دعا "إعلان نيقوسيا" الصادر عقب قمة ثلاثية جمعت بين رئيسي مصر وقبرص، ورئيس وزراء اليونان، في العاصمة القبرصيةنيقوسيا، إلى تعزيز التعاون بين الدول الثلاث في عدد من المجالات، أهمها الاقتصاد، ومكافحة الإرهاب، والدفاع، والأمن. وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فإن الإعلان، صدر عقب قمة ثلاثية عقدت اليوم، بين رئيس جمهورية قبرص الرومية نيكوس أناستاسيادس، ورئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي، ورئيس وزراء جمهورية اليونان ألكسيس تسيبراس، حيث جاءت تلك القمة بعد ساعات من لقاء جمع الثلاثة في وقت سابق اليوم بنيقوسيا أيضا. ووفق البيان، فإن الإعلان نص على أنه " نحن نيكوس أناستاسيادس رئيس جمهورية قبرص، وعبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وألكسيس تسيبراس رئيس وزراء جمهورية اليونان، إذ ندرك التحديات الكبيرة والمتنامية التي تواجه الاستقرار والأمن والرفاهية في منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط والمنطقة على نطاق أوسع، والحاجة لتنسيق ردود الأفعال الجماعية والدائمة، التقينا في نيقوسيا، قبرص ، بتاريخ 29 أبريل (نيسان) 2015 ، في القمة الثلاثية الثانية بين قبرص ومصر اليونان، من أجل التصدي بفاعلية لهذه التحديات ومواصلة تعزيز التعاون الثلاثي بيننا، والبناء على ما تم إحرازه من تقدم كبير حتى الآن". ولفت الإعلان إلى أن "هذه القمة الثلاثية الثانية تدعم شراكتنا الثلاثية الراسخة، الأمر الذي يعمل على تعزيز السلام والاستقرار والأمن والازدهار والتعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والسياحية في شرق المتوسط". واستدرك البيان: " في هذا الصدد، فإننا نؤكد على موقف بلادنا المشترك على النحو المبين في إعلان القاهرة الصادر عن القمة الثلاثية في 8 نوفمبر (تشرين ثاني) 2014". وكان إعلان القاهرة تضمن عدة بنود من أهمها ضرورة التعاون الثلاثي بين قبرص واليونان ومصر، في المجال الأمني. وقال "إعلان نيقوسيا" : "إن هذه الشراكة تمثل نموذجاً لحوار إقليمي أرحب، يشمل التنسيق الوثيق والتعاون في إطار المحافل متعددة الأطراف، والجهود التي تصب فى اتجاه دعم العلاقات بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي، وإذ ندرك أهمية التعاون الأورو- متوسطي لدول المنطقة؛ فإننا نؤيدعلى وجه الخصوص وبشكل كامل جهود الاتحاد من أجل المتوسط نحو النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونؤكد مجددا على التزامنا السابق لحشد كل الإمكانيات لدينا من أجل تعزيز القيم والمصالح المشتركة بصورة فعالة". وبحسب الإعلان، فإن "آلية التشاور الثلاثية تلك، التي تجتمع بانتظام على مختلف المستويات، تهدف إلى العمل على إطلاق الإمكانات الكامنة لمنطقتنا لمصلحة شعوب دولنا الثلاث والمنطقة بأسرها". وتطرق الإعلان إلى سبل مواجهة الإرهاب، حيث قال في هذا الشأن، إن "آفة الإرهاب الدولي تهدد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء والخليج وأوروبا، ويتطلب هذا التهديد العالمي استجابة شاملة ومنسقة وجماعية من قبل المجتمع الدولي. إننا ندين بشدة كافة الأعمال الإرهابية وندعو جميع الدول إلى مواجهة هذا الخطر بشكل نشط وفعال وتعزيز التعاون في الشؤون الأمنية لمواجهة الجماعات المتطرفة وكشف من يدعمها سياسيا وماليا. ولقد اطلعنا على ما جاء في إعلان القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ، (بمصر نهاية الشهر الماضي)، بشأن تشكيل قوة عربية مشتركة للرد السريع