مع الظهور المتكرر لجماعات العنف في مصر في السنوات القليلة الماضية ومع ازدياد عنفها الموجه للجيش والشرطة ، باتت هذه الجماعات علي قائمة التواجد والتأثير في الساحة الإعلامية والفكرية، وهو ما يثير النقاش علي مدي تأثيرها وتمددها وانتشارها ومستقبلها في المنظفة بشكل عام . ويمكن الوقوف علي مستقبل جماعات العنف في سيناء في 2015 في أربعة محاور رئيسية : أولاً : موقف الجماعات المحلية بعد بيعة بيت المقدس للدولة الإسلامية ثانياً: دور تنظيم الدولة "ولاية سيناء "علي التأثير في محيط سيناء وخارجها ثالثا : صراعات الجماعات الجهادية في الداخل وتأثيره علي تمدد تنظيم الدولة رابعا : مستقبل الخطط الأمنية قصيرة المدى وطويلة المدى وتأثيرها في بنية التنظيم العسكرية والفكرية وفيما يلي التفاصيل : أولاً : موقف الجماعات المحلية بعد بيعة بيت المقدس للدولة الإسلامية : مع بيعة أنصار بيت المقدس للدولة الإسلامية في مطلع يونيو الماضي جعلت معظم الجماعات الصغيرة والمجموعات الجهادية العنقودية مترامية الأطراف تسرع بانضمامها مع المجموعة الأم وخاصة مع ما كشفت عنه مصادر جهادية عن أن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» كلف أحد قياداته في العراق بتولي منصب أمير تنظيم أنصار بيت المقدس، المعروف ب«ولاية سيناء»، موضحة أن مستشاري أبي بكر البغدادي، زعيم «داعش»، طالبوه بأن يرهن قبوله بيعة «أنصار بيت المقدس»، بتنصيب أمير عليهم من العراق، بعد أن وردتهم معلومات عن اختراق محمد دحلان، القيادي السابق في فتح، لبعض تنظيمات السلفية الجهادية في سيناء، التي شكلت في السابق مجلس شورى المجاهدين، لتعلن توحدها لاحقاً في" بيت المقدس". وأكدت المصادر الجهادية إن بعض عناصر السلفية الجهادية في سيناء كانت على اتصال بالسلفية الجهادية في قطاع غزة، التي اخترقها «دحلان» ما تسبب في اختراق عناصر السلفية الجهادية في سيناء التي شكلت بعد ذلك «أنصار بيت المقدس»، ما جعل مستشاري «البغدادي» يطالبونه بمخالفة قواعد «داعش» في أن يكون أمير التنظيم من أهل البلد الموجود به، أو ما يعرف بالأنصار، وليس مجاهدين من بلاد أخرى. وحسب المصادر، فإن أمير «بيت المقدس» وصل بالفعل إلى سيناء، بصحبة مساعدين له، وتولى مهامه بالفعل، لافتة إلى أن عناصر التنظيم تلك التي تحمل جنسيات أجنبية تصل إلى مطار شرم الشيخ، بغرض السياحة، ثم تنتقل إلى شمال سيناء للانضمام إلى «بيت المقدس»، أو عبر خليج السويس ومساحة شواطئة الواسعة في سيناء من الناحية الغربية، بعيداً عن أماكن سيطرة الجيش على الحدود الشرقية مع غزة وفلسطين. من جانبه، حذر صبرة القاسمى ، منسق الجبهة الوسطية، من استهداف «بيت المقدس» لعناصر من الجيش والشرطة المصريين وتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، بعد وصول قيادات جديدة للتنظيم من العراق، خصوصاً أن طريقة تفكيرها تتسم بالعنف والتطرف الشديد كما أن تأكيدات البغدادي بعد قبول البيعة من أنصار بيت المقدس [نعلن قبول بيعة من بايعنا من إخواننا في تلك البلدان وإلغاء اسم الجماعات فيها وإعلانها ولايات جديدة في "الدولة الإسلامية" وتعيين ولاة عليها، كما نعلن قبول بيعات من بايعنا من الجماعات والأفراد في جميع تلك الولايات المذكورة وغيرها ونطلب من كل فرد منهم اللحاق بأقرب ولاية له والسمع والطاعة لواليها المكلف من قبلنا. وهذا ما أكده أخر إصدار للدولة الإسلامية بعنوان "لا تنظيم في ظل الدولة " ل ابو معاذ البرقاوي " بعد تمدد الدولة الإسلامية على كثير من بقاع المسلمين ومنها ليبيا وأراضي الشام واجب على الموحدين وجميع المجاهدين وعوام المسلمين مبايعة الخليفة على السمع والطاعة وحل جميع الجماعات والتنظيمات فلا تنظيم في ظل الدولة" . لذلك سوف نجد كثير من الجماعات المحلية والصغير تتخلص من قياداتها وتنظيماتها القديمة في هذا الثوب الجديد ، لكن هذا قد يجعل بعض هذه التنظيمات بما فيها الدولة الإسلامية ولاية سيناء تستخدم بعض أسماء هذه الجماعات القديمة لتخفيف الضغط الأمني والإعلامي عليها وتشتيت أجهزة الأمن كل فترة بعمليات تعلن من هذه الجماعات الصغيرة التي تسيطر عليها في الأساس. ثانياً: دور تنظيم الدولة "ولاية سيناء "علي التأثير في محيط سيناء وخارجها أما بخصوص التأثير في محيط سيناء