يخشى الفلسطينيون من أن تؤدي عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتنياهو، إلى الحكم، للقضاء على ما تبقى من آمال لديهم بإقامة عاصمة لدولتهم في القدسالشرقية. وللمخاوف الفلسطينية بهذا الشأن ما يبررها بعد أن وعد نتنياهو صراحة بتكثيف الاستيطان في المدينة في حال إعادة انتخابه رئيساً للوزراء وهو ما تم عندما فاز حزبه "الليكود" اليميني في انتخابات الكنيست "البرلمان" التي جرت في 17 مارس/آذار المنصرم. وقال خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية "خاصة"، لوكالة "الأناضول": "إن نتنياهو يتحدث عن الاستيطان ولكن المتطرفين الذين أفرزتهم انتخابات الكنيست ويرتقب أن يصلوا إلى الحكومة لن يكتفوا بالكلام وإنما سيضغطوا باتجاه التنفيذ". ويتجه نتنياهو الذي يترأس الليكود، إلى تشكيل حكومة من أحزاب داعمة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، من بينها "البيت اليهودي" اليميني، و"إسرائيل بيتنا" اليميني، و"يهوديت هتوراه" اليميني، و"شاس" الديني اليميني. وفي هذا الصدد، أضاف التفكجي: "باعتقادي فإن الشركاء في الحكومة القادمة هم من سيقررون وليس نتنياهو ، فإذا لم ينفذ فإن حكومته قد تسقط وبالتالي فعليه أن يفاضل ما بين ائتلافه والولايات المتحدة.. ومن خلال التجربة فإن الأرجح أنه سيضرب بعرض الحائط بالضغوط الأمريكية وسيمضي بالاستيطان". وبحسب تقرير صادر عن دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وصل وكالة الأناضول نسخة منه في وقت سابق من الشهر الجاري، فإن المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية لم تتوقف حتى خلال الحملة الانتخابية التي استمرت ما بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضيين. وفي هذا السياق، ذكرت الدائرة نفسها أن الحكومة الإسرائيلية نشرت في تلك الفترة مناقصات لبناء 450 وحدة استيطانية في الخليل "جنوبي الضفة الغربية"، وقلقيلية وسلفيت "شمال"، و6 فنادق في القدسالشرقية، وأنها صادقت على مخطط لبناء 49 وحدة استيطانية في مستوطنة "راموت"، شمالي القدس، وأعلنت عن مخططات لإقامة 64 وحدة في ذات المستوطنة. ووفق التكفجي: "يعيش 200 ألف مستوطن في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي القدسالشرقية". وأبرز المستوطنات المقامة داخل القدس: التلة الفرنسية، النبي يعقوب، بسجات زئيف، راموت، رامات شلومو، غيلو، ارمون هنتسيف، ، هار حوماه، جفعات همتوس، عطاروت ، معاليه زيتيم اضافة إلى الحي اليهودي في البلدة القديمة. وأشار مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، إلى أنه "في إسرائيل يعملون على تنفيذ مشروع تمت المصادقة عليه من قبل الحكومة الإسرائيلية عام 1994 يتضمن بناء 58 ألف وحدة استيطانية حتى العام 2020، بما يشمل إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع مستوطنات قائمة". ولفت بهذا الشأن إلى أن "من المستوطنات المصادق عليها، مستوطنة جفعات همتوس، جنوبي القدس، وما هو مطلوب هو نشر عطاءات البناء لإقامة 2500 وحدة استيطانية". وكانت حركة السلام الآن ، اليسارية الإسرائيلية، حذرت في تقرير لها وصلت نسخة منه لوكالة الأناضول، أن من شأن هذه المستوطنة عزل القدسالشرقية نهائياً عن جنوبي الضفة الغربية "بما يجعل حل الدولتين مستحيلاً". ويؤدي المشروع الاستيطاني المعروف بعبارة (E1) والهادف لربط مستوطنة "معاليه أدوميم"، شرق القدس، مع القدسالشرقية عبر سلسلة من الوحدات الاستيطانية والفنادق والمناطق الصناعية إلى نفس هدف جعل حل الدولتين "مستحيلاً". وقد حذرت السلطة الفلسطينية، و"السلام الآن"، ودول غربية ، على رأسها الاتحاد الأوروبي، والدول العربية من أن شأن هذا المشروع أن يقضي على حل الدولتين. ورأى التفكجي أن "مشروع E1 المقرر تنفيذه شرق القدس لإقامة 4500 وحدة استيطانية وفنادق ومناطق صناعية يعني فعلياً شطب دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية ". وفي هذا الصدد، لفت إلى أنه تم الانتهاء من إقامة البنى التحتية لهذا المشروع الاستيطاني الضخم". كما أشار إلى أن من المستوطنات المقررة إقامتها، مستوطنة "جفعات يائيل" على أراضي الولجة ، جنوبي القدس، بما يشمل إقامة 5000 وحدة استيطانية جديدة. أما توسيع المستوطنات القائمة فتشمل 1500 وحدة استيطانية إضافية في رامات شلومو، شمالي القدس، وهي مصادق عليها وتم فتح الشوارع اليها وما تبقى هو التنفيذ، وفق التفكجي الذي قال إنه منذ اتخاذ قرار الحكومة الإسرائيلية عام 1994، تم إقرار إقامة عشرات الآلاف الوحدات الاستيطانية في المستوطنات القائمة في داخل مدينة القدسالشرقية. وأضاف: "هناك أيضاً العديد من المشاريع الاستيطانية المقررة، وما هو مطلوب هو فقط نشر عطاءات البناء للبدء بالبناء". ويأمل الفلسطينيون أن تكون القدسالشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، عاصمة لدولتهم المستقبلية. وبحسب جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، غير حكومية، يعيش في القدسالشرقية 301 ألف فلسطينيًّا، ويشكّلون 37% من إجمالي سكّان القدس بشطريها الشرقي والغربي البالغ 815 ألف نسمة. وفي مقابل التصعيد في خطوات الاستيطان الإسرائيلي في المدينة المقدسة لصالح اليهود ، يشتكي الفلسطينيون من قلة رخص البناء الممنوحة لهم بهدف إجبارهم على الهجرة من المدينة. وفي هذا الصدد، قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة" بتسيلم": "إنه منذ أن ضمّت إسرائيل القدسالشرقية إليها عام 1967، تعمل السلطات المختلفة بغية رفع عدد اليهود الذين يعيشون في المدينة وتقليص عدد سكانها الفلسطينيين، وأن هذا يجري ضمن سائر الأساليب، عبر فصل القدسالشرقية عن سائر الضفة الغربية ومصادرة الأراضي وإتباع سياسة تمييزية في مواضيع التخطيط والبناء". وفي تقرير صدر مؤخراً عنه، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" إن السلطات الإسرائيلية هدمت 16في القدسالشرقية منذ مطلع العام الجاري بداعي البناء غير المرخص. وأشار التقرير الذي وصلت نسخة منه لوكالة الأناضول إلى أن السلطات الإسرائيلية هدمت 98 مبنى في القدسالشرقية خلال العام الماضي 2014. وبالنسبة لمدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، فإن "إسرائيل تسارع خطوات تهويد مدينة القدس، وإذا ما تم تنفيذ المخططات بإقامة مستوطنات وتوسيع مستوطنات قائمة في المدينة، فإن إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في القدسالشرقية سيكون مستحيلاً".