدتى لم يسبب مشكلة    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    مستشفى الغردقة العام تستقبل الراغبين فى الترشح لانتخابات النواب لإجراء الكشف الطبي    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    أفشة: مشوار الدوري طويل.. وتعاهدنا على إسعاد الجماهير    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    رسميًا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر أكتوبر 2025    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    وزير الدفاع الإسرائيلي: 900 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة نحو جنوبي القطاع    عشرات الشهداء في 24 ساعة.. حصيلة جديدة لضحايا الحرب على غزة    شوبير يعتذر لعمرو زكي بعد تصريحاته السابقة.. ويوضح: عرفت إنه في محنة    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد الفاضل صاحب مدرسة المشاغبين
نشر في محيط يوم 26 - 09 - 2015

قال له نجيب محفوظ : قلت لهم فى الحلم .. أنك تستحق نوبل !
سر صداقته بالنجم الأسمر أحمد زكى !الفارق بينى وبين أعظم كاتب ساخر أنه مات .. وأنا على قيد الحياة !مدرسة المشاغبين .. لم تكن موعده الوحيد مع الشهرة !
على مقهى ريش فى وسط القاهرة . تفتحت عيناى على الدنيا التى عشت فيها معظم سنوات العمر .
وعلى موائد هذا المقهى القديم الذى بنى فى نهاية القرن التاسع عشر تعرفت إلى رموز الثقافة والفكر والأدب والصحافة فى مصر والعالم العربى . شخصيات نادرة أثرت الحياة بعطائها وكان لها فى نفسى عظيم الأثر . كل بتأثير خاص .
فى مقهى ريش تكونت شخصيتى . من خلال معرفتى وصداقتى بتلك الرموز الكبيرة . مثل العم نجيب محفوظ وعباس الأسوانى وأمل دنقل ونجيب سرور . وغيرهم من مشاهير وكبار الأدب والفكر والفن .وفى مقهى ريش التقيت قبل حوالى ثلاثين عاماً لأول مرة بصديقى الكاتب المسرحى الشهير على سالم .
الذى اشتهر وعرفه الناس فى مصر والعالم العربى بأنه مؤلف مسرحية " مدرسة المشاغبين " . والتى قام ببطولتها عددمن نجوم الفن والكوميديا . على راسهم عادل امام وسعيد صالح والراحل الجميل أحمد زكى .
فى بداية مشوار الفنى .لكن الحق أن مسرحية " مدرسة المشاغبين " لم تكن أول أعمال على سالم المسرحية . الذى جاءته الشهرة على مراحل . منذ عام 1970 عندما ظهرت له مسرحية " إنت اللى قتلت الوحش " ثم " عفاريت مصر الجديدة " التى عرضت على المسرح القومى .
وبعدها وفى نفس الوقت " مدرسة المشاغبين " على مسرح الفنانين المتحدين فى وقت واحد .ومن البداية أسرنى هذا الرجل " الدمياطى" نسبة إلى محافظة دمياط ذات الطابع الخاص . والتى جاء منها وعاش فيها سنوات طفولته وصباه وشبابه وبهرت بعلى سالم العملاق ضخم الجثة صاحب الصوت الجهورى وروح المرح التى لا تفارقه أينما ذهب أو ظهر .
وعرفت منه فيما بعد أنه بدأ الكتابة وهو طفل صغير فى المدرسة الابتدائية بدمياط . عندما كان مدرس اللغة العربية فى المدرسة يطلب منه ومن بقية تلاميذ الفصل أن يحفظوا كل اسبوع 20 سطراً من أى كتاب .
قال لى على سالم : " فى المدرسة الابتدائية فى دمياط تعلمت الكتابة . وتعلمت حرية الاختيار. وعشقت دمياط التى هى يابان مصر . والمدينة المصرية الوحيدة التى لا يوجد فيها أمى لا يقرأ ولا يكتب .
والمؤكد أن على سالم قد عشق دمياط لكن الأكثر تأكيداً أن المسرح كان عشقه الحقيقى الأول والأخير .
ورغم أنه برع واشتهر منذ سنوات فى كتابة المقال الساخر . إلا أن الصحافة كانت لدى على سالم دائماً " وسيلتى للبقاء على قيد الحياة ". وكانت الصحافة أيضاً وسيلته لممارسة المسرح بعيداً عن خشبة المسرح وكواليسه .
