أيام معدودات ،علينا استغلالها ،فهو شهر في العام ،شهر رمضان شهر الخير والكرم والجود ،شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران ،شهر التجمع و العزومات وصلة الأرحام . للأسف لم أجد مبررا واضح لارتباط هذا الشهر الفضيل بالمسلسلات وببرامج المقالب والمنوعات ،وإلهاء الناس عن العبادة والاعتكاف عن شهوات الدنيا، والتركيز كل التركيز على الطاعة والفوز بالشهر المبارك . حقا الشوارع والمحلات والبيوت تتزين بالفوانيس والأنوار طوال الشهر الفضيل ،والأسر تلتقي على مائدة واحدة في حدث يصعب تكراره في الأيام العادية ،فهم في حضرة الإفطار ،ولا اعتقد أنهم في حضرة مسلسل أو برنامج يلهيهم عن سؤال بعضهم البعض . لم أجد مبرر لكل هذا الكم من المسلسلات ،إذ ربما تكون هذه المسلسلات والملهيات عن الطاعة والتعبد هي زينة الفضائيات لاستقبال الشهر الكريم . ولكن بما أننا دولة إسلامية وصوم شهر رمضان فريضة على المسلمين أليس ذلك كفيل للتقليل من هذا الكم الهائل من المسلسلات والإعلانات والبرامج؟ لم أطالب بالعزوف عن كل هذا .. بل أطالب بالاكتفاء بعملين أو ثلاث مع برنامج أو اثنين فقط ، وأن يكرث المنتجين جهدهم وأموالهم للبرامج الدينية والمسلسلات التاريخية ،ومسابقات حفظ القرأن وتكريم الفائزين بجوائز قيمه مثلما يكرم الممثلين عقب كل رمضان تشجيعا على أدائهم في الدور الذي قاموا به بجوائز تقدر بالألوف . أليس من التناقض أيضا أن يتبع كل مسلسل إعلان للتبرع لمؤسسة ما أو جهة خيرية ،في حين نجد إعلانات في نفس القناة الفضائية يقدر قيمته بملاين الجنيهات ،هل ذلك تناقض أم شيزوفرينيا ؟ سواء في كم المسلسلات المعروضة والتي فاقت قيمة إنتاجها مئات الملايين ،أو عرض الإعلانات البائسة التي تدل على فقر وحاجة الشعب المصري أم هو ذلك العرض والطلب الذي يحّتم على التجار والمنتجين الإسراف في التكاليف لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة على حساب الفقير والمشاهد بشكل عام . ليتنا ندرك أنه شهر واحد في العام ،به ليلة خير من ألف شهر ،علينا استغلاله ومحاولة الخروج منه بأكبر قدر ممكن من الحسنات والأعمال الطيبة ،واضعين أمامنا هدفا واضح وهو الفوز بالجنة والعتق من النيران .