صدر حديثا عن دار الحديث الكتانية في المملكة المغربية ولبنان، كتاب «الاستشراق الألماني والقرآن الكريم» لعباس أرحيلة. وقد ورد في مقدمة الكتاب: لما كان القرآن هو الأثر الأهمّ في تراث الإسلام؛ كان من الطبيعي أن تتجه إليه أنظار المستشرقين، وأن يحظى لديْهم باهتمام خاص. ومنذ انطلاقة ترجمات معاني القرآن، ظلت لهذه الترجمات غايتان: الأولى تشويه الإسلام في وجدان الأوروبيِّين؛ حمايةً للمسيحية منه، والثانية الرفض لنبوة محمد «صلى الله عليه» وسلم؛ استبعاداً لها من الفضاء الفكريّ الإنسانيّ، مع اعتبار القرآن الذي جاء به تأليفاً شخصيّاً استقاه من اليهوديّة والمسيحيّة. و اختار أرحيلة التعرض لعناية المدرسة الألمانيّة بالقرآن الكريم لسببين: أولهما: أنَّ بحوث المستشرقين الألمان تحتلُّ دور القيادة في مسار الدراسات الشرقيّة للإسلام في الغرب عامة؛ إذ حققت جهودهم تأثيراً واسعاً في جل البحوث اللاحقة في دراسات المستشرقين، وعلى امتداد تاريخ الاستشراق في العصر الحديث. وثانيهما: أنَّ تلك البحوث أصبحت مرجعاً وعمدةً في كل ما يتعلق بحقيقة القرآن؛ توثيقاً وتأريخاً وقراءةً ورسْماً ومعرفةً بعلومه وظواهره وقضاياه. من هنا كان التركيز على المستشرق تيودور نولدكه (1836 1931م)؛ شيخ المدرسة الألمانيّة التي عُنيت بالقرآن، وكانت حصيلة جهودها عمدةً ومنطلقاً للدراسات القرآنية في أوروبا، وعليها بنيت أخطر النتائج في مجالات الدراسات الإسلاميّة عامة والدراسات القرآنيّة خاصة.