قدم على سالم أول أعماله المسرحية " الناس اللى فى السماء الثامنة " فى العام 1965 . وكانت مسرحيته عن كوكب غير الأرض . أصدر قوانين بمنع الحب . وكانت تجرى لسكان الكوكب عمليات جراحية لاستئصال وازالة الحب من أمخاخهم . ثم بدأ القبض على بعض سكان الكوكب الذين خالفوا هذا القانون .
وقد أعاد على سالم كتابة هذه المسرحية وصدرت بعنوان آخر هو " كوكب حواء "كانت مسرحية " كوكب حواء " فى تلك الفترة من منتصف الستينات مفاجأة للشباب من هواة المسرح وربما كانت مفاجأة لمؤلفها نفسه . فقد عرضت فى 42 مسرحاً من مسارح الثقافة الجماهيرية فى عام واحد . ونجحت هنا وفشلت هناك .
لكن المؤكد أنها كانت بداية تنافس شباب المسرح حول " مسرح على سالم " . وفى تلك الفترة وبعدها كان من الصعب أن تجد ممثلاً أو مخرجاً مسرحياً لم يلعب دوراً فى مسرحيات عالم سالم التى تلت ذلك مثل "البوفيه" أو "أغنية على الممر" وغيرهما .وقد كانت لى مع على سالم أيام جميلة . بعد أن وطدت السنوات صداقتنا . واصبحت واحداً من رواد الأماكن القاهرية التى اشتهر بالتواجد فيها والتى كان يسمى كل مكن منها " المقر " .
وهى بعض المقاهى أو صالات الشاى فى فنادق القاهرة . لكنى عرفت فيما بعد أن المكان الوحيد الذى يعشقه هو مدينة " راس البر " الصغيرة . ذلك المصيف القديم المطل على البحر . ولأن على سالم الفنان لا يخلو من لمسات الجنون .
فقد حدث أكثر من مرة أن قاد سيارته وأنا معه إلى داخل مياه البحر . وكنا نجلس بالساعات داخل السيارة التى تصبح وكأنها سفينة صغيرة . تلطمها مياه وأمواج البحر المتوس من كل جانب . ونحن جالسين فى صمت نستمع إلى موسيقى " بيتهوفن " أو " شوبان " من مسجلة السيارة !فى " راس البر " وحدها يتنفس على سالم بطريقة حقيقية ويقول بصوت مؤثر " لا استطيع الزعم بأننى عاشق لأماكن محددة فى القاهرة .
ليس بقدر عشقى لمنطقة الجربى فى راس البر وقهوة دعدورة هناك .وفى رأس البر ودمياط عرف على سالم صداقاته الحقيقية . مع أصدقاء عمره سعد حسنين والحاج محمد العيسوى . الذين كان يجد لديهما الدفء الانسانى الحقيقى .
واكتئاب الفلاسفة والمبدعين !لكن إذا سالت " من صنع شخصية على سالم " أجابك بلا تردد : " لا يوجد شخص محدد لكن كان هناك دائماً من كان لهم أعظم تأثير على نفسى وحياتى . أبى وامى وأصدقائى وكبار الكتاب الذين قرأت لهم . وشخصيات أخرة من رؤسائى فى الأعمال العديدة والغريبة التى عملت بها فى بداية حياتى منذ عام 1950 .
سواء فى شركة أتوبيسات خطاب فى دمياط . أو فى الصيف الذى تلى ذلك حين عملت كمدير حركة فى شركة " الطفطف " فى رأس البر !ورغم الشهرة العريضة التى نالها ككاتب مسرحى . إلا أنه يعتز كثيراً بمقولة الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين . الذى قال بعد أن شاهد مسرحيته " سهرة مع الضحك والتى قام ببطولتها الفنان نور الشريف .
