كشف الإعلامي السوري فرحان مطر المستقيل من التليفزيون السوري مؤخراً، أن الإعلام في سوريا كما في كل الأنظمة العربية المستبدة من حيث قيامه على التضليل والزيف. جاء ذلك في إحدى جلسات مؤتمر التضامن السوري الذي استضافه اتحاد الكتاب بالزمالك اعتبارا من أول أمس، وأشار الإعلامي السوري إلى أنه تابع أثناء اندلاع الثورة التونسية وبعدها المصرية كيف أن الإعلام الرسمي لكل من الدولتين، مارس أكاذيبه التي استطاعت ثورات الربيع العربي كشف حقيقة ذلك الإعلام العربي البائس والفاقد للحجة.
كان الإعلام التونسي كما يصفه مطر متخلفاُ جداً حين حاول الالتفاف على الأحداث، فقد كان يقول كل شئ ما عدا الحقيقة، حتى أنه كان يكذب بطريقة فجة لا تنطلي على الصغار، وفي مصر كان كذلك أيضاً، فقد كانت شوارع مصر تحترق وتعج بالمظاهرات في حين أن الإعلام الرسمي المصري يبرز الشوارع خالية، ويركز بكاميراته على صفحات النيل الهادئ.
أما في ليبيا فقد فاق الإعلام هناك كل مستويات الانحطاط – يواصل الإعلامي السوري - حيث كان جاهلاً وكاذباً بشكل أكبر، لا ينفك عن تمجيد الطاغية، وكان منشغلاً بنفس هموم الإعلاميين التونسي والمصري وهي تزوير الحقائق.
في أثناء تلك الثورات كان الإعلام السوري ينقل الحقائق كما هي بنوع من التشفي في النظامين التونسي والمصري، نظراً لكرهه للنظامين واتهامهما بالعمالة، وكان النظام السوري حينها يقتنع بأن ما يحدث في مصر وتونس هو ثورة.
حين اندلعت شرارة الثورة من "درعا" السورية بدأ الإعلام يشعر بالصدمة، لأن النظام السوري شعر بها كذلك فلم يتوقع أن الشعب الذي عوّده على الاستعباد ممكن أن يمتلك الجرأة ويرفع صوته ورأسه ويقول للطاغية لا، ويطالبون بالإصلاح والحرية.
يواصل مطر : حين شاهدت السلطات نبرة التحرر بالشارع جن جنونها ، وظل الإعلام منشغلا بصنع الأكاذيب، وفبركة الأحداث، ففي البداية تحدث عن وجود متآمرين على النظام السوري، وكأن الشعب السوري كله أصبح متآمرا !
يضيف : تحول الإعلام السوري منذ اللحظة الأولى إلى تبني صوت الجلاد وطرقات رصاصه، ورغم أن سوريا من حيث الشكل تمتلك إعلاماً خاصاً، فهي فعليا تجعل الإعلام ناطقا باسم الحاكم مسبحا بحمده.
ورغم كثرة الفيديوهات المصورة بوسائل بسيطة التي تم عرضها على "يوتيوب"، لتفضح النظام السوري الوحشي، إلا أن الإعلام الرسمي السوري حاول عبر أبواقه وإعلاميه أن ينفي تلك الفيديوهات ويدعي تزويرها، منها ذلك الفيديو الذي يظهر عملية التعذيب الجماعية في قرية "البيضا" السورية، وقوات الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق بشار، يقومون بتعذيب وإهانة وسب جماعي، في حين يكون رد فعل الإعلام الرسمي تأكيد كذب هذه الفيديوهات.
وتحدث مطر عن رسائل التهديد التي تصله من سوريا بخطف بناته، وزوجته وقتله هو نفسه، قائلاً أن النظام السوري "يبلطج" كما يشاء، والضمير العربي في إجازة، فأهل سوريا رهائن الآن عند ذلك النظام، وطالب بطرد السفير السوري من القاهرة، هذا البلطجي كما يصفه مطر الذي يدعم نظام بشار بكل ما أوتي من قوة، كما أن لديه حصة من التدني الأخلاقي حين أشار بحركات بذيئة للصحفيين والإعلاميين حين سألوه عن القمع السوري.
من جانبه قال الروائي والأديب الكبير بهاء طاهر أنه لن ينسى مشهد مقتل الطفل حمزة الخطيب الذي ملأت الثقوب جسده، هذا الذي لا يقل عن ما حدث لخالد سعيد، مؤكداً على ما قاله الإعلامي السوري فرحان مطر من أن المظاهرات المليونية التي يبثها الإعلام السوري وتنادي ببقاء بشار، هي مظاهرات ملفقة يتم دفع الناس إليها دفعاً إما خوفاً أو طمعاً.
ودعا طاهر إلى محاصرة السفارة السورية في مصر من قبل المثقفين، كما فعل الكتاب والمثقفين من قبل عند السفارة الليبية، وهذا كما يصفه طاهر "أضعف الإيمان" ولا يساوي قطرة دم شهيد سوري واحد.
وفي كلمته، استشهد رئيس اتحاد الكتاب الأديب محمد سلماوي بما قاله له أحد المفكرين الفرنسيين من أن الثورة التونسية خاصة بأبناء تونس، أما ثورة مصر عربية، ما إن حدثت في مصر حتى اندلعت في باقي الوطن العربي، ليعلق سلماوي قائلاً: هذا ما حدث أيضاً حين قامت ثورة مصر في عام 1952 لتندلع بعدها كل حركات التحرير في جميع أرجاء الوطن العربي.
أما الناقد سيد الوكيل فتحدث عن رهانات الثورة السورية التي يعول عليها الجميع في تصدير ديمقراطية عربية صحيحة، لأن في حالة نجاحها وإقامة دولة ديمقراطية تستوعب هذا التعدد السكاني، والعرقي والمذهبي الكبير وغير المسبوق تقدم حينها نموذجاً حقيقياً لكيفية حفظ توازنات التعدد بداخلها.