رأى فوزي بن عبدالرحمان الأمين العام لحزب "آفاق تونس"، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم بتونس، أنّ حكومة الحبيب الصيد حققت انجازات هامة خلال المائة يوم الأولى من توليها مهامها، من خلال العمل الميداني والسرعة في حل المشاكل المتعلّقة بالمشاريع، إلا أنها كانت تشكو من ضعف في سياستها واستراتيجيتها التواصلية. وفي مقابلة مع وكالة "الأناضول"، قال بن عبد الرحمان: "قبل أيام انعقد المجلس الوطني لحزب آفاق تونس، وتم خلاله الحديث بإطناب حول الحكومة، وخلصنا إلى أننا نعتبر حكومة الحبيب الصيد حققت خلال برنامجها للمائة يوم الأولى، إنجازات هامة وكانت في طريقها الصحيح، إذ كان هناك توجه نحو العمل الميداني، والسرعة في حل المشاكل خاصة فيما يتعلق بالمشاريع المعطلة". وأضاف: "حصلت إنجازات عديدة في مختلف الميادين، لكن لا بد على هذه الحكومة من تحسين آدائها على مستوى سياستها التواصلية، وفيما يخص طريقة تبليغ الرسالة وتوضيح رؤيتها، كما يجب عليها أن تشتغل على الإصلاحات في عديد الميادين مع القيام بتحركات جريئة وفيها مصداقية في مقاومة الفساد". وتابع: "آفاق تونس يقرّ بأن نسبة الإنجاز في البرنامج الحكومي كانت متميزة نذكر منها معالجة الملف الأمني، والذي عرف نجاحات وتغييرا حتى في طريقة التعاطي مع المسألة الأمنية، إضافة إلى موضوع المشاريع المعطلة التي بدأت بالتحرك بعد أن كانت متوقفة، فضلا عن مساعدة العائلات المعوزة والزيادة في هذه الإعانات من 120 دينارا إلى 150 دينارا (76 دولارا أمريكيا) ل 250 ألف عائلة معوزة، ومن المنتظر التّسريع في هذا النسق مع ضرورة التّأكيد على ملف مقاومة الفساد الذي لم تعط فيه الحكومة إشارات إيجابية". ويضم الائتلاف الحاكم في تونس 4 أحزاب أساسية هي: "نداء تونس" (علماني - 86 نائبا)، والنهضة الإسلامية (69 نائبًا)، والاتحاد الوطني الحر (ليبرالي - 16 نائبا)، وآفاق تونس (ليبرالي- 8 نواب)، من إجمالي 217 نائبًا في مجلس نواب الشعب (البرلمان). ونالت الحكومة الثقة في 6 فبراير/ شباط الماضي. وفيما يتعلّق بالوضع الاجتماعي التونسي خاصّة بالنّظر إلى موجة الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها محافظات عديدة مطالبة بالتنمية، اعتبر عبد الرّحمان أن "الوضع الاجتماعي هش جدا ذلك أن 4 بالمائة من الشعب التونسي يعيشون تحت خط الفقر، وتحت مستوى الكرامة الاجتماعية، وأكثر من 25 بالمائة منهم في وضع تهميش، كما أن مستوى الأجور متدن مقارنة بالدول التي تشبه تونس وبالتالي فالوضع صعب جدا، ومع كل هذا لا بد أن نفهم أن الأمر يتطلب تظافر جهود كل من العمال ورأس المال". وعرفت تونس مؤخرا، موجة من الاحتجاجات في عديد المناطق منها الفوار التّابعة لمحافظة قبلي (جنوب غرب) وقفصة (جنوب) والقيروان (وسط)، مطالبة بالمشاريع التنموية في هذه المناطق المهمشة. وتابع عبد الرحمان: "رأينا في آفاق تونس أن التوافق حول هذه المسألة الاجتماعية يجب أن يتحقق كما تحقق التّوافق الوطني على المستوى السياسي، أين تستطيع الطبقات الشّغيلة (العاملة) أخذ حقها وتلتزم بنوع من المردودية والإنتاجية، ورجال المال والأعمال يأخذون على عاتقهم