السيسي يشيد بتطور العلاقات المصرية التنزانية والحرص على تعزيز التشاور السياسي    إيهاب هيكل: خريجو كليات أطباء الأسنان مش لاقيين شغل (فيديو)    سعر الذهب اليوم الإثنين 22 ديسمبر 2025.. عيار 21 بدون مصنعية ب5900 جنيه    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    مصلحة الضرائب تكشف تفاصيل الحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية    نيجيريا تعلن حل الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة الأمريكية    الرئيس السيسى: مستعدون لدفع المزيد من الاستثمارات المصرية إلى السوق التنزانية    توني يقود هجوم الأهلي ضد الشرطة العراقي في دوري أبطال آسيا للنخبة    أمين عمر وأبو الرجال يديران مباراة الكاميرون والجابون فى أمم أفريقيا    أية عنتر تُدير مباراة مسار أمام وادى دجلة غدا فى دورى الكرة النسائية    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    السيطرة على حريق بمنزلين بقرية ساقية المنقدى فى المنوفية    محمود حميدة يقدم واجب العزاء فى الراحلة سمية الألفى    طلاب الأزهر يحتفلون ب«العربية» وسط الآثار المصرية    أعراض بسيطة ل6 أمراض شتوية تتفاقم سريعا فما هي؟    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    الحكومة الإسرائيلية تصادق على مقترح إغلاق إذاعة الجيش    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    بعد مرور 25 عاما.. نيويورك تايمز تكشف عن أفضل 100 فيلم فى القرن ال 21    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    قائد الجيش الإيراني: سنرد بحزم على أي اعتداء يستهدفنا.. وجاهزون لمواجهة التهديدات    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    «لأول مرة ببني سويف الأهلية» إجراء أول امتحان إلكتروني تطبيقي لطلاب جيولوجيا البترول    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    بن زايد وإيلون ماسك يرسمان ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من أبوظبي    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    عاجل- مدبولي: توجيهات رئاسية بالإسراع في تطبيق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل وضم أكبر عدد من المحافظات    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    روائح رمضان تقترب    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    محادثات ميامي تعزز آمال إنهاء الحرب في أوكرانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا أيضًا تتحول نحو الشرق
نشر في محيط يوم 16 - 07 - 2015

شهدت العلاقات الدولية خلال السنوات الأخيرة عددا متزايدا من عمليات تحريك إن لم يكن تغيير السياسات الخارجية لدول كثيرة. ففى الشرق الأوسط وقع التغيير بسبب ثورات الربيع سواء فى دول الثورة أو المناهضة لها. نتابع الآن مصر والسعودية، وهما تحاولان مثلاً جس النبض فى روسيا، ونسمع عن اجتهادات إسرائيلية فى مجال إعادة صياغة منظومة سياستها الإقليمية، ونرى باكستان وهى تحاول فتح أبواب كانت مغلقة لعقود عديدة مع موسكو، كذلك الهند نراقبها بكل الانتباه، وهى تجرب حظوظها مع الولايات المتحدة لتعويض ما فاتها من مزايا فى التسليح عالى المستوى والتخطيط الاستراتيجى لمنطقة جنوب آسيا.
لن نستطيع فى وقت قصير تقدير العائد الذى حققته هذه التجارب لتحريك أو تغيير السياسات الخارجية، فالفترة التجريبية الراهنة ما زالت بسيطة، والعائد الظاهر لنا حتى الآن لا يزال مرتبكا أو على الأقل غير واضح، وهو ما يثير مخاوف أن تنتهى بعض التجارب إلى حال الشلل التام إذا تناقضت أو تصادمت مسارات التحريك، ويحضرنى بشكل خاص حالة الهند، وربما حالة المملكة العربية السعودية.