للتصدي بفاعلية للتهديد الإرهابي". ولفت الإعلان إلى أن أناستاسيادس، والسيسي، وتسيبراس، اتفقوا على "زيادة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والدفاع والأمن وبحث المعلومات ذات الصلة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بشكل مشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار على المدى الطويل". وفي الشأن العراقي، رحب "إعلان نيقوسيا"، ب"المكاسب التي حققتها مؤخرا القوات العراقية في العراق بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم (داعش)، وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنه لا تزال هناك تحديات كبيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار قدرة هذا التنظيم على تجنيد المزيد من المقاتلين". وفيما يتعلق بسوريا، قال الإعلان، "إننا نواصل دعم جهود مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سوريا "دي مستورا"، من أجل إطلاق عملية سياسية جديدة في سوريا وتشجيع العمل الجماعي تحت مظلة الأممالمتحدة على أساس قراري مجلس الأمن رقمي 2174 و2178، ونؤكد كذلك على الحاجة إلى مواصلة دعم دول المنطقة التي تعاني من آثار هذه الأزمة ونقدم دعمنا للجهود المصرية لتسهيل التوافق بين جماعات المعارضة السورية من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وفقا لإعلان جنيف". وبخصوص الأزمة الليبية، أعرب "إعلان نيقوسيا"، عن " القلق البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في ليبيا والتهديد الإرهابي المتزايد هناك، والذي يؤثر على الأمن والاستقرار في الدول المجاورة، ولذلك، فإننا نؤيد بقوة تنفيذ استراتيجية لمكافحة الإرهاب بالتوازي مع إطلاق حوار سياسي وعملية مصالحة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرارين رقمي 2213 و2214". كما أعرب الإعلان عن "دعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون،.. وفي الوقت ذاته، فإننا نؤكد على موقفنا الداعم لمؤسسات الشرعية، بما في ذلك الحكومة الحالية في مدينة البيضاء، والتي شكلها مجلس النواب لحين تشكيل حكومة وحدة وطنية". وتطرق الإعلان إلى الأزمة اليمنية، قائلا إن "الوضع المتدهور في اليمن يهدد بزعزعة استقرار منطقة الخليج والقرن الأفريقي والبحر الأحمر ومنطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع، ولذا فإننا نعرب عن دعمنا القوي للحكومة الشرعية في اليمن والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، ونؤكد أن الجهود المبذولة برعاية الأممالمتحدة لاستئناف المفاوضات الشاملة دون شروط مسبقة هي السبيل الوحيد للمضي قدما". وفي الشأن ذاته، رحب الإعلان "بالجهود التي يبذلها مجلس التعاون الخليجي بالتكامل مع مبادرات الأممالمتحدة"، مشيرا إلى أنه "يتعين على جميع الأطراف أن تنفذ بشكل كامل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار رقم 2201 الصادر في فبراير (شباط) 2015 والقرار رقم 2216 الصادر في 14 أبريل (نيسان)2015، ونؤكد على ضرورة التصدي بحزم لتهديد الجماعات الإرهابية والمتطرفة المتواجدة في اليمن، وفي الوقت ذاته، يتعين على جميع الأطراف أن تكفل حماية المدنيين وأن تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين دون قيود". وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، دعا "غعلان نيقوسيا" إلى "تحقيق تسوية سلمية عادلة وشاملة ودائمة في الشرق الأوسط تستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ذات سيادة واتصال