واشنطن: أصدرت محكمة فدرالية أمريكية حكما بالسجن لمدة 86 عاما على العالمة الباكستانية عافية صدِّيقي لإدانتها بمحاولة قتل عسكريين أمريكيين ، فيما شهدت باكستان تظاهرات احتجاجا على قرار المحكمة. واعتبر مدَّعون عامون في نيويورك العالمة الباكستانية متعاطفة مع تنظيم القاعدة وطالبوا بالحكم عليها بالسجن مدى الحياة. وجاء في بيان أصدره المدعي العام الأمريكي بريت بهارارا: "لقد توصلت لجنة محلفين لم يُعلن أسماء أعضائها، وبما لا يدع مجالا للشك، أن عافية صديقي سعت لقتل أمريكيين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية في أفغانستان، بالإضافة إلى زملاء أفغان لهم". وأضاف البيان قائلا: "إنها تواجه الآن عواقب وخيمة لما اقترفته من أعمال عنف." يُشار إلى أن مسؤولين أمريكيين في أفغانستان أجروا تحقيقا مع صديقي بعد أن أُلقي القبض عليها عندما كانت قد أمسكت ببندقية وأطلقت النار منها وهتفت "الموت للأمريكان". وقد استخدم الادعاء العام الأمريكي ملاحظات كانت بحوزة صديقي أثناء إلقاء القبض عليها، إذ تضمنت تلك الملاحظات إشارات إلى صنع "قنابل قذرة" وقائمة من معالم مدينة نيويورك، الأمر الذي اعتُبر دليلا على أنها كانت "إرهابية خطيرة محتَملة". وقال الادعاء أيضا إنه كان بحوزة صديقي أيضا مادة سيانيد الصوديوم السامة. إلا أن محاميي العالمة الباكستانية قالوا إن موكلتهم "تعاني من مرض عقلي". وفي اول رد فعل باكستاني رسمي على الحكم ، قالت اسلام آباد الجمعة إنها "حزينة" للحكم بالسجن 86 عاما على عافية صديقي، مؤكدة انها تعمل لاعادتها الى البلاد. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الباكستانية "نشعر بخيبة امل وحزن لهذا الحكم". واضاف "سنواصل جهودنا لاعادة عافية صديقي الى باكستان". واعرب رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني عن حزنه لقرار المحكمة الامريكية وقال للسلطات الامريكية ان عليهم اعادة صديقي الى باكستان لتحسين صورتهم مضيفا انه اعطى توجيهاته لوزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك للاتصال بالسلطات الامريكية وبذل الجهود اللازمة لاعادة صديقي الى البلاد. وشهدت باكستان اليوم تظاهرات احتجاجا على قرار المحكمة الفدرالية الامريكية ، وطالب المحتجون الحكومة الباكستانية بالعمل على اعادة صديقي الى البلاد فيما قالت وسائل اعلام محلية ان المتظاهرين ومئات الناشطين من الجماعة الاسلامية تظاهروا امام القنصلية الامريكية في كراتشي وأحرقوا علما أمريكيا. يشار الى أن صديقي هي باحثة مختصة بعلم الأعصاب، وكانت قد درست في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا المرموق في الولاياتالمتحدة قبل زواجها من قريب لخالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول من عام 2001، ومن ثم عودتها إلى باكستان. وكانت قضيتها قد حظيت باهتمام ومتابعة جماعات حقوق الإنسان وسط مزاعم عائلتها بأنها تعرضت للتعذيب. وقد أثارت صدِّيقي خلال محاكمتها جلبة وصخبا، الأمر الذي أدى إلى طردها خارج قاعة المحكمة مرات عدة. وفي بيان أصدرته قُبيل إصدار الحكم عليها امس الخميس، نفت صديقي المزاعم التي تحدثت عن تعرضها للتعذيب خلال فترة سجنها في الولاياتالمتحدة. وقالت: "هذه أسطورة وكذبة، وهي تنتشر بين المسلمين." وأضافت صديقي في بيانها قائلة: "لا أريد إراقة أي دماء. لا أريد حصول سوء فهم. أنا أود حقيقة صنع السلام ونهاية الحروب". من جانبها، قال شقيقة عافية، الدكتورة فوزية صديقي، إن الحكم الذي صدر بحق أختها "سيثبت أنه مضر بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة بكافة السبل". وقالت: "إن نظام العدالة، الذي تعتقد الولاياتالمتحدة أنه مصدر فخرها، لم يعد فعالا. إنها بداية الانحطاط بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة. وأنا، إنشاء الله، سوف أعيد عافية إلى وطنها". يذكر أنه في العام 2004 ، صنف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "اف بي أي" صديقي بأنها نشطة ومساعدة للقاعدة وتشكل خطرا واضحا على الولاياتالمتحدة. وكانت الشرطة الأفغانية ألقت القبض على طبيبة الأعصاب الباكستانية عافية صديقي في 2008 وادعت أنها كانت تحمل عبوات لمواد كيمياوية ومذكرات تشير إلى هجمات لإحداث خسائر بشرية كبيرة ومعالم في نيويورك. واتهمت عافية أيضا بأنها انتزعت بندقية ضابط صف أمريكي أثناء احتجازها للاستجواب في يوليو/ تموز 2008 بإقليم غزني الأفغاني وأنها أطلقت النار على ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي قبل التغلب عليها وانتزاع السلاح منها. ورغم أنه لم يصب أي منهم ، لكن عافية التي اتهمتها الحكومة الأمريكية بأن لها صلات بالقاعدة أصيبت بعيار ناري. ولم توجه إليها اتهامات فيما يتصل بالمواد الكيمياوية ، كما أن التهم التي أدينت بها لا تتضمن الإرهاب، لكن القضية تركزت على حادث إطلاقها النار الذي وقع اليوم التالي للقبض عليها بمجمع الشرطة الأفغانية على محتجزيها الأمريكيين. وطالب البرلمان الباكستاني حكومة الرئيس آصف زرداري بأن تطلب من واشنطن إعادة عافية صديقي إلى البلاد ، كما أثار اعتقالها احتجاجات عارمة في باكستان وسط مطالبات شعبية بإطلاق سراحها .