كنموذج بارز لهذه التجارب فى توجهات السياسة الخارجية، عقدت فى روسيا وبالتحديد فى مدينة أوفا بمنطقة الأورال، قمتان الواحدة بعد الأخرى. انعقدت قمة مجموعة دول البريكس، وهى البرازيل وروسيا والهند والصين، وجنوب أفريقيا. كانت هذه القمة هى السابعة منذ إنشاء المجموعة وكان المتوقع أن تلفت انتباها واسعا فى كل الأنحاء، فهى القمة التى تدشن هذا العام مصرف التنمية، الذى يفترض أن ينافس البنك الدولى للإنشاء والتعمير و«يحرر» اقتصادات دول نامية عديدة من هيمنة القوى الغربية، كما أنها القمة التى تناقش بكبرياء وفخر الإنجازات الكبيرة التى حققتها الاستثمارات الصينية فى مجالات البنية التحتية وبخاصة طرق المواصلات وتشييد الموانئ، والأرقام الكبيرة للاستثمارات الصينية فى روسيا بعد أن تضاعفت مرتين ونصف المرة خلال عام واحد، وهو العام الذى بلغت فيه العقوبات الغربية مع روسيا أقصى درجاتها. لا غرابة والأمر على هذا النحو أن تحظى هذه القمة بأدنى درجة من الاهتمام من جانب معظم العواصم الغربية بل كاد الإعلام الغربى يتجاهلها تماما. هذا التجاهل الذى جرى تفسيره على أنه محاولة لإجهاض مساعى إدارة بوتين التصدى بانعقاد هذه القمة لضغوط الغرب وتهديداته وعقوباته.
على كل حال، لن يكون فى استطاعة دول الغرب والإعلام الغربى بشكل عام الاستمرار فى هذا النهج من التعامل مع الصعود المتتالى لمجموعة البريكس فى الساحة الدولية. صحيح الرأى السائد فى الغرب بأن النمو فى دول هذه المجموعة تباطأ أخيرا، وصحيح فى الوقت نفسه الرد بأن النمو فى العالم كله تباطأ وليس فقط فى دول البريكس. الأهم فى واقع الأمر وفى وجهات نظر بعض الرؤى المستقبلية هو حقيقة أن هذه المجموعة من الدول مازالت تؤكد سعيها لرفض هيمنة الغرب على الاقتصاد العالمى، وأنها تعمل جديا ضد هذه الهيمنة، علما بأن هذه المجموعة تضم الآن أكثر من 40٪ من سكان العالم، وتنتج ما نسبته 25٪ من مجمل الناتج العالمى. لذلك كان لافتا للنظر التغير فى نبرة الخطاب السياسى الروسى. وبخاصة عند الحديث عن عدم حاجة روسيا إلى مباركة أو حتى رضاء، دول الغرب لتصدرها قيادة مجموعات تضم أعدادا متزايدة من الدول المتمردة على هيمنة مؤسسات بريتون وودز على الاقتصاد العالمى.
انعقدت قمة مجموعة شنغهاى بعد ساعات من اختتام أعمال قمة البريكس. حملت هذه الدورة مغزى معينا يستحق الانتباه، وهو أن فلاديمير بوتين، قرر بدوره التحول شرقا بسياسة روسيا الخارجية وقوائم أولوياتها الاستراتيجية، تماما كما فعل الرئيس باراك أوباما بالسياسة الخارجية لأمريكا واستراتيجيتها العالمية. يبدو لنا أن الدوافع وراء هذا التحول قوية. أولها وأهمها حقيقة أن الصين تزداد قوة ومكانة وتتوسع نفوذا واستثمارات فى شرق آسيا ووسطها، وحقيقة أن أمريكا القطب الأكبر فى النظام الدولى والقائد الفعلى لمعسكر العداء ضد روسيا تحولت فعلا باهتماماتها شرقا للسبب نفسه. من هذه الدوافع أيضا، قضية أمن وسط آسيا، وهى القضية التى أصبحت تفرض نفسها على الاستراتيجيات الدفاعية الروسية والصينية فى آن واحد، لسببين، أحدهما اقتراب رحيل القوات الغربية من أفغانستان واحتمال عودة أفغانستان إلى أحضان وشرور الحروب الأهلية، ثانيهما هو الخوف الواقعى من احتمالات تمدد قوى الإسلام المتطرفة، مثل تنظيم داعش وأخواته، وإرسائها قواعد جديدة فى أفغانستان تهدد منها بقية دول وسط وشرق آسيا الأعضاء فى منظمة شنغهاى، وتقيم تحالفات إرهابية مع قوى إسلامية روسية فى القوقاز وخارجه.