تحقيق هذا التوافق مع الالتزام بالحفاظ على حقوق العمال وبالاستثمار النظيف واللائق في كل الميادين". ومضى قائلا: "في الوقت نفسه تقوم الحكومة بالالتزام بالإصلاحات المالية والقانونية، وبتوفير مناخ المال والأعمال الضروري، وإذا ما أخذنا هذه العناصر ال3 للوفاق الوطني، فبالتالي من الممكن أن نصل إلى مستوى عيش ملائم للتونسي". ولفت إلى أنه "سيتم الدّعوة في تنسيقية الأحزاب الحاكمة إلى القيام بحوار اجتماعي لإيجاد هذا التوافق، وقد سبق هذا تشاور كبير بين الأحزاب الأربعة المكونة للائتلاف الحكومي، كما كان هناك إجماع حول هذه النقطة والفكرة لا تزال في طور التّبلور". وعن مسألة إمكانية وجود خلل في المنوال التنموي التُّونسي وما إذا كان يحتاج إلى مراجعة، وخاصة لمراجعة خيارات حزبه الليبرالية وجعلها ذات بعد اجتماعي أكثر، قال الأمين العام لآفاق تونس: "الليبرالية لا تتناقض مع الاجتماعية، وهي تصور مختلف عن أن الدّولة هي من تقوم بكل شيء، وأن الحرية هي أساس كل شيء". واستطرد قائلا :"كما أن الليبرالية بالنسبة إلى حزب آفاق تونس، هي فك الارتباط بين السياسة والاقتصاد، وتعني جعل الاقتصاد مستقلا ومحررا من الدّولة، وأن يبقى دور الأخيرة تعديليا؛ أي تقوم بالإصلاحات اللازمة وتسن القوانين الضرورية. كما تعني الليبرالية أيضا، كيفية خلق الثروة بحيث لا يحتكرها قلة معينة قد لا تتجاوز 5 بالمائة، وكذلك تفجير كل الطاقات حتى يتمكن كل شخص يريد أن يبعث بمشروع أو مبادرة حرّة دون قيود، واليوم هذا غير موجود لأن الدّولة هي من يمسك بكل الأمور وتضع كلّ سلطتها على الاقتصاد". واستنادا إلى تعريفه لليبرالية بالنسبة ل"آفاق تونس"، قال عبد الرحمان: "نحن حزب اجتماعي ليبرالي، وهذه هي التسمية الصّحيحة". ولفت إلى أن "المنوال الاقتصادي يضم 3 عناصر؛ كيف نخلق الثروة، وكيف نوزعها، ثم كيف نجعلها مستدامة، وبالنسبة إلينا في حزب آفاق تونس، فإن مكان المواطن في قلب المنوال الاقتصادي، وتبقى مسألة كيفيّة خلق الثّروات.. هناك طرق كثيرة ومبتكرة في هذا الخصوص (لم يوضحها)". وعن القضيّة التي أثيرت مؤخرا حول وضعية الإئتلاف الحكومي على ضوء الصعوبات التّي تواجه الحكومة وتهديد رئيس كتلة نداء تونس بإخراج "افاق تونس" من الائتلاف، أكد بن عبد الرّحمان أن "كتلة آفاق تونس دافعت على مشروع الحكومة فيما يتعلق بقانون المجلس الأعلى للقضاء، والكتل البرلمانية الأخرى هي من دافعت على مشروع لجنة التّشريع العام التي أخذت المشروع الأول وأعادت صياغته تماما حتى أفقدت القانون روحه التي أتى بها". وأوضح أن "الإشكال الذي وقع لم يكن مع نداء تونس، بل مع لجنة التشريع العام داخل مجلس نواب الشعب، وما جاء على لسان بعض المسؤولين والقياديين في حركة نداء تونس لا يعني سوى أصحابه وهو ليس الموقف الرسمي للنداء، بل هي تصريحات حدثت في وقت تشنجت فيه الأعصاب ولا يجب أن نحملها أكثر من طاقتها، واليوم هناك مسألة سياسية هامة هي كيف نتعامل مع المجلس الأعلى للقضاء خاصة وأن المشروع المتعلق به اليوم مرفوض من فئة كبيرة من القضاة(يروا أنه يمس استقلالية القضاء) ونحن لا نستطيع أن نبني قضاء مستقلا بإهانة القضاة". وكان رئيس