قال الروائى الجزائرى الكبير واسيني الأعرج أن الوضع الراهن بالوطن العربى لا يبشر بخير بالنظر للوضع فى سوريا و العراق و ليبيا و اليمن . و فى حديثه لشبكة " محيط "- على هامش مشاركته بملتقى الرواية العربية - عن روايته التى يعكف على كتابتها حاليا " العربى الأخير " التى تمسّ الوضع العربي الراهن وتستشرف المشهد العربي وكيف سيكون بعد خمسين عاما، أكد الكاتب أنه أراد من خلال الرواية أن يدق جرس الإنذار ، لينتبه الناس بالخطر المحدق بالعرب . و أشار واسينى أن الرواية تخيلية ، و إن كانت تستشرف صورة سوداوية ، و لكنه قصد من خلالها أن يثبت فى ذهنية الإنسان العربى الانتباه و الوعى بما سيأتى من اليوم و حتى الخمسين عاما القادمين ، متمنيا أن يجتهد العربى لتغيير الأوضاع و لا يقبل بها كما هى ، و حينها سيشعر على حد قوله أنه نجح فى مشروعه . و عن سيرته " سيرة المنتهى .. عشتها كما اشتهتنى " فقد اختار لها واسينى أن تخرج عن شكلها التقليدى ، و يعبر فيها عما هو جوهرى للذات ، أما عن سيرة الحياة و المنفى و الثقافة ، فأشار أنها قد تأتى فى سيرا منفصلة ، و عن ذلك قال لمحيط ، أنه قد يفعل ذلك و لكن ليس فى الوقت الحالى ، فقضيته الأساسية كانت تقتضى على قيام الرواية على الحلقات المؤثرة فى تكوين شخصيته وطفولته من جدته التى كانت سببا فى تعلمه العربية ، و التى كانت منبع الحكى ، و عرفته بأصوله الأندلسية و جده الأكبر " الروخو " ، ووالدته التى كانت أكبر مؤثرا فى حياته و علمته أكبر أشكال المقاومة و هى الحياة بحد ذاتها ، و " مينا " حبه الأول ، و " ثربانتس " كاتبه المفضل . و أضاف واسينى أن حياته بعد ذلك قد تأتى فى سيرا منفصلة ، أما هذه الرواية فكانت " جذرية " و تضرب بالعمق نحو الجذور و الجوهر و المؤثرات الأساسية ، فلكل شخص له عمق مؤثر فيه هو ما جعله على الصورة التى هو عليها الآن . الجدير بالذكر أن " سيرة المنتهى " لم تكن كالسير الاعتيادية تتخذ شكل الحكى ، بل هى رواية تتخذ شكل السيرة ، لتؤكد على قول واسينى أنه روائى بالأساس ، و هى فى النهاية سيرة أديب ، لذا عندما خط لنا سيرته اختار لها شكل غير تقليدى بالمرة ، ليأخذنا الكاتب إلى عالم المعراج مستوحيا " سدرة المنتهى " فى سيرة الرسول التى جاء منها عنوان الرواية ، و " معراج بن عربى " ، و " الكوميديا الآلهية " لدانتى . فيصور الكاتب فى شكل فانتازى رحيل روحه للسماء و عالم المعراج ، و التقائها بأكثر من أثروا فى حياته و تكوينه من جده الأندلسى الأكبر ، و جدته ، ووالدته ، ومينا حبه الأول ، و ثربانتس ، كما يلتقى بابن عربى و الحلاج و مولاى السالك ، فى شكل بديع و مختلف عن السيرة الاعتيادية . و يقول واسينى عن سيرته : عندما أقرأ سِيَرَ الكتّاب العالميّين مثل مارغريت دوراس، كافكا، سيمون دو بوفوار، ألبير كامو، كزانتزاكيس، أناييس نين، هنري ميلر، كارين بليكسن، فيليب سولرز... أُدرك كم نحن بعيدون عن ذواتنا. بقدر ما يتعامل الآخرون مع الحياة كمسار جميل بكلّ تحوّلاته وتعقّداته، نغلق نحن على أنفسنا بحجّة الأخلاق العامّة وكأنّنا نفترض سلفًا أنّ هناك حياة موازية يجب أن تظلّ في الظلام. مع أنّ كتابة السيرة الذاتيّة هي فرصة قد تتاح مرّة واحدة في العمر، للانتصار لهذه الذات التي مرّت عبر تجارب حياتيّة فيها من الجمال والجنون والقسوة واليأس ما يستدعي تدوينها، لكنّها لا تشكّل أبدًا درسًا نموذجيًّا للآخرين. هي في النهاية مجرّد محاولة انتساب إلى الحرِّيَّة والحبّ والنور، واختبار مدى استحقاقنا لحياة ليست دائمًا سهلة أو متاحة. امتحان قاسٍ، لكنّه شديد البهاء، يستحقّ أن نعيشه ونصابَ بدواره. وجه واحد ظلّ عالقًا في العينين والقلب والذاكرة. وجهها. تلك التي نبتت في ضلعي الأوحد الذي بقي مستقيمًا بعد رحلة الحياة الشاقّة واللذيذة، كحليب اللوز المرّ... وجه واحد ووحيد... وجهها الصافي الذي لن يغيب عنّي أبدًا... تلك التي اشتهتْني... تلك التي عشتُها.