" الوصال " و " داء الحب " أبرز تيمات الشعر الفرعونى الشعر الفرعونى يتشابه مع أغانى الأفراح الشعبية بالصعيد المصريون توارثوا 2000 كلمة من اللغة المصرية القديمة نصوص الحب فى مصر القديمة " تاريخ موازى " " متون الأهرام " أقدم كتاب فى العالم " ليتنى كنت خاتمها الصغير حارس إصبعها لأرى حبها فى كل لحظة كل يوم و أنا ... أخطف قلبها " هذا " الكلام الذى يسعد القلب " يعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد ، من شعر الحب فى مصر الفرعونية ، الذى ترجمه الكاتب الصحفى و الباحث فى علم المصريات " حسن صابر " مباشرة عن الهيروغليفية . الحضارة المصرية لم تكن فقط حضارة موت أو عمل و بناء فقط ، لذا أراد الكاتب أن يلقى الضوء على الجوانب الإنسانية من الحضارة المصرية القديمة ، من خلال أشعار و أغانى الحب فى النصوص القديمة التى تعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد . و أشار الكاتب أن النصوص تضم 58 قصيدة قصيرة ، و تأتى تلك القصائد فى فترة حكم الأسرتين الفرعونيتين التاسعة عشر و العشرين فى عصر الدولة الحديثة . جاء ذلك خلال حفل توقيع كتاب " الكلام الذى يسعد القلب " لحسن صابر ، بمكتبة الثقافة الجديدة ، و ناقش العمل الكاتب الصحفى سيد محمود، رئيس تحرير جريدة القاهرة. و فى تصريحات خاصة قال المؤلف لشبكة " محيط " عن اختياره لعنوان الكتاب " الكلام الذى يسعد القلب " ، أن المصريين القدماء كانت لهم تصنيفات للنصوص ، مثل أدب التعاليم و أدب الحكمة ، و النصوص الدينية و كتاب الموتى ، أما نصوص الحب فكانوا يصنفونها تحت مسمى "الكلام الذى يسعد القلب – مدوت نو سخمخ إيب " . و عن ملامح الحب فى مصر القديمة ، قال الباحث أنه مشابه للحب فى عصرنا و مشاكله من قلق و خوف و حيرة ، و المشاعر المختلطة بين الهجر و الوصال ، و الخوف من الفراق ، و يظهر القلب بقوة فى القصائد كمصدر لتلك المشاعر ، كما تلقى القصائد الضوء على الحب الجسدى ، كتمنى الحبيب أن يصبح خاتم صغير حارسا على أصبع محبوبته ليخطف قلبها ، حتى أنه يتمنى أن يصبح غسال ملابس الحبيبة ، فقط ليشتم عطرها فيهم . و بسؤاله عن أبرز التيمات التى تناولتها القصائد ، أجاب الباحث أن التيمة الأساسية كانت " عدم الوصال " و صعوبة لقاء المحبين ، و التيمة الثانية " داء الحب " و له علاقة أيضا بعدم الوصال ، فنقرأ فى أحد القصائد : لن يرتاح قلبى لوصفاتهم و الكهنة المرتلون لا سبيل لديهم لا يعرف أحد دائى ما قلته لنفسى : إن اسمها هو الذى سيحييك اسمها هو الذى سينقذك كما أوضح الباحث أن القصائد لم تتحدث حديث الزواج سوى بالإشارة فى قصيدة واحدة كانت تتحدث فيها الحبيبة عن اليوم الذى سيلتقى فيه محبوبها بأهلها ، و جاء ذكر الأم فى عدد من القصائد ، فألأم هى سر ابنتها التى تلجأ لها الفتاة لتشكو لوعة الحب . و هناك قصيدة كاملة عن الحب فى البستان و هو يمثل مدى ارتباط الشعر بالطبيعة ، فاهتمت القصائد بوصف المكان ، و ذكرت عدد من الدول كالصومال و الشام و الحبشة ، مما يدل على أن المجتمع