د. محمد حسن البنا يكتب: حق الإفتاء    د. عبدالمنعم السيد يكتب: التيسيرات الضريبية وتحفيز الاستثمار    الجيزة تحقق المركز الأول على مستوى الوجه القبلي بخفض معدل الإنجاب عام 2024    5 نصائح للتعرف علي «البنزين المغشوش» حتى تتجنب الأعطال    بعد الافراج عن «عيدان».. حماس تعلن استعدادها للتفاوض على اتفاق شامل    ترامب يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية    مصدر بالزمالك يكشف تطورات ملف التجديد للسعيد    فرح الشاذلي أفضل لاعبة في مباراة الأهلي والجمعية الرياضية النسائية    شارك معهم في التنقيب عن الآثار وتخلصوا من جثمانه أسفل المنزل بالغربية    عودة الحركة المرورية لطبيعتها بطريق شبرا بنها الحر بعد حادث سيارة    هند عبد الحليم تطرح «صحاب الليل» مع عبد الرحمن رشدي | فيديو    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    وزير الصحة يطلق الخطة العاجلة للسكان والتنمية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم    تركوا الجثة للسكان الجدد.. ماذا حدث في شقة محرم بك بالإسكندرية؟ | القصة الكاملة    طارق فهمى: إطلاق سراح عيدان ألكسندر خطوة جيدة يمكن البناء عليها    بوسي شلبي تنشر مقطع فيديو من عقد قرانها على محمود عبد العزيز    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    الشيخ خالد الجندي: المجادِلون لا يصلون إلى حقائق.. وأشد كلمة عليهم "الله أعلم"    الداخلية تكشف ملابسات ضبط البلوجر أم رودينا ووالدتها    8 نصائح للوقاية من النزلة المعوية في فصل الصيف    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    عالم أزهري: تعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات    بدء برنامج المراجعات النهائية بالمساجد لطلاب الشهادة الإعدادية بالوادي الجديد    محافظ الدقهلية يكشف تلاعب فى أسواناط الغاز ويحيل المتسببين للنيابة    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    الأمم المتحدة: 470 ألف شخص يواجهون جوعاً كارثياً في غزة    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    حالة الطقس اليوم في السعودية    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيئة الإستراتيجية لمشروع مصر النووى
نشر في محيط يوم 03 - 03 - 2015

ونحن نشرع فى اتخاذ الخطوات التأسيسية للبدء فى تنفيذ مشروعنا النووى الجديد بالتعاون مع روسيا من الضرورى أن نحدد منذ البداية نوع المشروع النووى الذى نريده، أو بمعنى آخر ما هو المشروع النووى الذى تحتاجه مصر
ويجب أن تمتلكه، أو كان يجب أن تمتلكه منذ سنوات طويلة مضت والذى يمكن أن يضعها على عتبة امتلاك أدوات الصناعة النووية والاقتصاد النووى الذى سبق أن تحدث عنه فى عجالة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى مؤتمره الصحفى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى على هامش زيارته للقاهرة.
الإجابة على هذا السؤال أعرف أنها محكومة حتماً بالعديد من المحددات، لكن اعتقد أن من أبرز هذه المحددات ما يمكن تسميته ب «البيئة الإستراتيجية» التى سوف يتم تأسيس وتنفيذ مشروعنا النووى ضمن خصوصياتها. فمن الضرورى أن نعرف ما هى الظروف التى سيتم على ضوئها تنفيذ المشروع النووى المصري، سواء كانت الظروف السياسية المصرية والإقليمية والدولية، أو الظروف والمتطلبات الاقتصادية، أو ظروف تطور الصناعة النووية ونوع الأزمات المثارة حول امتلاك الدول للمشاريع النووية، وحدود التمييز بين ما هو نووى سلمى وما هو نووى عسكري.
المعرفة الدقيقة بهذه «البيئة الإستراتيجية» وبالذات ما يتعلق بشروط وقيود امتلاك برنامج نووى سلمى وإدراك خلفيات الأزمات المثارة حول بعض تلك البرامج وأسبابها يعد مهمة أساسية مصرية للفريق العلمى الذى سوف يكون مسئولاً ومشاركاً فى مهمة تأسيس البرنامج النووى المصري، لكن هناك مجموعة من الأمور المهمة التى يجب أن تؤخذ فى الاعتبار كأولويات ضرورية.