كتلة نداء تونس صرح للأناضول قبل أيام، بإمكانية استبعاد حزب "آفاق تونس"، من الائتلاف الحاكم على خلفية توجيه الحزب انتقادات لقانون المجلس الأعلى للقضاء والتصويت ضده في البرلمان. وتمّ التصويت على قانون المجلس الأعلى للقضاء، الجمعة الماضي، بأغلبية 131 مقابل 14 صوتوا ضد القانون (من ضمنهم كتلة آفاق تونس التي رأت أن القانون يمس استقلالية القضاء) واحتفظ 8 نواب بأصواتهم ضمن 153 نائبًا حضروا الجلسة. وعن الزيارة الأخيرة التّي أداها الرئيس التونسي الباجي قائد السّبسي إلى الولاياتالمتحدة في 20 و21 مايو / أيار، قال بن عبد الرّحمان في مقابلته مع الأناضول إن "هذه الزيارة تعد إيجابية، وأن منح تونس وضع حليف استراتيجي خارج حلف ناتو (حلف شمال الأطلسي)، سيسمح لها بمزيد من الدّعم في المجالين العسكري والأمني". ومضى قائلا: "كانت زيارة إيجابية لأن تونس في حاجة اليوم إلى دعم أصدقائها في كل المجالات السياسية، والاقتصاديّة، والعسكرية، والمخابراتية". وأضاف: "لا بُدّ لتونس أن تتخذ اليوم إجراءات هامة في المجال الأمني والعسكري ذلك أنها منذ الاستقلال بمختلف الأنظمة المتعاقبة عليها، لم تركز جيدا على هذا الجانب المهم المتمثل في تغيير العقيدة العسكرية التي طالما كانت كلاسيكية وموجهة فقط نحو حرب متوازية، حتى يكون لدينا جيش قوي بمعدات عسكرية ملائمة". وتابع: "اليوم لا بد من إعادة النظر في هذا الموضوع والأمر نفسه بالنّسبة إلى برامج التكوين في المعدات والتنظيم والانتشار، وهو ما يحتاج إلى مساعدة كبيرة من حلفائنا وأصدقائنا ونحن تلقينا هذا الشيء، وبالتّالي فلا خوف في أن تباع البلاد لا من قريب ولا من بعيد لا اقتصاديا ولا سياسيا ولا عسكريا". وأكد أن "هناك رغبة كبيرة في إنجاح التجربة التونسية وهذا لمسناه من خلال الاتصالات التي كنا نجريها مع عدد من الأصدقاء في الخارج". وعن تقييم حزبه للعلاقات مع الجارة ليبيا خاصة في ظل الأزمة السياسية داخلها والمخاطر التي تتهدد العمال التونسيين هناك، قال الأمين العام لآفاق تونس إن "استقرار ليبيا من استقرار تونس، ومشاكل ليبيا هي من مشاكل تونس، وكل المخاطر التي تتعرض إليها ليبيا تهدد تونس أيضا والشعبين متشابكين منذ التاريخ". وأضاف: "الوضع تعقد في ليبيا والأطراف لم تجد الوقت لإحلال التوافق، وتونس لابد أن تلعب دورا رئيسيا وفاعلا في ايجاد ذلك التوافق في ليبيا.. نحن مع ليبيا". ومضى قائلا: "الوضع في ليبيا يحتاج إلى طاولة حوار يجلس عليها الجميع ويتفقوا على المسائل الرئيسة، وأنا لا أرى صعوبة في الاتفاق؛ فليبيا بلد له قدرات كبيرة وموارد وخبرات وكفاءات". وفي رده على تصريحات وزير الإعلام الليبي في حكومة طبرق، عمر القويري، المتهجمة على الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وخاصة دعوته كلا من السعودية والإمارات إلى التدخل في تونس لإعادة "بوصلتها إلى الاتجاه الصحيح بعيدا عن هيمنة تركيا"، قال عبد الرحمان: "هذا تصريح متشنج وليس هناك في تونس هيمنة لتركيا، وهي بلاد صديقة تجمعنا شراكات، وليس هناك آي نوع من الهيمنة.. ونرفض هذا التصريح ونرفض آي تعد على رمز من رموز الجمهورية التونسية وهو رئيس الدّولة".