المصرى القديم كان منفتحا على الدول المجاورة ، أما ذكر الآلهة فكان قليل ، فكان يتوسل لها الأحبة لتحقيق الوصال ، و كانت الفتاة تخاطب الحبيب فى الشعر ب " أنت " و هو يخاطبها ب " هى " تعبيرا عن الحياء . رسول الحب و فى إجابته عن تساؤل محيط حول التشابهات بين الشعر الفرعونى و الشعر الحديث ، قال أن الأمر يحتاج لدراسة جادة ، فقد لاحظ أن عدد من القصائد تبدأ بكلمات " يا عين يا ليل " ، فلا عجب أن مواويلنا كانت تبدأ دوما بتلك الجملة ، و جملة " يبوس أيده أربع مرات " التى تماثل عندنا " يبوس أيده وش و ظهر " ، و بالقصائد جو مشابه للأغانى الشعبية فى الأفراح بالصعيد عن استعداد لقاء الحب . و أشار الباحث أن هناك العديد من الأمور التى توارثناها عن مصر الفرعونية ، و هناك حوالى 2000 كلمة نستخدمها تعود لذلك العصر ، و منها كلمة موت و حساب و نجار و شوطة "وباء " . أما عن أبرز تشبيهات الحب فى الشعر الفرعونى ، أشار صابر أن القصائد مليئة بتصويرات سينمائية تعبر عن صورة راقية للحب ، فنجد فى أحد القصائد استعارة مركبة تصور " رسول الحب " بالرسول الملكى المتعجل و جواد ملكى منتخب من ألف من الخيول الأصيلة يعدو مسرعا ليوصل رسالته للحبيبة . و قال صابر أن تلك النصوص اكتشفت فى نهاية القرن التاسع عشر على يد لصوص المقابر الذين عثروا عليها فى الأقصر ، و هناك جرة فخار مهشمة منقوش عليها قصيدة حب وجدت بدير المدينة ، أما بقية النصوص فتم خطها على ورق البردى أو الحجر " الأوستراكا " . وا عتمد الكاتب على مصدرين أساسيان فى جمع نصوص الأشعار أحدهما كتاب لرئيس مجلس الآثار الفرنسى ، و كتاب شعر الحب و نشيد الإنشاد ، و هم متوافرين باللغة الفرنسية و الإنجليزية مع نصهم الأصلى باللغة الهيرغليفية إلى جانب الهيراطيقية و الديموطيقية . و بسؤاله عن أهمية كونه شاعر و متخصص بالمصريات فى ترجمة تلك النصوص ، قال أن أساتذة الآثار تستطيع ترجمتها بشكل جيد ، و لكن الشاعر يستطيع أن يختار المفردة الصحيحة من بين الكثير من المفردات ، و ترتيب الكلمات و نظمها فى شكل شعرى . فقر الأبحاث أكد الكاتب أنه أراد بترجمته لتلك النصوص أن يكشف جانب جديدة من الحياة المصرية القديمة بعيدا عن المتعارف عليه من عظمة الملوك و الآثار و التحنيط ، فى حين أن هناك القليل من الأبحاث ألقت الضوء على الحياة اليومية فى تلك الفترة ، و ليس فقط عن الظروف المعيشية ، إنما بالتعمق فى النفس البشرية و التعرف على مشاعرهم الداخلية بشكل أكبر من خلال نصوص الحب . و عن سبب فقر الأبحاث فى مجال المصريات ، أرجعها الباحث أن الكثير من الأبحاث القيمة حبيسة مكتبات الجامعات ، وأن بنشرها ستملئ فراغ ضخم على الساحة ، و أن بعد مناقشة تلك الأبحاث تصدر توصية بالطباعة و النشر و لكنها تلقى فى الزبالة ، و لا تلقى اهتمام ، كما أن معظم أساتذة الآثار مغرقين أكثر بالأكاديمية ، و عدم الاهتمام بالقارئ العام ، مطالبا بإنشاء معهد مصرى لدراسة علم المصريات ، مستنكرا أن تكون أغلب الأبحاث فى ذلك المجال غربية و فى