لم تمر قط أمام العيون شرقا أو غربا مرورا عابرا.. استوقفت الجميع وإن تباينت ردود أفعالهم تجاهها, ولكن, ما بين من يرون فيها العبرة والأسوة الحسنة وتعاليم تحدد معالم الطريق لحل العديد من مشاكلنا المعاصرة, وبين أولئك الذين يسيئون فهمها ويشوهونها سواء عن عمد أم جهلا بحقائقها ومغزاها, تظل السيرة النبوية العطرة قبسا من نور في تاريخ البشرية. وقبل أن نستطرد للتعرف علي أصداء السيرة النبوية في التراث الغربي. لابد لنا أن نتذكر أن النيل والأرض التي جمعت مسلمي ومسيحيي مصر في وطن واحد عبر العصور لتجسد وحدة الدم والمصير شكلت مصدا تحطمت عليه كل محاولات الفتن والعبث بالسيرة العطرة, فظهر فيها عدد من الكتب والدراسات ذات أهمية من حيث دلالتها, إذا كتبها بعض المسيحيين من أقباط مصر. ومن بينها كتاب محمد الرسالة والرسول بقلم د. نظمي لوقا والذي تنضح سطور كتابه بروح الإنصاف والحب والتعاطف والتمجيد للرسول الكريم. فإذا انتقلنا لكتابات المستشرقين التي تناولت سيرة الرسول( صلي الله عليه وسلم) سنجد أنها تناولتها من خلال محاور ثلاثة هي شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم وأخلاقه وأحداث السيرة في العهد المكي والعهد المدني. وتفسير أحداث السيرة وهنا علينا أن نأخذ في الاعتبر جانبين في غاية الأهمية أولهما أن المستشرقين ينظرون إلي سيدنا محمد نظرتهم إلي أي بطل أو علم كبير من أعلام الإنسانية فيخضعونه لطريقتهم في البحث والدراسة وأن هذه الرؤي غالبا ما تكون منقوصة اما لاختلاف الخلفية الثقافية أو لعائق اللغة وضعف الترجمة. الجانب الثاني أن هؤلاء المستشرقين أيا كان تقييمنا لكتاباتهم لفتوا أنظار العالم إلي شخصية سيدنا محمد وقيمة التراث الاسلامي, اضافة إلي حجية المصادر التي يرجع اليها لتحقيقه. وباستطاعتنا باديء ذي بدء, أن نعزو جانبا كبيرا من النهضة الحديثة في التأليف عن رسول الله, إلي هؤلاء المستشرفين فقد كانوا هم الذين لفتوا أنظار كتابنا الكبار المحدثين ممن تعلموا في أوروبا, إلي قيمة هذا التراث الإسلامي وإلي حجية المصادر التي يرجع إليها لتحقيقه. وقد بدأ الدكتور حسين هيكل تأليف كتابه عن حياة محمد بعد أن عرض ولخص كتاب حياة محمد للفرنسي اميل دور كايم. ولقد ورد في متن دراسة صدرت عام5002 من مركز دراسات المدينةالمنورة لدراسات الاستشراق ما يلي كان المستشرقون هم أول من أعادوا طبع الكتب التراثية, حيث حققوها وضبطوها, ونقلناها عنهم, وكانوا هم الذين علمونا كيف ننتفع بها, من حيث الترتيب والتبويب, وعمل مختلف الفهارس لها, لا فهارس الموضوعات فحسب بل فهارس الاعلام والأمكنة. ولقد أعادوا إلينا طرق البحث التي اتبعها أسلافنا ثم نسيناها نحن, فنظموا الفهارس للقرآن بحسب الموضوعات ليسهل الاقتباس منه, وألفوا مفتاحا لكنوز السنة, حيث تكفي معرفة كلمة واحدة من أي حديث نبوي لكي يمكن معرفة نصه الكامل ومعرفة مكانه من كتب الحديث. في هذا السياق تطعالنا أسماء لكتاب غربيين ومستشرقين ممن أنصفوا الإسلام ونبيه وتناولوا نقاط قوته( مثل فولتير وجوته وتلستوي, وصامويل زويمرس, بل وكارل ماركس. الذي قال إن سيدنا محمد( صلي الله عليه وسلم) قد زرع في نفوس العرب أبدية الروح) وآخرون غابت موضوعيتهم وتخلوا عن حيدة الباحث وموضوعيته فامتهنوا السيرة وأساءوا لصحابها مثل المستشرق البلجيكي المتعصب هنري لامانس. ومن بين أشهر الأسماء في عالم الاستشراق التي تناولت السيرة النبوية, جوستاف فيل الذي كتب( محمد وحياته) سنة3481 م, والمستشرق اليوس سيبرنجر سنة1681 م, وتيودر نولدكه, المستشرق الألماني الذي تخصص في دراسة القرآن الكريم, والمستشرق اليهودي صموئيل مرجليوت في كتابه( محمد وظهور الإسلام) والمستشرق وليام ميور والمستشرق هاملتون جيب في كتابه( المحمدية) الذي أعاد طبعه بعنوان( الإسلام), والمستشرق مونتجمري وات في كتبه محمد في مكة ومحمد في المدينة ومحمد رجل الدولة وواشنطن ارفنج. حياة محمد وجولد تسهير صاحب كتاب العقيدة والشريعة في الإسلام. وأخيرا تجدر الاشارة إلي أن بعض المستشرقين ممن شاركوا بأقلامهم في نقل ملامح السيرة النبوية لم يحظوا ببريق الشهرة رغم أن اعمالهم لاقت رواجا وانتشارا.. والآن إلي المزيد من أخبار السيرة علي لسان مسيحيي الشرق ومستشرقي الغرب علي مصادرنا. [email protected]