وخارجها ، فمع دخول التنظيم ومجموعاته دائرة العمليات المتمرسة بعد أن غادرت العمليات الاحترافية ، بدأ التنظيم يتوسع لتحقيق بعض الأهداف المحلية والإقليمية والعالمية ، بخصوص الأهداف المحلية الإبقاء علي التواجد وإشعار الدولة والأجهزة الاستخباراتية بحجم التنظيم وتأثيره علي الأرض . وعلي الصعيد الإقليمي فتخفيف الضغط علي التنظيم في سورياوالعراق بإيجاد بدائل أخري في ساحات مختلفة لتشتيت قوات التحالف الغربي وإشعاره بتمدد التنظيم رأسيا في دول الجوار وأفقيا بإيجاد عناصر جديدة تتأثر بالخطاب الإيديولوجي والجهادي الممتد علي الأرض . أما التأثير العالمي بإشعار الدول الغربية من التحالف أن المعارك معهم غير محسومة وان ضرباتكم غير مفيدة وأن عمليات الخطف والقتل وتبادل الأسري مستمرة . غير أن كثيرا من المحللين يرون أن مجموعات الجهاديين في سيناء صغيرة ، وأن نسبةً لا يستهان بها منهم هم من المرتزقة الذين يتحركون تبعاً لحركة الأموال من دون أي اكتراث بخطاب أيديولوجي أو ممارسات التدين، بل إن عدداً من قادتهم معروفين بتورطهم في الاتجار بالبشر وتعذيب ضحاياهم من الأفارقة بخلاف ضلوعهم في أعمال التهريب وتكوين ثروات من ورائها .. كل ذلك لا ينفي ذلك وجود عشرات من المؤدلجين في صفوفهم، لكنه يضع حاجزاً معنوياً وأخلاقياً كبيراً بين أغلب السكان المحليين وبين الانخراط في صفوفهم مهما كانت درجة الحنق والغضب من تجاوزات القوات النظامية. ثالثا : صراعات الجماعات الجهادية في الداخل وتأثيره علي تمدد تنظيم الدولة في الخارج يتخيل البعض أن وجود خلافات إيديولوجية بين الجهاديين بعضهم وبعض قد تدفع التنظيم للتفتت والانهيار،خاصة مع صدامات القاعدة مع داعش علي أكثر من مستوي . وهذا أمر مبالغ فيه فاستغلال الجهاديين للانتهاكات التي تقع فيها قوات الجيش والشرطة، وتضخيمها وخاصة اللعب علي وتيرة الانتهاكات التي تحدث للنساء في السجون واعتقال النساء يجعل هناك قرب كبير بين الجماعات الجهادية بعضها البعض من باب النصرة ودفع الصائل والولاء والبراء . ورغم أن اللقاءات الميدانية بين الأهالي سواء في سيناء أو في خارجها من المحيط المتضرر تؤكد أن جميع الأطراف مخطئة وهم في الأساس لا يستجيبون لدعوات الحشد وكسب التأييد التي يطلقها الجهاديون رافضين الصراع من كلا الطرفين . أما عن الصراعات الجهادية – الجهادية، فيبدو أن النزاع بين "القاعدة" و"جبهة النصرة" من ناحية وبين "داعش" من الناحية المقابلة لا يزال ممتداً ومؤثراً في المشهد الجهادي في سيناء. فمنذ أيام قليلة صدر بيان عن تنظيم جهادي جديد يسمّى نفسه "كتيبة الرباط" يحاول كسر احتكار "أنصار بيت المقدس" – سابقاً – أو "ولاية سيناء" – حالياً – للنشاط الجهادي في سيناء. تميّز بيان "كتيبة الرباط" بعدم الصدام مع "ولاية سيناء" وعدم تكفير الجيش المصري أو اتهامه بالردة، واختتم بالتحذير من الفتن مشيرين إلى ما يسمّيه الجهاديون "فتنة الشام"، أي الصراع بين "داعش" و"القاعدة" وعدم انتقالها إلي مصر . لذلك، فإنه من المتوقع أن تستمر الصراعات الجهادية – الجهادية في سيناء، بالتوازي مع التنافس المحموم بين "أجناد مصر" وفرع "ولاية سيناء" في وادي النيل لإثبات الكفاءة في عمليات القاهرة والدلتا ولكن بدون صدام كامل بينهم . رابعا : مستقبل الخطط الأمنية قصيرة المدى وطويلة المدى وتأثيرها في بنية التنظيم العسكرية والفكرية أما السيناريو الرابع وهو مدي مستقبل الحلول الأمنية وتحقيق أهدافها علي مدي استمرارية عمليات التنظيم وهو ما تؤكده الأحداث من فشل الحلول الأمنية مع فشلا ذريعا ، بمرور الوقت وحتى هذا التاريخ فقد فرضت الأجهزة الأمنية حالة الطوارئ الجزئية المؤقتة علي سيناء ، ومع ذلك لم يؤثر في وجود التنظيمات الجهادية ولا في عنف عملياتهم علي الإطلاق . كما تم تأمين الحدود بإخلاء الشريط الحدودي بالكامل والسيطرة عليه ومع ذلك حدثت عمليتان من أخطر العمليات الإرهابية علي الإطلاق. وهذا ما يجعل الحلول الأمنية قصيرة المدى حلول تحتاج إلي تعديل وبداية النظر في الحلول الفكرية والإيديولوجية بعيدة المدى خاصة ونحن أمام فكر عسكري يتم التأصيل له من الناحية الشرعية بشكل يومي بمجموعة من الدروس الفتاوى والأحكام الشرعية بشكل يجعل هؤلاء يخضعون لمؤثر نفسي طويل المفعول .