بدأ شهر رمضان منذ ساعات.. دعانا الله إلي الاجتهاد خلاله في العبادة لأنه شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. ومع هذا نجد "شياطين الإنس" يحولونه إلي سهر الأفلام المثيرة والمسلسلات الساخنة والسهرات في المقاهي والملاهي بكل أشكالها. ومن هناك تأتي أهمية هذا التحقيق الذي يعد روشتة لرمضان بلا معاص. وبيان وسائل الطاعة. تقول أميرة طاهر موظفة علي الرغم من أن رمضان حافل بالعزومات والانشغال بالمطبخ لدي الكثير من الأسر إلا أن ظروف الحياة لم تترك أحداً علي حاله كل شيء تغير أخرج للعمل وبعدها أذهب للتسوق من ثم أجد المطبخ في انتظاري وبعد الافطار أذهب مع أولادي لأداء صلاة التراويح وبعد العودة إلي البيت أذهب مباشرة إلي السرير حتي وقت السحور وأصلي وأنام استعداداً ليوم جديد شاق. كما أن الخروج لقضاء أوقات ممتعة تحتاج إلي تكاليف كثيرة البيت في حاجة لها باقي الشهر. بسبب الحر لشديد والزحام قررت أسرة مريم عبدالرحمن ليسانس حقوق الهروب إلي الساحل في رمضان لقضاء النهار علي الشاطيء والعودة للإفطار في الشاليه وأحياناً الإفطار في الهواء المنعش علي الشاطيء أو الإفطار في أحد المطاعم الكبري ثم الاستمتاع بليالي رمضان في السيرك أو قضاء وقت ممتع في التنزه. وشاركها الرأي صديقتها من رمضان تقول: رمضان أفضل علي الشواطيء حيث الاستحمام وقراءة القرآن مع الأسرة علي الشاطيء وانتظار مدفع الافطار كما نحرص كثيراً علي الافطار مع العائلات الصديقة للأسرة أو الخروج لتناول الإفطار في المحلات الكبري أو علي الشاطيء ويمكن الذهاب للتنزه وتناول بعض المثلجات وغيرها. تقول رضوي سعيد موظفة: أقضي أول يوم رمضان مع والدي وإخوتي حيث جو العائلة المبهج ولمة رمضان وغالباً نمكث في المنزل أمام شاشات التليفزيون لمتابعة الأعمال الدرامية وأحياناً نلبي دعوات الإفطار عند شقيقاتي كما ندعوهم للإفطار في بيتنا. تقول جهينة أنيس بكالوريوس نظم اعتدت السهر مع أسرتي في الحسين وقضاء بعض الأيام في زيارات عائلية وتبادل دعوات الافطار مع الأصدقاء المقربين. تقول أمل جاد موظفة: أحرص علي تناول الافطار مع أصدقائي وبعض الوقت مع أسرتي وتبادل الزيارات مع إخوتي والخروج بعض الوقت إلي المقاهي الثقافية. ضوابط شرعية يشير الشيخ عادل أبو العباس من علماء الأزهر إلي أن الإسلام دين الفسحة يتسع لكل ما يتوافق مع فطرة الإنسان وطبيعته فهو وسطي في العقيدة والشريعة والتعامل فلم يجعل حياة الإنسان في رمضان في الطاعة والعبادة فحسب ولكنه سمح له بأن يروِّح عن نفسه ببعض المباحات الجلوس مع الأصدقاء وصلة الأرحام والتعرف علي آثار البلد التي يعيش فيه فيعطي لنفسه مساحة من حياة طبيعية لا تزمت فيها ولا تشدد حتي ينطبق عليه قول النبي صلي الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له: "يا رسول الله إنا نكون عندك فننسي أموالنا وأهلينا وننسي كل شيء فإذا خرجنا من عندك عدنا إلي لهونا فقال صلي الله عليه وسلم لو تدومون علي ما أنتم عليه عندي لصافحتكم الملائكة ولكن ساعة وساعة فيستطيع المسلم في رمضان من خلال هذا الحديث أن يجعل ساعة للجد يصوم ويقوم ويصلي ويجعل ساعة للترويح عن النفس كي يخرج إلي المتنزهات ويتأمل في كون الله ويعرف الله من خلال صفاء ذهنه فيعمل المباح دون تردد مادام في غير المحرمات فاللقاء مع الأصدقاء والترويح مع الأحبة من الأمور المباحات التي يستطيع المسلم أن يقضي فيها جزءاً من وقته في نهار رمضان أو ليله فإذا أراد أن يسهر جعل جزءاً من السهر لله وجزءًا للتنفس عن نفسه كأن يستمع إلي نادرة أو ترويح يجعله وسطياً يطبق فيه ما يتوافق مع فطرته وطبيعته. ولم