5 آلاف و600 مهاجر غير شرعي من غرب افريقيا، ممّن لم يتمكنوا من تحقيق حلم البقاء في أوروبا بعد أن أجبرتهم سلطاتها على الرحيل، وجدوا أنفسهم في مراكز استقبال المنظمة الدولية للمهاجرين في النيجر، قبل العودة إلى بلدانهم مثقلين بخيبة أمل مزدوجة: فشل مشروع الهجرة، وفقر مدقع ناجم عن "استثمار" لم يُؤت أُكله. "مركز نيامي" الواقع في الضاحية الشمالية للعاصمة النيجرية، استقبل الأحد، 10 مهاجرين جدد من الذين فشلوا في تحقيق حلم الهجرة إلى أوروبا، حيث تجمّعوا في غرفة تضمّ عددا من الأسرّة وتلفزيونا وأثاثا بسيطا. داودا ا محمدو مسؤول مركز الاستقبال بنيامي يقول للأناضول إن المركز الذي يطلق عليه إسم "الفيلا"، ينقسم إلى عدة وحدات، بينها "غرفة مخصصة للعائلات والنساء، وغرفة أخرى للأطفال القصر، إضافة إلى فضاء كبير للرجال". وفي ساحة "الفيلا"، افترش 6 أشخاص الأرض، تحت ظلال شجرة، يتجاذبون أطراف الحديث، على مقربة من مكتب يستقبل فيه داودا محمدو القادمين الجدد ممن يفدون من أغاديز (شمال) على متن حافلة، بإشراف المنظمة الدولية للمهاجرين. دواودا قال إنّ هؤلاء المرحّلين "يأتون إلى هنا معدمين، فيحصلون على معدات نظافة ووجبات غذائية". مايك سينغور، سنغالي يبلغ من العمر 31 عاما، وهو من بين العائدين من التجربة الفاشلة.. بدا واجما وهو يتناول فطور الصباح بمساعدة أحد موظفي المركز بعد تعرضه لحروق من الدرجة الثالثة في حادث سيارة أثناء رحلة عودته. ورغم ما تعرض له سينغور، لازال أمل الهجرة من جديد يداعب مخيّلته. وبإصرار غريب قال للأناضول: "أحلم بالهجرة إلى أوروبا، فلقد استنفذت جميع أموالي وأنا مجبر على العودة". ابراهيم عصمان، هو أيضا من المهاجرين الذين لفظتهم القارة العجوز (أوروبا) ليجد نفسه في النيجر من جديد، قال يروي ما شاهده على طريق العودة: "الأكيد أنّ جميع هؤلاء الذين سلكوا الطريق الممتدة من أغاديز إلى ديركو (منطقة ريفية تابعة لأغاديز)، أو من ديركو إلى الحدود الليبية، شاهدوا بأعينهم القبور الممتدّة على طول الطريق". والواقع أنّ هذه الطرق الصحراوية التي سلكها آلاف الأشخاص بغية الوصول إلى ليبيا أو إلى الجزائر، ومن ثمة الهجرة خلسة إلى الجانب الشمالي من المتوسط، تحوّلت بمرور الزمن إلى ما يشبه المقبرة، أو طريق الموت، حيث يلقى المهاجرون حتفهم فيه جراء العطش أو التعب أو كليهما، لتنتهي رحلة الآمال بين تلك الكثبان الرملية المنتصبة بغطرسة على امتداد البصر. مأساة تتكرر بشكل دوري غير منتظم، ففي منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، تم اكتشاف 50 جثة في المنطقة الصحراوية بين أغاديز و بيلما (شمال). ولوضع حد لظاهرة الهجرة غير الشرعية، نظمت الحكومة النيجرية، الخميس الماضي، مائدة مستديرة من أجل تمويل مخطط عمل خماسي تصل قيمته إلى 2.467 مليار فرنك إفريقي (أكثر من 4 مليون دولار). بالوما كاساسيكا ،المكلف بالإعلام بمكتب المنظمة الدولية للمهاجرين، قال، من جانبه معقبا عن هذه الظاهرة الخطيرة: "ينبغي أن نتطرق إلى الحديث عن مأساة الصحراء"، لافتا، في حديث للأناضول، إلى أنّ الإشكال يكمن في غياب أرقام تجسد حجم أزمة صحراء النيجر، والتي تبتلع آلاف الضحايا من المهاجرين سنويا، بنفس القدر الذي يبتلع فيه البحر الأبيض المتوسط ضحاياه من الحالمين بعبوره إلى ضفافه الشمالية. ويعتبر النيجر بلد انطلاق وعبور للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، عبر دول الشمال الإفريقي لا سيما ليبيا والجزائر و المغرب، فيما يجد الناجون من الموت أنفسهم في دول العبور أو في مراكز المنظمة الدولية للمهاجرين، حيث تقع العناية بهم إلى حين تكوين الملفات وترحيلهم إلى بلدانهم. بالوما عاد ليشير إلى أن 5600 شخص (من جنسيات دول غرب إفريقيا) مروا عبر المنظمة الدولية للمهاجرين، ويمثل هذا الرقم ضعف ما تم تسجيله في العام الماضي، بمختلف المراكز في كلّ من أغاديز وأليت و ديركو والعاصمة نيامي.