قد لا يهتم بعض الناس بحاسة الشم. إلا أن الباحثين في هذه الحاسة يؤكدون على أهميتها، مثلا في حال البحث عن شريك أو شريكة للحياة. فإلى أي مدى تعتمد العاطفة عند الإنسان على حاسة الشم وما مدى تأثيرها علينا ؟ يُقلل الكثير من الناس من أهمية حاسة الشم والدور الكبير الذي يلعبه الأنف في حياة الإنسان، فبالإضافة إلى الإمكانية التي يتيحها الأنف للتنفس بشكل مناسب بدون هذه الآلية تكون الحياة مستحيلة، فهناك وظيفة هامة جدا في تلك الحاسة ضرورية في الحياة. ويرى هانس هات، الباحث في حاسة الشم بجامعة الرور الألمانية حسب "دويشته فيله" أن حاسة الشم مهملة في مجتمعنا الغربي وبشكل غير معقول، وأضاف أنه ليس لدينا أي فكرة عن مدى الدور الكبير الذي تلعبه هذه الحاسة في حياتنا اليومية" حسب موقع "دي فيلت" الألماني. ويأتي التعليق "هات" على خلفية دراسة أجرتها جامعة الرور في مدينة بوخوم عام 2011، شارك فيها سبعة آلاف شاب وشابة، أوضحت مدى جهل المشاركين لهذه الحاسة، حيث أن 53 % من المشاركين اختاروا التخلي عن حاسة الشم مقابل استخدام أجهزة تقنية حديثة. ويمكن للإنسان تحديد الروائح المختلفة عن طريق خلايا استقبال الشم التي تقع في الأنف وتنقل هذه الروائح إلى الدماغ، ومع أن العدد الذي يمكن لأنف الإنسان تمييزه كبير جدا، إلا أنه يقل مقارنة مع قدرات حاسة الشم لدى الكلاب، الأمر الذي يمكن الاستفادة منه في اقتفاء أثر المجرمين أو الكشف عن مواد غير قانونية أو استخدام هذه الحيوانات في عمليات الإغاثة والبحث عن المفقودين، إضافة لذلك فبإمكان الحيوان والإنسان كذلك من استشعار الخطر بالاستعانة بحاسة الشم. تأثير حاسة الشم على حياة الإنسان وترتبط عاطفة الإنسان وسلوكياته بحاسة الشم، وبما أن مركزه جزء من نظام بالدماغ البشري فهو يتحكم في الذاكرة والعواطف والمزاج إضافة إلى استشعار الخطر، ويقول الباحث في حاسة الشم هانس هات أن هناك تفاعل قوي بين حاسة الشم والعاطفة، وعندما تؤدي روائح مميزة إلى تفعيل ذكريات عاطفية معينة فهنا يكون الحديث عن ما يسمى بتأثير بروست". ويرى هات أن استرجاع ذكريات أو لحظات معينة في الحياة عن طريق حاسة الشم أمر وارد في حياة الإنسان مهما ابتعد زمنيا عن هذا الحدث، فمن اللحظة الأولى التي يولد فيها الإنسان تقريبا، تكون حاسة الشم ملازمة له، ويكون قادرا على التعرف على رائحة حليب أمه ابتداء من اليوم الأول ويظهر الاشمئزاز على وجهه إذا استنشق رائحة كريهة. وتلعب حاسة الشم دورا مهما في القدرة على التذوق ويستعين الإنسان بحاسة الشم في تلذذ الطعام قبل تناوله، وكما يقول الباحث توماس هومل من مستشفى جامعة دريسدن الألمانية. "عندما نتناول وجبة المكرونة أو طبق الراتاتوي أو وجبة الجراتان بالبطاطس فإن 80 % من عملية التذوق نحصل عليها عن طريق حاسة الشم".فاللسان يميز بين الحلو والحامض والمالح والمر لا أكثر وعندما نأكل شيئا يجب علينا أن نقول: "رائحة الطعام طيبة عوض القول أن الطعام لذيذ" حسب رأي الباحث توماس هومل. ويستعين الإنسان بحاسة الشم بشكل غير مباشر في الاقتراب من شريك حياته، فهي تلعب دورا كبيرا في الانجذاب بين المحبين. فكل شخص له رائحة خاصة به يفرزها جلده، وتعد من أهم أسباب الانجذاب أو النفور بين الأشخاص، وهناك روائح تسمى الفيرومونات، وهي مواد كيميائية يفرزها البشر والحيوان خلال لحظات التوتر والخوف والشهوة، لها رائحة خاصة يحملها الهواء وتصدر عن أجسامنا بشكل طبيعي، فتقبل رائحة معينة والانجذاب لها يلعب دورا هاما في التوافق بين شريكي الحياة ويساعد في العثور على شريك الحياة المناسب، حسب ما أوضح موقع "دي فيلت".