يكن الصحابة يجعلون الليل كله للعبادة التقليدية وإنما كانوا يصنعون ما يصنعه كل إنسان من تقارب وتواصل بينه وبين بني جنسه فلسنا ملائكة تمشي علي الأرض. وإنما نحن بشر عبر عنا القرآن الكريم بل وعن رسولنا بأننا نأكل الطعام ونمشي في الأسواق ونتمازح مادام المزاح لا يسيء إلي الآخرين ونتضاحك مادام الضحك في حدوده مشروعة فلا تشدد ولا تسيب وإنما وسط بين الأمرين. تأهيل نفسي يقول الدكتور جمال شفيق رئيس قسم الدراسات النفسية بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس شهر رمضان هو شهر عظيم من أفضل شهور السنة لأنه سهر الصوم وشهر القرآن الشهر الذي صافحت فيه السماوات الأرص.. هو شهر الخير والرحمة.. شهر البركة.. شهر الكرم والصبر والتقرب إلي الله والإحسان والأعمال الصالحة والإخلاص والتوبة والإنابة إلي الله.. وهو مناسبة عظيمة وفرصة لا تعوض في أن يعيد الإنسان المسلم التفكير في علاقته بنفسه وعلاقته مع الناس ومع مجتمعه ووطنه ومع ربه ولقد تكفل رب العزة سبحانه وتعالي بجزاء الصائمين عن صيامهم دون سائر الفرائض الأخري حيث قال جل علاه في الحديث القدسي "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". أضاف: إذا كان الناس في رمضان يميلون دائماً ويحبون كثرة الخروج والسهر وتضييع الوقت في شتي ملاهي الحياة فإنه يجب أن يكون سعي المسلمين في هذا الشهر الكريم بالذات في إطار فيوضات ونفحات وإيمانيات وبركات وتعاليم وآداب وسلوكيات هذا الشهر الطيب المبارك وليكن ذلك كله أي نشاط الناس وسعيهم وخروجهم وسهرهم في نطاق طاعة الله وفعل الخيرات وهجر المنكرات والبعد عن اللهو وضياع الوقت وعدم الانشغال المبالغ فيه بالمسلسلات والبرامج التافهة الرخيصة التي لا هدف لها إلا التفنن في إشغال المسلمين وإبعادهم بكل الطرق والوسائل والأساليب المغرية قدر الإمكان لإبعاد المسلمين عن ذكر الله وطاعته وقراءة القرآن وأداء صلاة التراويح والقيام أيضاً ويجب الحرص علي التزاور ما بين الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء وذوي الأرحام فرمضان فرصة لاجتماع الناس بصفة عامة وفرصة للتآلف والتصالح ولتبادل الحب والمودة ما بين الناس ولكن لا يجب أن يكون الخروج في رمضان والسهر من أجل اللهو وتضييع الوقت والذهاب إلي ما يطلق عليها للأسف "خيم رمضانية" ورمضان منها براء من هذه الخيام في حين ينسب اسمه بها ففي هذه الخيام تكثر المخالفات والمهاترات ويتم عرض العديد من الأمور التي يطلق عليها فنون وهي ليست بالفنون انها خروج عن الآداب والتقاليد والعرف والأخلاق يختلط فيها الحابل بالنابل ويتم عرض أغان هابطة تحت زعم انها أغان شعبية أو فنون شعبية. قال: بعض الناس يذهبون إلي الملاهي وممارسة ألعاب لا قيمة لها ولا فائدة وأحياناً نجد أن الآباء والشباب يذهبون إلي المقاهي لتضييع الوقت والجدل في الكلام التافه غير المفيد حتي يأتي ميعاد الفجر فيرجعون إلي منازلهم ليناموا دون أن يصلوا صلاة الفجر وهم بذلك ينسون أو يتناسون أو يغفلون عن أن هذا الشهر هو شهر القرآن.. هو شهر التقرب إلي الله سبحانه وتعالي فيبتعدون كل البعد عن الله وعن كلام الله وعن بيوت الله وعن الأدعية والدروس الطيبة الدينية ويمارسون كل ما من شأنه اللهو وضياع الوقت وهو ما نطلق عليه طريق الشيطان وللأسف إذا كانت الشياطين تغل في شهر رمضان فهناك شياطين الإنس التي تنتشر هنا وهناك وللأسف كثير من الفضائيات الخاصة تعرض البرامج التي تستهزأ وتستخف وتستهين بمشاعر الناس وعقولهم وأفكارهم وقلوبهم تحت زعم أنها برامج كوميدية أو مسلية وفي حقيقة الأمر هي برامج شيطانية وضد المشاعر والعقول الإنسانية.