مقدمتهم ألمانيا . و قال الكاتب أنه يحضر حاليا لعمل شامل عن الأدب المصرى القديم ، فآخر كتاب مصرى عن هذا الموضوع لسليم حسن مضى عليه أكثر من سبعين عاما ، و هناك الكثير من الكتب الغربية التى اهتمت بهذا الموضوع و لم تترجم حتى الآن . تاريخ موازى و خلال الندوة قال الصحفى سيد محمود إن النص الأدبى وثيقة تاريخية هامة ، لنتعرف على أوجه جديدة لشكل الحياة المصرية القديمة ، و نستدل من خلالها على طابع العصر المتحفظ ، من خلال فتاة تشكو لوالدتها عدم قدرتها على مقابلة الحبيب ، و هذا يعرفنا على تاريخ موازى ، التاريخ من أسفل ، للمصريين القدماء و ليس فقط تاريخ الملوك . كما تناولت القصائد الحب و الزواج و حتى الجنس ، و بحسب محمود وجد أن هناك قصائد مشابهة للكاماسوترا التى تحدث عنها الشاعر الفلسطينى الكبير محمود دروش فى شعره كالقصيدة التى أراد فيها الحبيب أن يكون خاتما فى أصبع المحبوبة أو غسال ملابسها . و قال محمود أن البنية الشعرية للقصائد تتشابه مع النبرة الشعرية فى الشعر العربى ، و النصوص تظهر مفهوم أعمق للإيمان و الفضاء الصوفى الموجود فى الحضارات القديمة ، مشيرا أن كون المؤلف كشاعر عامية انطبع ذلك على ترجمته لتأخذ روح العامية و إن جاءت بالفصحى . كما تناول الكاتب أوزان شعر المصرية القديمة ، التى نستطيع من خلالها ان نتعرف على تطور الشعر ، و حث محمود الكاتب على استكمال ترجمة المزيد من النصوص ، و دراسة العلاقات بينها . و رحب الكاتب بهذا الاقتراح ، مشيرا أن الأدب المصرى القديم يحوى أكثر من 100 قصة ، منها قصة اشبه بالشاطر حسن ، بجانب قصص الحكمة و النصوص الدينية ، و عن ندرة نصوص الحب ، قال الكاتب أنها كثيرة و لكن هذا فقط ما وصل إلينا ، و النصوص تعكس مختلف الطبقات و منها الرسمى و الشعبى ، و لكن لم تكن توقع الأشعار باسم كاتبها ، سوى فى استثناء وحيد ، لقصائد موقعة ب " القصائد الحلوة التى وجدت فى صندوق المخطوطات من نظم الكاتب " نخت سوبك " المنتمى إلى فريق مقبرة الملك ". و من النصوص الأخرى الهامة التى ترجمها الباحث " متون الأهرام " و هى أقدم كتاب فى العالم ، كتب فى القرن الخامس و عشرين قبل الميلاد ، و هو نص طويل يتناول البعث و الرحلة للجنة " مملكة الملك رع " ، ليتعجب الباحث و هو شاعر مهتم بالمصريات ، أن يكون أول من يقدم ترجمة عربية لهذا الكتاب الهام ، فى حين ان أساتذة علم المصريات لم يهتموا بترجمة مثل هذا العمل الضخم . و فى الختام قرأ الباحث عدد من قصائد الشعر فى مصر القديمة ، نذكر منها : ينتفض قلبى الآن عندما أتذكر حبك إنه لا يدعنى أحيا كالبشر إنه يهرب من مكانه إنه لا يدعنى أتناول ردائى أو أمسك بمروحتى و لا يتركنى لأكحل عينى و لا أعطر نفسى بالطيب لا تتردى فى الوصول إلى مكانه هذا ما يقول كل يوم عندما أفكر فيه لا تجعلنى يا قلب فى ضيق لماذا ترتكب هذه الحماقات ؟ لتقر و تبرد حتى يأتى لك حبيبك يا عينى الكثيرون على هذا الحال لا تجعل الناس يقولون عنى إنها ضاعت بسبب الحب تجلد فى كل يوم تتذكره يا قلبى لا تنتفض