قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل ) الشعوب العربية التي تحركت في الربيع العربي كانت تحمل في صدورها مكنوناً كبيراً من الغضب على كرامتها ومكانتها وعزتها ، كانت تحمل غضباً وحزناً تراكم منذ سنوات طوال بل أحياناً من أجيال إلى أجيال ، لكن ما الذي ضخّ الروح في جسد الأمة وجعلها واثقة أنها قادرة على التغيير بل قادرة على الثبات وتحقيق النصر !! ما الذي أعاد للأمة ثقتها بنفسها وبمكنوناتها الرائعة التي لا تملكها باقي الأمم والشعوب!!! من الذي أخرج مارد الحرية من قمقمه ؟؟ فانتفض المارد وكسر حاجز الخوف ، تمرد على كل قوانين الظلم والاستعباد وأعلن أن الأمة لا زالت بخير .
هناك في غزة كانت البداية ...في غزة بدأت حكاية الحرية الحقيقية للشعوب العربية ، هناك انتصرت إرادة الشعب ، تاريخ جديد يكتب على صفحات من العز والرفعة ، كف أهل غزة العاري الجائع لكنه يحمل الإيمان انتصر على مخرز الظلم والفساد الإسرائيلي والعالمي .
استطاع أهل غزة بصمودهم وصبرهم على سنوات الحصار الطويلة وانتصارهم على آلة البطش والظلم الإسرائيلية وثباتهم أمام تخاذل القادة العرب غزة ليست شخصاً واحداً أو فصيلاً معيناً ..غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين التي لا ولن تتجزأ عن أمتها العربية الإسلامية ، فمن حق غزة أن تقف معها الشعوب ومن حق غزةوفلسطين أن تكون في سلم أولويات الثورات العربية.
واليوم غزة تجدد الأمل وتعيد البسمة للأمة كلها.. اليوم ومع نجاح صفقة وفاء الأحرار وما صاحبها من آلاف الشهداء الذين قدمتهم غزة من أجل صبرها وصمودها ومن أجل أن تتم صفقة التبادل وفق الرؤية التي تريدها المقاومة ، قدمت غزة المئات من طفالها الذين استشهدوا بسبب الحصار المفروض عليها للضغط على غزة والمقاومة من أجل الإفراج عن جندي الاحتلال شاليط ، لكن غزة بأهلها ضغطت على الجرح وحضنت جوع أطفالها وصمدت ، غزة بأسراها في سجون الاحتلال والذين حرموا من زيارة أهلهم لأكثر من خمس سنوات كعقاب لأهل غزة على عملية الاختطاف ، لكن أهل غزة احتسبوا وداسوا على جرحهم وأعلنوا أن لا تنازل عن مطالب المقاومة حتى لو كان الثمن الدم.
اليوم غزة تفرح وحقّ لها أن تفرح ، فقد أثمر الزرع الذي روي بدماء ودموع شعب غزة طيلة خمس سنوات مضت ، ازهرت ورود غزة وعادت البسمة للوجوه بل إن البسمة والفرحة عمت كل الأمة العربية والإسلامية فقد عاد الأحرار، خرج الأسرى بفضل الله تعالى ثم بصمود المقاومة وأهل غزة.
لم تنتهِ الحكاية ، هنا بل تواصل عطاء أهل غزة فهاهم الآن يحتضون أسرى الضفة الغربية المبعدين إلى غزة ، وهاهم يعيدون قصص السيرة من المهاجرين والأنصار وكيف تقاسموا المنزل والمال وحتى العائلة ، فها هي غزة بشيبها وشبابها وأطفالها ونسائها يخرجون للاحتفال بالأسرى المحررين بل ويجعلون من أنفسهم عائلات للأسرى الذين لم تحضر عائلاتهم من الضفة الغربية فهذه أمه وهذا أبوه وذلك أخوه يضمونه إليهم كعائلة حقيقية هو جزء منها.
بارك الله بكم يا أهل غزة وأنتم اليوم تجددون الثقة بأن هنالك أمل بمستقبل ينتصر فيه الحق.
أهل غزة كل الشكر لكم وأنتم اليوم تحطمون المخرز بكفكم العارية .
أهل غزة شكراً لكم وأنتم تعدون جيل النصر الحافظ للقرآن الكريم ..