أوروبا تجني مكاسب من استضافة اللاجئين .. والأمن أكبر عقدة أزمات أوروبا الاقتصادية قد تعطل أحلام المهاجرين غياب التأهيل النفسي يدفع بعض اللاجئين لتبني العنف تركياوإيران يجب أن تتحملا مسئوليتهما بتوفيق أوضاع السوريين في أجواء شرقية ، ناقشت الجامعة الأمريكية بالقاهرة عبر مائدة مستديرة مستقبل اللاجئين السوريين وأوضاعهم وما يتعرضون له قبل اللجوء وبعد اللجوء في البلدان العربية وكذلك أوروبا. شارك باللقاء أمس عدد من الأكاديميين المهتمين بالاجتماع والسياسة وجمع غفير من الإعلاميين والباحثين. وتحدث د. إبراهيم عوض مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة عن مشكلة التعميم في مسألة لجوء المواطنين السوريين لأوروبا ، مشيرا إلى أن أول الدول التي توجه إليها السوريون كانت الأردن ولبنان بشكل خاص وبعضهم هرب إلى مصر وكذلك تركيا. وأضاف أنه برغم أوضاع العراقيين في ظل تنظيم داعش هناك إلا أن بعضهم هرب إلى سوريا ووجدوا أنه كانت أوضاعهم في بلادهم أفضل فعادوا إلى العراق وبعض اللاجئين السوريين معهم. وقد اشاد المتحدث بالدور الألماني في استيعاب اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن موقفها ذلك نتاج تفاعل سياسي بصرف النظر عن وجود جماعات في أوروبا ضد مساعدة اللاجئين فهناك أيضا جماعات أخرى يرحبون بهم. وأشار في نفس السياق إلى أن البعض يقول أن ألمانيا تبحث في ذلك الموقف عن مصلحتها وهي بالفعل تبحث عن مصلحتها حيث أن استيعابها لمزيد من اللاجئين السوريين سيعوض مشكلة انخفاض النمو السكاني لديها، مشددا على أنه برغم ذلك هناك أيضا دول أخرى منخفضة النمو السكاني ولكنها لم تعرض مساعدة اللاجئين. وقد أوضح أستاذ السياسة العامة أن مسألة اللاجئين يمكن أن تهدد التكامل الأوروبي مثلما واجهت الأزمة اليونانية قبل ذلك فليست المسألة فقط في أن تقبل دول أوروبا اللاجئين أم لم تقبل بل المسألة معقدة ومركبة حيث هناك مشكلة حقيقية في النظام الدولي كالأمن. ومن الأمثلة التي ضربها المحاضر دولة المجر التي اعترضت على استيعاب اللاجئين نظرا لعددهم الذي وصل إلى 17100 مهاجر في الشهور الثلاثة الأخيرة شمل هذا العدد من المهاجرين من أفغانستانوالعراق وبلدان البلقان والسوريين لم يتعدوا 39% من هذا العدد حيث تختلف الأسباب بين سياسية واقتصادية لكل من المهاجرين واللاجئين. وفي هذا الصدد، أشار عوض إلى أن المهاجرين ليسوا أقل حقا من اللاجئين، موضحا أن اللاجئ هو مضطهد بسبب دينه أو جنسيته أو عرقه، أما المهاجر من الدول العربية يحيا في بيئة اقتصادية مُدمرة فكيف له أن يستمر؟، لذلك هم يبحثون عن الأمان في دول يتوفر بها ذلك، مشددا على أن الدول القابلة للاجئين إن لم تدمجهم في المجتمع ستضيع عليهم فرصة الاستفادة بهذا المورد البشري. خطورة الشعور بالعجز وعن الحالة النفسية التي قد تصيب اللاجئين السوريين عقب اللجوء، أكد هاني هنري أستاذ مساعد علم النفس بالجامعة الأمريكية أنه يجب الأخذ في الاعتبار الحافز النفسي الذي يدفع اللاجئين للجوء ليس فقط السوريين بل بشكل عام، مشيرا إلى أن الشعور بالعجز الذي يصيب اللاجئ الذي يرى أنه فعل كل ما يمكنه من أجل بلده ومستقبل أولاده ولكن لا عائد ولا فائدة من ذلك يُصاب بالعجز. من ناحية أخرى أشار لما تتمتع به ألمانيا من الكرم الشديد في قبول المهاجرين، موضحاً أن الموضوع بأسره سلوكي: سلوك المهاجر السوري وكذلك الألمان الذين تعاطفوا مع اللاجئين بعد ظهور تعنت لمستشارة ألمانيا "أنجيلا ميركل" في حديثها مع فتاة فلسطينية لاجئة بألمانيا. وقد شدد هنري على أن اللاجئين السوريين يجب أن