بالطبع غياب الكافيين والنيكوتين عن عقلي في نهار رمضان يجعلني أفتح فمي طوال اليوم لأبدو كالأبله، ناهيك عن كون الشهر المبارك جاء في الصيف، لتتحول مسامي إلى مصفاة "تسرسب" الماء من جسدي لتطرده للخارج، ليصيبني الجفاف الجسدي والفكري معا. مقدمة لابد منها، مع علمي التام بان القارئ لا يهمه مشاكلي مع الصيام، ولكني أسرد تجربتي الصغيرة علها تكون مبررا كافيا لمن يفتي بغير علم، ولأنه "ليس على الصائم حرج"، وهو ما فعله وزير الأوقاف الجزائري الذي يدعو لتقليص رمضان الى 13 يوما. بالطبع هو خبر مفرح لمن يرى في رمضان عذابا وبأس المصير، ولكنه قطعا ليس قولا سديدا يجعلني أبكي فرحة من هول المفاجأة، بل أن تصريحه جعلني أحمد الله على جفاف حلقي حتى لا يصيبه رزاز فمي أثناء سبه. فتاوى الماضي ذهبت مع الريح، عندما كنا نجد من يفتي بشرب السجائر أثناء الصيام وأنها ليست مفرطة، ومن يقول إن تعاطي الدواء بالفم لا يفطر، ولكن هذه المرة جاءت فكرة تقليص رمضان حلا أسهل، ولكن لماذا لا يفكر مثلا في أن يصوم المسلم نصف ساعة يوميا طوال السنة ؟!، أو أن تدفع مالا ويصوم بدلا منك شخصا أخر، فهذه أفكار قد تكون جيدة بدلا من تقليص رمضان !!. الشيخ محمد وسام مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، قال إن العلماء اختلفوا في حكم استخدام شطاف الحمام في نهار رمضان على رأيين، الأول إنه مثل الحقنة الشرجية وإن دخول الماء من فتحت الشرج يفطر الصائم، والثاني فهو لا يفسد الصيام. فكرة تخيل المسلم يدخل الحمام ببطيء حتى لا يراه أحد، ثم يجلس ويفتح "الشطاف" ليرتوي عطشه، ليست مسلية لو أردت رأيي، وليست عاطفية كذلك، بل تدعو للتقزز، فلا أعتقد سيدي الفاضل أن روي العطش عن طريق فتحة الشرج يدعو إلى الفخر، فلا أتخيل نفسي على سبيل المثال مصابا بالإسهال ولا أدخل خوفا من إفطاري، وأيضا لو ضعفت امام هذا المرض، فلن أكون مقشعرا بالنشوة وأنا أستخدم الشطاف، وبعدها بالطبع لن أذهب إلى زوجتي وأقول لها "أنا فاطر علشان اتشطفت"، فهذا لن يجعلني أبدو امامها رجلا كاملا كما أرادت. استقيموا يرحمكم الله، وأرفعوا أيديكم عن القول غير المناسب للزمان ولا المكان، وأجعلوا الدين يسرا وليس عسرا، لأن الشطاف لم يكن في خيام المسلمين الأوائل، أي أنه اجتهاد، فلا تجعلوا الشعب "ممسوكا" نهار رمضان، و"ممسوكا" في ليله بسبب الفن الهابط، أرحموا من في الأرض من جدلكم يرحمكم من في السماء.