جغرافي على الأراضي المحتلة منذ 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، لتحيا فى سلام وأمن مع كل جيرانها اِتساقا مع المواقف والمبادرات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، ونؤكد أن مثل هذه التسوية هي الضامن الوحيد لتجنب تكرار وقوع ضحايا أبرياء من المدنيين، وتجنب الدمار وتصاعد التوتر". وأيد الإعلان "بقوة استئناف المفاوضات بغية تحقيق تسوية شاملة على أساس حل الدولتين، وقال: "وفي هذا السياق، فإننا نشيد بجهود مصر المستمرة من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار فى غزة وإحلال السلام في الشرق الأوسط". "إعلان نيقوسيا" تطرق أيضا إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية، قائلا إن "زيادة تدفقات الهجرة تشكل تحديا كبيرا لبلداننا، ولقد اتفقنا على حشد كافة الجهود المتاحة لدينا لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح في البحر، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذه المأساة الإنسانية التي نواجهه، وذلك بالتعاون مع الدول المصدرة للهجرة ودول المرور". وقال الإعلان: " إننا نقدر أن اكتشاف احتياطات هامة من النفط والغاز في شرق المتوسط يمكن أن يمثل حافزاً للتعاون على المستوى الإقليمي، ونؤكد أن هذا التعاون ينبغي أن يكون قائماً على التزام دول المنطقة بالمبادئ المستقرة للقانون الدولي، وفى هذا المجال، نؤكد على الطبيعة العالمية لمعاهدة الأممالمتحدة لقانون البحار، ونقرر المضي قدما على وجه السرعة فى استئناف مفاوضاتنا بشأن ترسيم حدودنا البحرية التي لم يتم تعيينها حتى الآن". وأضاف: "كما ندعو أيضا لتسوية عادلة وشاملة ودائمة للمشكلة القبرصية توحد الجزيرة وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة إن مثل هذه التسوية لن تكون مفيدة فقط لشعب قبرص ككل، وإنما ستساهم بشكل ملموس أيضاً فى تحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة، ونرحب بإمكانية تعزيز استئناف المفاوضات وتنفيذ تدابير بناء الثقة". وفي الملف الأقتصادي قال "إعلان نيقوسيا"، "لقد اتفقنا على استكشاف كل الإمكانيات لتعزيز أوجه التعاون بين اقتصاداتنا، وذلك بهدف خلق بيئة اقتصادية للنمو تكون أكثر إيجابية، بُغية التصدي لتحديات الوضع الاقتصادي الدولي المتغير بسرعة والاستفادة معا من الفرص الهامة البازغة في منطقتنا". وبحسب الإعلان فإنه "من منطلق إدراكنا لأهمية السياحة والصناعة البحرية كمكونات حيوية لاقتصاد البلدان الثلاثة، وبعد التوقيع على المذكرة الثلاثية بشأن التعاون في مجال السياحة بين قبرص واليونان ومصر في 29 أكتوبر(تشرين أول) لعام 2014، اتفقنا على مواصلة العمل معا بشكل وثيق بهدف تيسير وتعزيز التعاون في مشاريع مشتركة، بمشاركة من الجهات الحكومية والخاصة، بما في ذلك تنظيم برامج سياحية ورحلات بحرية مشتركة، وتعزيز النقل البحري بين الدول الثلاث لنقل البضائع والركاب على حد سواء، والشروع في التعاون في مجال التعليم والتدريب البحري". واختتم الإعلان بالقول: " وستواصل دولنا الثلاث، انطلاقا من قناعتها بالأهمية الاستراتيجية لهذه الآلية الثلاثية، العمل بشكل وثيق من أجل إطلاق كامل الطاقات لاستفادة شعوبها والمنطقة بأسرها". وتعد القمة بين الرؤساء الثلاث هي الثانية خلال 6 أشهر، حيث عقدت الأولى بالقاهرة في 8 نوفمبر/تشرين ثاني من العام الماضي. وتأتي القمة في إطار الزيارة التي يقوم بها الرئيس المصري إلى قبرص، والتي استمرت يوما واحدا قبل أن يغادرها إلى إسبانيا.