بادر «مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية» (أرسيكا) الذي يتبع منظمة التعاون الإسلامي، إلى إطلاق مؤتمر دوري عن الحضارة الإسلامية في البلقان يجمع الباحثين المعنيين من دول البلقان والعالم. وبعد المؤتمرات التي عقدت في صوفيا وتيرانا وبوخارست وسكوبيه، جاء الآن المؤتمر الخامس في ساراييفو (21 - 23 أيار/ مايو 2015) ليعبّر عن الخط التصاعدي لهذه المؤتمرات سواء في الموضوعات الجديدة أو في المنهجيات المستخدمة. وبحسب محمد الأرناؤوط بصحيفة "الحياة" اللندنية، هناك من يقارن بين البلقان والأندلس مع الفارق بطبيعة الحال. فقبل أن ينتهي حكم المسلمين في الأندلس بنحو مئة عام، كانت عاصمة الدولة العثمانية استقرت في البلقان (أدرنة) عام 1371، وحين انتهى حكم المسلمين في الأندلس في آخر ما بقي لهم (غرناطة) عام 1492. كانت معظم أراضي الدولة العثمانية تمتد في البلقان، حيث انتشر الإسلام وظهرت الحضارة الإسلامية هناك بتجلياتها العثمانية في المدن الكبرى التي نشأت هناك (صوفيا وسكوبيه وبلغراد وساراييفو إلخ). من هنا، لم تكن مصادفة في أن اليهود الذين تمّ ترحيلهم بعد سقوط غرناطة وجدوا لهم ملجأ في ولايات الدولة العثمانية بالبلقان (ألبانيا والبوسنة إلخ). وفيما استمر حكم المسلمين في معظم الأندلس أكثر من ستة قرون، نجد أن الوجود المسلم في البلقان الآن يعود إلى ستة قرون ويتميز باستمراره بالمعنيين المادي والبشري، على رغم تعرضه لضربات قوية في المئة سنة الأخيرة طاولت الحجر (الجوامع والمدارس والجسور إلخ) والبشر، كان آخرها «التطهير العرقي» في البوسنة 1992 - 1995. وأصبحت ساراييفو التي نشأت في منتصف القرن الخامس عشر، واشتهرت بلقب «القدس الأوروبية» دلالة على التعايش الديني، تستقطب حشود السياح العرب والأجانب التي يجدون فيها جاذبية خاصة لكونها تجمع بين الشرق والغرب. توزعت أعمال المؤتمر على عشر جلسات دسمة بموضوعاتها قدّمت فيها نحو ستين ورقة باللغات الثلاث (البوسنوية والتركية والإنكليزية) لباحثين معروفين (محمد إبشرلي وأنس كاريتش إلخ) وباحثين من الجيل الشاب من تركيا وبلغاريا ورومانيا وصربيا واليونان ومقدونيا وكوسوفا وألبانيا والأردن.