بوروندي الغارقة في أتّون احتجاجات شعبية مناهضة لترشح الرئيس المنتهية ولايته، بيير نكورونزيزا، لولاية رئاسية ثالثة، "ليست بوروكينا فاسو" التي هزها، أواخر أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، حراك شعبي مماثل، انتهى بسقوط نظام رئيسها بليز كمباوري، وفقا لما صرح به رئيس الحزب الحاكم في بوروندي باسكال نيابيندا في اتصال هاتفي مع وكالة "الاناضول." نيابيندا الذي يشغل أيضا منصب رئيس إئتلاف "المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية قوى الدفاع عن الديمقراطية" الحاكم، أبدى ثقته في استقرار النظام الحاكم في بلاده، رفض التعقيب على شرعية المطالب الشعبية، مشيرا إلى أنّه "يعود للمحكمة الدستورية وحدها الحسم في جدل مماثل، ومهما كان حكمها، فسنخضع له". مجلس الشيوخ، والذي يمثل الغرفة الثانية للبرلمان البوروندي، طلب، أمس الثلاثاء، من المحكمة الدستورية، البتّ في دستورية ترشح نكورونزيزا لولاية رئاسية ثالثة، والتي تطرح جدلا قانونيا. معلومة أكّدها للأناضول المكلّف بالاتصالات صلب مجلس الشيوخ واكاريغوا سيلستان، فيما قالت مصادر من الإئتلاف الحاكم للأناضول، إنّه "من المرجح" أن يصدر "قرار إيجابي" عن هذه المؤسّسة الجمهورية التي تحتضن أعضاء "عيّنهم رئيس الدولة"، بموجب المادة 226 من الدستور البوروندي. معطيات زرعت الشك لدى المعارضة حيال موضوعية قرار المحكمة الدستورية المنتظر، والذي "ينبغي أن تعلن عنه في غضون 30 يوما"، وفقا للمادة 230 من الدستور. وتعقيبا عن الجزئية الأخيرة، قال نيابيندا ساخرا: "يريدون (المعارضون)، على الأرجح، محكمة معيّنة من قبل الأممالمتحدة". ومن المنتظر أن تبتّ المحكمة الدستورية البوروندية في دستورية ترشح نكورونزيزا لانتخابات يونيو/ حزيران المقبل، وهو الماسك بزمام الحكم في بلاده منذ 2005، ما يعني أنّ ولايته القادمة ستكون الثالثة، وهو ما يحظره الدستور البوروندي، الذي يحدّ الولايات الرئاسية باثنتين. ومع ذلك، فإنّ نظام نكورونزيزا يحبّذ الإستناد إلى جزئية بالدستور البوروندي، والذي، ولئن حدّد الولايات الرئاسية بإثنتين فقط، إلاّ أنّه ربطهما بالإقتراع العام المباشر، وهذا ما يخدم مصلحة الرئيس البوروندي المغادر، وهو الذي تولّى الحكم منذ إنتخابه في عام 2005 (أعقبت الحرب الأهلية من 1993 إلى 2005)، بشكل إستثنائي وعلى أساس اتفاق أروشا، بالاقتراع الحر غير المباشر، قبل أن يعاد انتخابه لولاية رئاسية ثانية بالاقتراع العام المباشر في 2010، ما يعني أنّ ترشحه للإنتخابات المقبلة سيحسب له ك "ولايةً دستورية ثانية"، بحسب أنصاره وليس ثالثة كما تقول المعارضة. أمّا بخصوص شعار "الإنقلاب الدستوري" الذي ترفعه المعارضة احتجاجا على الولاية الثالثة للرئيس، فردّ عليه رئيس الإئتلاف الحاكم قائلا أنه "انقلاب الشارع"، والذي يسعى "شق من السكان إلى القيام به لصالح المجتمع المدني الذي يدفع لهؤلاء وكأنّهم عمّال لديه"، مضيفا بنبرة ساخرة، أنّ "المجتمع المدني لا ينتج ولا يمارس الزراعة، وهذا ما يفسح المجال أمامنا لنفهم أنّه مموّل من قبل بلدان أخرى معظمها من القارة الأفريقية". وفي معرض ردّه على الاتهامات التي توجّهها المعارضة إلى اتحاد شباب الإئتلاف الحاكم "إمبونيراكور"، والذي تعتبره الأولى مسؤولا عن مقتل اثنان من المحتجّين على الأقل منذ بداية المظاهرات الأحد الماضي، قال نيابيندا إنه يفضل استعراض مظاهر العنف، قائلا: "ينبغي أن تسألهم من يحرق الإطارات المطاطية في الشوارع؟ من من يعتدي على المنشآت العامة والسيارات؟ هل هم الإمبونيراكوريون (نسبة إلى شباب الإئتلاف الحاكم)؟". وأعلنت قوى معارضة ومنظمات المجتمع المدني في بوروندي، السبت الماضي، أنّها ستنزل إلى الشوارع، احتجاجا على الإعلان الرسمي لترشح الرئيس البوروندي لولاية رئاسية ثالثة، وهو ما حصل. ويأتي ترشّح نكورونزيزا لولاية ثالثة، في خضم سياق سياسي بالغ التوتر، ينذر بتصعيد محتمل، خصوصا في ظلّ الاحتجاجات المناهضة لخطوة وصفتها المعارضة ب "غير دستورية"، والتهديد بانفجار الوضع من قبل المجتمع المدني، حيث أكّد بيير كلافر مبونيمبا، وهو إحدى الوجوه البارزة والناشطة ضمن المجتمع المدني البوروندي، في تصريح للأناضول بوقت سابق، إنّه "بمجرّد أن يعلن نفسه (الرئيس) مرشّحا، فسننزل إلى الشوارع، وستكون بداية حرب عامة في بوروندي". ويفصل بوروندي، أقل من شهرين عن تنظيم انتخاباتها الرئاسية مقررة في يونيو/ حزيران المقبل، وهي فترة انتظار ستبدو طويلة على الرئيس نكورونزيزا الذي يحكم البلاد منذ 10 سنوات، ويتهدده غضب شعبي انطلقت أولى شراراته السبت الماضي.