استجد واقع جديد يحرض روسيا على تنشيط مجموعة شنغهاى ودعم خطوات التحول نحو الشرق، وهى الحاجة الاستراتيجية الحاسمة لدى كل من روسيا والصين، إلى وضع النزاع الهندى الباكستانى تحت رعاية نظام أمنى جديد لإقليم وسط آسيا. الأمل كبير ومتصاعد لدى القيادات الصينية والروسية فى أن النقص الواضح فى الثقة بين باكستان والهند يمكن تعويضه أو تخفيف ضرره بإدماج الطرفين فى نظام أمنى جديد، تضمنه وتقوده روسيا والصين. الخوف كل الخوف لدى هذه القيادات من أن يتفاقم الصراع بين الدولتين فى أعقاب رحيل القوات الأجنبية من أفغانستان حين تقرر حكومة باكستان ضرورة تقنين، وتثبيت نفوذها السياسى فى أفغانستان وتقرر حكومة الهند أهمية تأكيد نفوذها الاقتصادى فى هذه الدولة. هذا الصراع لو ترك ليحتدم قد يهدد استقرار بقية دول وسط آسيا الإسلامية ويهدد سلامة قواعد روسيا العسكرية فيها ومشروعات طريق الحرير التى تقيمها الصين، ويهدد أيضا حلم بوتين إقامة نظام اقتصادى إقليمى لمنطقة أوراسيا، بقيادة روسيا.
لا يفوتنا أن منظمة شنغهاى التى أنشئت عام 2001 كان من بين أهدافها تنسيق النشاط الصينى والروسى فى منطقة وسط آسيا لمنع تضاربه خاصة أن لدى الدولتين مشروعات طويلة الأمد تمس مباشرة مستقبل الدولتين ومكانتهما الدولية. لروسيا مثلاً مصلحة أساسية فى تثبيت دعائم مجموعة »أوراسية»، وللصين مصلحة أساسية أيضا فى تثبيت دعائم وتنشيط خطوات مد شبكة طرق الحرير وإقامة مشاريع صناعية وإنتاجية وثقافية متكاملة على ضفاف هذه الطرق إن صح التعبير.
من أهداف منظمة شنغهاى أيضا مطاردة النفوذ الأمريكى من منطقة وسط آسيا، وصولاً إلى يوم لا تجد فيه السياسة الأمريكية متسعا لها على أراضى دول وسط آسيا لإقامة قواعد وتسهيلات تستطيع من خلالها فرض حصار على أى من روسيا أو الصين. كان الهدف الثالث، فيما اعتقد، هو إقامة نظام أمنى وسط آسيوى يحقق السلم فى المنطقة ويحل المشكلات الحدودية والتاريخية بين دول الإقليم، على أمل أن يتحول فى المستقبل إلى نظام دفاعى متكامل.
لا خوف، حسب الظن، من أن يتحول نظام أمنى من هذا النوع إلى »حلف وارسو آسيوي« أشبه بحلف وارسو الأوروبى، ففى حلف وارسو لم توجد دولة «عظمى» أخرى شريكا لروسيا السوفييتية فى قيادة الحلف. لن تكون الصين، فى أى حال من الأحوال، عضوا عاديا، بل شريك قيادة وبتطلعات تتجاوز حدود قارة آسيا إلى قارات أخرى، وهى التطلعات التى لا أعتقد أنها يمكن أن تتسلل فى الأجل المنظور إلى شبكة أحلام الرئيس بوتين والنخبة الحاكمة فى روسيا.
نقلا عن " الشروق " المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.