أول هذه الأمور أن الصناعة النووية هى صناعة المستقبل، فهذه الصناعة ليست فقط صناعة توفير مصدر دائم ورخيص ومأمون للكهرباء ولكنها صناعة تمتد إلى كافة مناحى الاقتصاد الوطنى والنهوض به، فامتلاك التكنولوجيا النووية يمثل من ناحية «سلاح ردع بالمعرفة» ويمثل من ناحية أخرى امتلاك «المكانة» التى تضع مصر فى صفوف الدول المتقدمة. ثانى هذه الأمور أن العالم فى سباق مع امتلاك التكنولوجيا النووية والتقدم فى تصنيع المحطات النووية. فإذا كان يوجد حتى الآن 435 محطة نووية تعمل وتنتج الطاقة فى كافة أنحاء العالم فإن 72 محطة جديدة يجرى إنشاؤها فى دول متفرقة من الولايات المتحدة إلى أوروبا إلى روسيا والصين واليابان والهند وإيران وأوكرانيا وباكستان والبرازيل والأرجنتين ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ثالث هذه الأمور أن امتلاك مصر مشروعا نوويا سلميا كاملا حق قانونى مكتسب نظير توقيع مصر وتصديقها على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. فهذه المعاهدة أعطت للدول المصدقة عليها حقوقاً كما فرضت عليها واجبات، من أهم هذه الحقوق أن تمتلك مشروعاً نووياً متكاملاً بما فيه حق تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي، وليس فقط امتلاك محطة نووية لإنتاج الكهرباء، وأن تحصل على كل الدعم الفنى والتقنى من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن الدول الكبرى الخمس التى اقتنصت الحق فى امتلاك مشروعات نووية سلمية وعسكرية وهى الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن، ومن هذه الواجبات أن تفتح منشآتها النووية أمام خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتخضع لكل الضمانات التى حددتها وتحددها الوكالة للوصول إلى اليقين بأن تلك المشروعات النووية هى مشروعات نووية سلمية محضة وليست مشروعات نووية عسكرية.
بهذا المعنى يجب أن نكون حريصين على امتلاك مشروع نووى سلمى كامل، وأن نملك القدرة على إنتاج الوقود النووى محلياً حتى لا نخضع لنوع جديد من التبعية البغيضة وهو «التبعية النووية» فالتخلى عن حقنا القانونى والمشروع فى إنتاج الوقود النووى عبر محطات نووية مصرية لتخصيب اليورانيوم سيجعلنا أسرى وعبيداً لمن يعطينا الوقود النووى لتشغيل محطاتنا النووية.
يجب أن نحرص على ذلك منذ البداية وأن ندرك ونعى فى كل لحظة أن الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة والدول الأوربية الأخري، أعضاء ما يسمى ب «النادى النووي» أى الدول التى لها الحق فى امتلاك السلاح النووي، لم تحترم ما هو منصوص عليه فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وأن تجاوزات هذه الدول هى أهم وأبرز خصائص ما نسميه هنا ب «البيئة الإستراتيجية» لمشروعنا النووي.
فمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التى أبرمت عام 1968 ودخلت حيز التنفيذ عام 1970 قد ارتكزت على ثلاث ركائز أساسية أولاها: منع الانتشار النووي، وثانيتها نزع السلاح النووي، وثالثتها الاستخدام السلمى للطاقة النووية، وإذا كانت المعاهدة قد نجحت جزئياً فى منع انتشار الأسلحة النووية (هناك أربع دول ضربت عرض الحائط بالمعاهدة وامتلكت أسلحة نووية هى الهند وباكستان وإسرائيل وأخيراً كوريا الشمالية) ونجحت نسبياً فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية عبر جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنها فشلت فشلاً ذريعاً فى نزع الأسلحة النووية التى تمتلكها الدول الخمس الكبرى أعضاء «النادى النووي». هذه الدول، وللأسف، لم تكتف بالتنصل من تعهداتها بنزع أسلحتها النووية، ولكنها دعمت دولاً حليفة لامتلاك هذه الأسلحة وتتستر على امتلاك دولة بعينها هى الكيان الصهيوني.
فالولايات المتحدة دعمت باكستان فى امتلاك القنبلة الذرية ضمن ظروف التعاون الباكستانى فى الحرب ضد الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، وسبق أن امتلكت الهند القنبلة، أما إسرائيل فحصلت على دعم فرنسى ثم أمريكى لامتلاك السلاح النووى والتكنولوجيا النووية، ليس هذا فقط بل إن الولايات المتحدة تقف حجر عثرة لمنع تنفيذ قرارين صدرا عن مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عام 2010. القرار الأول هو الدعوة إلى تنفيذ القرار الصادر عن مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عام 1995 القاضى بجعل إقليم الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل ودعوة إسرائيل للتوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والثانى الدعوة إلى عقد مؤتمر فى نهاية عام 2012 لتنفيذ قرار جعل إقليم الشرق الأوسط خالياً من الأسلحة النووية.
فقد ساندت الولايات المتحدة إسرائيل فى تسويفها ورفضها للتوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ومنع انعقاد مؤتمر جعل الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل.
فقد صدت الولايات المتحدة دعوة انعقاد هذا المؤتمر الذى كان مقرراً انعقاده فى العاصمة الفنلندية هلسنكى فى ديسمبر 2012 تحت مزاعم أن الوضع فى الشرق الأوسط لا يسمح بذلك فى ظل غياب التوافق بين دول المنطقة، وربطت بين انعقاد مثل هذا المؤتمر وإقرار الأمن والسلام الشامل (الذى يحقق كل المطالب لإسرائيل)، وأكدت أنها «لا يمكنها دعم مؤتمر يشعر فيه بلد من بلدان المنطقة أنه تحت ضغط أو معزول».
هذه هى البيئة الإستراتيجية التى سيؤسس فى ظلها مشروعنا النووي. ظروف صعبة تجعل انتشار الأسلحة النووية واقعاً مفروضاً، فأين نحن من هذا كله هل نكتفى بشراء محطة نووية لإنتاج الكهرباء، أم نصر على امتلاك مشروع نووى سلمى متكامل لنا كل الحق فى امتلاكه؟.
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.