"هذا تعاون بين فتى الشاشة الأول . وفتى المسرح الأول "!ذات يوم سألت صديقى على سالم : كيف ترى الفارق بينك وبين الكاتب الساخر آرت بوشوالد؟ رد على الفور باسلوبه الساخر : الفارق الأول أنه مات وأنى لم أزل على قيد الحياة .. وهناك فارق آخر هو أن السيد بوشوالد لم يكن يعرف اللغة العربية أما على سالم فهو يكتب أحياناً باللغة الانجليزية .. لكنى أعتبره من أهم " الكتاب المرحين " . وقد كان قادراً على ابتكار اسلوب خاص فى الكتابة المرحة . اسلوب جاد للغاية وضاحك للغاية .
أما مقالاتى الصحفية فأعترف أن بعضها تعليق مباشر على الأحداث . لكن أكثرها لا ينطبق عليه وصف المقالات . بل الأكثر تحديداً وصف " قطع " وهى نوع من العمل الفنى المقروء . وظيفته اثارة خيال القارىء وتحويله إلى " شبه متفرج " .
وهذا نوع من الكتابة ليس دائماً فى متناول الكاتب. لكنى أشهد لآرت بوشوالد أن هذا النوع من الكتابة كان دائماً فى متناول قلمه .وكان ولايزال بالطبع هناك أصدقاء من الوسط الفنى والأدبى كثيرين لعلى سالم . وكثيراً ما كنت أذهب للقائه فأجد الفنان الأسمر الراحل أحمد زكى قد سبقنى وكانت علاقتهما وثيقة .
وكان على سالم يرى أن هذه العلاقة فيها الانسانية أكثر من الابداع الفنى . كان يحب فى أحمد زكى شخصيته الانسانيى قبل شخصية الفنان والمبدع . وكان أحمد زكى يستشيره دائماً فى أية متاعب درامية تواجهه سواء فى الأعمال الفنية أو فى حياته الشخصية . وكان الاثنان دائماً يحلمان " بما هو أجمل وأروع " .
لكن على سالم كان شخصية أساسية فى ندوة " نجيب محفوظ " الاسبوعية . وكان نجيب محفوظ يحبه . وخلال الفترة التى كان صاحب نوبل يكتب فيها أحلامه . فاجأ صديقه على سالم بأنه حلم بحلم لم ينشر وإن كان بعض الأصدقاء فى الندوة قد سجلوه .
فقد قال له نجيب محفوظ : حلمت أنك تركب مركباً متجهة إلى أمريكا الجنوبية . وأنت تمتطى ظهر جمل فوقها . وفى مشهد آخر حلمت بأن الشيخ مصطفى عبد الرازق قد حصل على جائزة نوبل فقلت لهم " على سالم هو الذى يأخذها حتى يتمكن من الدفاع عن مصر "!ويتذكر على سالم نجيب محفوظ كثيراً . ويرى أنه أعظم كاتب مصرى ذو حس فكاهى رغم كل صرامته . وأنه لم يلتقى طوال حياته بشخص أعلى فى روح المرح أو قادر على ابداع " إلافيه الفكاهى" أكثر من نجيب محفوظ . " ألا تأتى روح المرح الحقيقة من التناول الجاد للحياة ؟ . لقد كانت جلستى الاسبوعية مع نجيب محفوظ متعة محققة . لكن فى آخر سنواته كنت أشعر أننا نعذبه . فقد هاجمته الشيخوخة واصبح عاجزاً عن السمع والرؤية .
وأذكر قبل رحيله بسنوات قليلة أن قال لى : حلمت يا على أننى وأنت نشترك فى كتابة سيناريو .
فرددت عليه على الفور : يا أستاذ .. ألا تتذكر حضرتك كم كان أجرى على هذا السيناريو .. فى الحلم؟! حتى اليوم قدم الصديق على سالم 25 عملاً مسرحياً ل 20 كتاباً .
ومئات ربما آلاف من المقالات الصحفية الساخرة . وكتب لمعظم الفرق المسرحية وللتليفزيون وللسينما . هذا غيراعمال عديدة لم تر النور حتى الآن.لكنه فى المقابل أثار ضجةهائلة فى العالم العربى .
حين فاجأ الجميع ذات صباح وهو يقود سيارته القديمة الشهيرة متجهاً إلى اسرائيل باحثاً عن حلم السلام .لكن هذه حكاية أخرى . قد يتسع لها كتاب .
وليس مقال من صفحتين !فإلى لقاء .مع ذلك الكتاب . الذى لا أعلم متى يكون ولا ماذا سيكون فيه !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.