سيطر تنظيم "داعش" بالكامل على مدينة تدْمر الأثرية السورية والمعروفة "لؤلؤة الصحراء"، وقال المكتب الإعلامي للتنظيم فى "حمص"السيطرة على سجن المدينة ومطارها العسكري بريف حمص الشرقي وسط سوريا، وقال التنظيم إنه قتل أكثر من 150 عنصرا تابعين للنظام، وذلك بعد أسبوع من القتال العنيف مع قوات النظام السوري بقيادة بشار الأسد، التي انسحبت إلى منطقتي الفرقلس وخنفيس غربي المدينة. بشار يتراجع.. والأسباب متعددة أعلنت وكالة "سانا" الرسمية التابعة للنظام السوري عن انسحاب جيش النظام من مدينة تدمر، وذلك بعد أن قال الجيش إنه أخرج المدنيين لتأمينهم ضد هجمات من وصفهم بالجماعات الإرهابية التي دخلت إلى المدينة وتحصنت في منطقتها الأثرية. وقال محللون أن "داعش" استغل موجة الصراع الدائرة فى العراقوسوريا، والتناقضات الإقليمية والدولية، ليتمدد في الدولتين، حيث قال أحمد أبا زيد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية الجهادية، إن تنظيم الدولة استغل تفكك الدولة وسيطر على مساحات في سورياوالعراق تعادل مساحات دول، وحدث ذلك في ظل غياب موقف موحد لمواجهته في كلتا الدولتين. وقال أبازيد فى مقابلة مع برنامج "الواقع العربي" فضائية "الجزيرة الإخبارية"إن التنظيم في العراق سيطر على مناطق كانت تسيطر عليها الدولة مثل الموصل والرمادي، بينما في سوريا يعد عدوا للمعارضة وليس للنظام السوري الذي قال إنه ليس لديه النية في قتاله، مؤكدا أن التنظيم استفاد من التناقضات الاجتماعية ومن صفقات النفط، ومن الديكتاتوريات، وهشاشة الثورة في وسوريا، ليبسط سيطرته على مناطق مثل دير الزور والرقة والحسكة. وفى نفس السياق، صرح الخبير في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية، أن التنظيم نجح بأن يكون بمثابة رأس حربة لجميع القوى السنية في العراق والتي لم تتمكن من الاندماج داخل العملية السياسية، وفي ظل سيطرة المكون الشيعي على الحياة السياسية في البلاد. وأشار إلى أن هذا التنظيم يختلف عن تنظيم القاعدة وعن الحركات الجهادية الأخرى، وأنه نجح في خلق خليط من المقاتلين من مختلف الهويات، وهو يضع خططا للسيطرة والهيمنة من منطلق عقيدته الأيديولوجية. تحذيرات دولية وفور إعلان التنظيم عن سيطرته على المدينة اندلعت موجة من التحذيرات الدولية المتخوفة من تدمير المدينة العتيقة التى عرفت بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها. وتعد المواقع الأثرية في مدينة تدمر المعروفة باسم "لؤلؤة الصحراء"، واحدة من ستة مواقع سورية أدرجتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" على لائحة التراث العالمي للإنسانية.... إقرأ المزيد خسارة هائلة للبشرية لعل أول وأبرز التعليقات المحذرة من تدمير آثار تدمر جاءت من المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" إيرينا بوكوفا، الخميس، من أن تدمير مدينة تدمر الأثرية، "لن يكون جريمة حرب فحسب، وإنما أيضا خسارة هائلة للبشرية". وقالت بوكوفا في شريط فيديو نشر على موقع المنظمة الإلكتروني، إن تدمر موقع تراث عالمي فريد في الصحراء ومهد الحضارة البشرية وملك للبشرية جمعاء. وحثت المسؤولة الدولية المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي والزعماء الدينيين على توجيه نداء لوقف العنف، مجددة دعوتها إلى وقف إطلاق نار فوري وانسحاب القوات من المدينة الأثرية، داعية إلى إنهاء ما وصفتها ب"الأعمال العدائية" في مدينة تدمر، معتبرة أن القتال هناك يشكل خطراً على أحد أهم المواقع الأثرية في الشرق الأوسط وعلى سكانها المدنيين. وطالبت بوكوفا المجتمع الدولي ببذل كل ما في وسعه لحماية السكان المدنيين المتضررين وحماية التراث الثقافي الفريد في تدمر، حسب قولها. وعلى صعيد متصل طالب مدير المتاحف والآثار في سوريا مامون عبد الكريم المجتمع الدولي بالتحرك لانقاذ تدمر. وقال عبد الكريم "للاسف وبكل حزن تدمر اليوم تحت سيطرة مجموعات داعش الإرهابية. هذه خسارة لكل الانسانية وللحضارة العالمية امام الهمجية". انتكاسة للتحالف البيت الأبيض لم يغيب عن الساحة، فقد أكد فى المتحدث باسمه "جوش إيرنست"إن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية داعش على المدينة السورية التاريخية تدمر يعد "انتكاسة" لقوات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة، في حربها ضد التنظيم المتشدد، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن الرئيس باراك أوباما لا يتفق مع دعوة الجمهوريين لإرسال قوات أميركية على الأرض لمواجهة داعش. كما أعربت الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني الخميس عن القلق إزاء خطر ارتكاب تنظيم مسلحي داعش "جرائم حرب" جديدة بعد سيطرته على مدينة تدمر الأثرية في سورية. وصرحت موغريني في بيان في بروكسل "مجددا قتل مئات الأشخاص، والآلاف مهددون بأعمال عنف تعسفية، فيما يحوم خطر تدمير مواقع ثقافية مرة أخرى". واعتبرت الدبلوماسية في ختام زيارة إلى اسرائيل والأراضي الفلسطينية أن أعمال القتل الجماعي وتدمير الإرث الثقافي الأثري في سورياوالعراق بيد داعش تشكل "جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي" للمحكمة الجنائية الدولية. تدمير التراث الإنساني"محرم شرعا" ومن جانبه، أعرب الأزهر الشريف، فى بيان له اليوم عن "بالغ قلقه" من سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر الأثرية، وطالب في بيان المجتمع الدولي بسرعة التحرك والقيام بدوره للحيلولة دون قيام عناصر تنظيم الدولة "بطمس المعالم الحضارية والأثرية بالمدينة"، مشددا على أن تدمير التراث الإنساني والحضاري والتعامل بالتهريب والبيع والشراء في الآثار المنهوبة، هو أمر "محرم شرعا". نصف سوريا فى قبضة "داعش" وفى تقرير خطير كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن بهذا التقدم الذى كسبه "داعش" أصبحت نصف سوريا من حيث المساحة الجغرافية، تحت سيطرته، إذ يسيطر التنظيم على 95 ألف كلم مربع في تسع محافظات سورية، وباتت مساحة متصلة من جنوب جبل عبد العزيز وبلدة الهول في جنوب وجنوب شرق الحسكة، مرورا بمعظم دير الزور والغالبية الساحقة من محافظة الرقة، وصولا إلى ريف مدينة مارع بريف حلب الشمالي، وتدمر بريف حمص الشرقي والبادية السورية حتى ريف السويداء الشمالي الشرقي والأطراف الشرقية لريف دمشق، بيد داعش، إضافة إلى سيطرة التنظيم على مناطق واسعة في مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود في جنوب العاصمة دمشق. كما يسيطر داعش أيضا على معظم حقول النفط في البلاد، باستثناء حقل الشاعر في ريف حمص وحقول رميلان في ريف الحسكة. لبنانيون فى سجون "تدمر" وبعد سيطرة الدولة الإسلامية على سجن المدينة نشرت مواقع مقربة من المتشددين معلومات عن العثور في سجن المدينة على 27 لبنانيا، بينهم 5 قيد الاعتقال منذ 35 عاما، وقالت مصادر في وزارة الداخلية اللبنانية، الخميس، إن في سجن تدمر بسوريا، الذي سيطر عليه تنظيم الدولة، الخميس، عدد من اللبنانيين الذين فقد الاتصال بهم منذ عدة سنوات، مشيرة إلى أنها "تعمل.. على الحصول على أسمائهم"، وفقا ل"سكاي نيوز عربية". يشار إلى أن عدد من اللبنانيين، ينتمي بعضهم إلى أحزاب مختلفة شاركت في الحرب الأهلية، فقد الاتصال بهم منذ أكثر من 3 عقود، يقول ذووهم إن بعضهم في السجون السورية. ويعد سجن تدمر، الذي شيد عام 1966 وتشرف عليه الشرطة العسكرية والمخابرات، أحد أبرز السجون الذي يحتجز فيه النظام السوري معارضيه، ويشير مراقبون إلى "أساليب تعذيب تمارس داخل أقبيته". حضارة 2000 عام وتضم تدمر التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2000 عام، آثارا لمدينة كبيرة كانت أهم مركز ثقافي في العالم القديم. وتجمع هندستها المعمارية بين العمارة اليونانية الرومانية للقرنين الأول والثاني والتقاليد المحلية والتأثيرات الفارسية. تعرف مدينة تدمر الأثرية بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها. وتعد المواقع الأثرية في مدينة تدمر المعروفة باسم "لؤلؤة الصحراء"، وتتوسط آثار تدمر التي تبعد مسافة 210 كلم شمال شرق دمشق، بادية الشام. وقد ظهر اسمها للمرة الأولى على مخطوطة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد، عندما كانت نقطة عبور للقوافل بين الخليج والبحر المتوسط وإحدى محطات طريق الحرير.