تستوعبهم البرامج التأهيلية النفسية فمثلا إن تعرضت عائلة لصدمات نفسية وجسدية وأحيانا جنسية يجب تهيئتها نفسيا للتعامل مع المجتمع الجديد وإدماجها فيه فليس الأمر فقط مجرد سد احتياجاتهم من مأكل وملبس ومسكن بل يجب مادامت الدولة تقبلت إنسانيا مساعدتهم فلتتحمل مسئوليتهم نفسيا أيضاً، وبالتالي يجب الأخذ في الاعتبار طبيعة التعامل مع الأطفال في المدارس حيث أنه نظراً لأن الأطفال أسرع في التأقلم من الكبار قد يُحدث ذلك فجوة بين ثقافية بين الآباء والأبناء. في هذا السياق بيّن أنه يجب أن تكون الدولة القابلة للجوء مستعدة لذلك وألا تفرض على الأطفال خصيصا ثقافتها، مؤكدا أن الأبحاث العلمية أكدت على ضرورة التأهيل النفسي وإلا قد تُخلق دواعش جديدة لديهم، قائلا: "نحن في حاجة للإطمئنان عليهم من صدمات ما قبل الهروب ومابعد الهروب". أوروبا على أرض الواقع وقد لفت ماركو بينفاري أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى أن مشكلة اللاجئين السوريين أصبحت مرئية بشكل كبير، نظرا لأنهم بدأوا اللجوء لدول أوروبا فيجب النظر هنا إلى دور الإعلام في إبراز الأزمات، وعن دور أوروبا في مساعدة اللاجئين السوريين، أوضح أن ألمانيا منقسمة على ذاتها وفيما يتعلق بإيطاليا ففي السنوات الأخيرة جعلت عبور البحر المتوسط أكثر أمنا مما زاد عدد اللاجئين، مشيرا إلى أن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في اعتقاد اللاجئين بأن أوضاعهم ستتحسن. وفي هذا الصدد أوضح بينفاري أن اللاجئين يعتقدون أنهم سينالوا فرص عمل تحسن أحوالهم وخدمات تعليمية لكن هذا ليس الوضع الحقيقي، موضحا أن أوروبا على أعتاب الخروج من أزمات اقتصادية كبيرة ومازالت عدد من الدول تعاني من الأزمات المالية كأسبانيا وإيطاليا. وأضاف أن مسألة المساعدات الإنسانية والتأهيل النفسي لللاجئين معقدة جدا حيث أنه بالفعل القانون الدولي واضح بشأن اللاجئين يجب قبولهم ومساعدتهم وألا يعيدهم لدولهم ولكنه لم ينص بشكل واضح فيما يتم إجراؤه معهم بعد قبولهم فمسألة إدماجهم بالمجتمعات مثيرة للجدل، موضحاً أن المسألة تتعقد أكثر عندما يجب الفصل بين اللاجئ الهارب من أزمات إنسانية يتعرض لها وبين مهاجر يريد تحسين أوضاعه. وقد أشار ماركو إلى أن الوصول لمرحلة الاستقرار في الوطن العربي أمر صعب حيث في الشرق الأوسط ما من دولة مستقرة باستثناء السعودية، مضيفاً ان مشكلة اللاجئين السوريين ليس فقط في الحصول على الاستقرار بل أيضا بمعاملات الأوربيين للعرب فبالفعل هناك في أوروبا تمييز قد يجعل من الصعب قبولهم ببعض الدول برغم عدد المبادرات التي تتخذ تعاطفاً معهم إلا أنه بين الأوربيين أنفسهم يتواجد التمييز وتتعدد فئات المجتمع وتتعدد مشكلاتهم المتعلقة بالعرق ليس فقط دين اللاجئين إليهم، فالدولة هنا في حد ذاتها ستكون عنصرية. وعن إمكانية تسوية الأزمة السورية، شدد هنري على أنه لايجب أن ننتظر القوى الكبرى والأمم المتحدة لحل مشاكلنا، مؤكدا أن الحل يجب أن يكون نابعاً من ثقافتنا ليس من خارجها فيجب أن يكون الحل عربي أما إذا استمر اعتمادنا على الغرب لحل مشاكلنا فلن يزيدنا هذا إلا مصائب. كما أوضح عوض في هذا الصدد، أنه يجب أن يكون هناك آليات للتوفيق بين الآراء المختلفة للدول العربية لتسوية الأزمة حيث حتى سوريا لم تسلم من تضارب الآراء داخلها فلا يمكن حتى الآن الوصول إلى تسوية، مضيفاً أن إيرانوتركيا دولتان أساسيتان في المنطقة ويجب أن تشاركا في حل الأزمة، موضحاً أن هذا ليس معناه الاتفاق مع آرائهم بل يجب التوصل إلى اتفاق يرضي الجميع والوقوف على حوار حقيقي لحل أزماتنا.