القاهرة : كشفت مصادر سياسية وأمنية مصرية أن اتصالاتٍ تجرى مع السلطات الإيرانية لتسليم 13 مصريا من قيادات "الجماعات الجهادية" متهمين بارتكاب جرائم عنف في مصر، ومقيمين في إيران حاليا هربا من الملاحقة الأمنية المصرية. ونقلت صحيفة "الجريدة " الكويتية عن مصادر، فضلت عدم كشف هويتها، "أن هناك نوعا من التجاوب من جانب السلطات الإيرانية، حرصا على إحداث تحسن ملموس في ملف العلاقات مع مصر"، إلا أن تلك المصادر لم تكشف عن خطوات عملية في هذا الصدد. وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى إن "القاهرة تترقب الخطوات الإيرانية لاستعادة الدفء المفقود في العلاقات، ولا سيما مع وجود تحركات تجارية تصب في هذا الاتجاه"، مشيرا إلى أن مصر تتابع عن كثب زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان، وبخاصة بعد إعلان مسؤولين إيرانيين عزم نجاد الاتصالَ بالرئيس المصري حسني مبارك وإطلاعه على نتائج الزيارة. ورغم أن مصر وإيران وقَّعتا في القاهرة مطلع الشهر الجاري اتفاقية تتيح استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، فإن تلك الرحلات لم تبدأ مرحلة التشغيل الفعلي، وجاء الترحيب بتلك الخطوة على الصعيد المصري فاترا، إذا ما قورن بالترحيب الإيراني، إذ حرص نائب الرئيس الإيراني حميد باغاي على حضور مراسم التوقيع، بينما قللت القاهرة من أهمية تلك الخطوة التي أثارت تحفظات أمريكية في ظل الرغبة الغربية في تشديد الحصار الاقتصادي على إيران. وذكر المصدر الدبلوماسي أن استعادة العلاقات المصرية- الإيرانية تتوقف على حسم عدد من الملفات المهمة، في مقدمتها الدور الإيراني في لبنان والعراق، وسعي طهران إلى التدخل في بعض الملفات الحيوية التي تمثل اهتماما مصريا مباشرا كالقضية الفلسطينية والوضع في السودان، إضافة إلى تصفية مسألة بعض المطلوبين الأمنيين لدى القاهرة، مشيرا إلى أن تطورا على المستوى الاقتصادي قد يكون بادرة جيدة، لكن دفع العلاقات السياسية يعتمد بدرجة أكبر على حسم تلك الملفات السياسية المهمة. وبشأن تصريحات الناطق باسم الحكومة الإيرانية رامين مهمانبرست عن أن إسرائيل تقف وراء عدم استئناف العلاقات المصرية- الإيرانية، قالت المصادر الأمنية والسياسية: "القرار المصري ينبع فقط من المصالح المصرية ولا يتأثر برغبات دول أخرى في المنطقة، ومصر أعلنت من قبل رفضها التام لأي خطوات عسكرية ضد إيران، رغم التحركات الإسرائيلية في هذا الصدد"، مؤكداً أن "موقف مصر بوصفها أكبر دولة عربية كان له تأثيره في إبعاد شبح الخيار العسكري في التعامل مع الملف النووي الإيراني، بل إن مصر قادت التنسيق بين المجموعة العربية وإيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إسرائيل". وكانت طهران قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة في عام 1980 بعد نحو عام من توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل وقيام الثورة في إيران، ومنذ ذلك الحين، حافظت الدولتان على قسمين لرعاية المصالح فقط في عاصمة كل منهما، كما شهدت العلاقات بينهما صعودا وهبوطا بسبب الخلافات السياسية بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة ما يتعلق منها بالوضع في لبنان وفلسطين واستمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث.