رغم تمركز الحكومتان المتصارعتان عسكريا في ليبيا على طرفي النقيض من الغارات الجوية المصرية داخل ليبيا، إلا أنهما تتمسكان بجولة الحوار المقبلة، على أمل انتشال البلاد من فوضى أمنية دموية تعصف بها، بالتزامن مع الذكرى السنوية الرابعة لاندلاع الانتفاضة التي أطاحت بالعقيد الليبي الراحل، معمر القذافي. فقد شن الطيران الحربي المصري، فجر الاثنين الماضي، غارات على ما قال إنها أهداف لتنظيم "داعش" في مدينة درنة شرقي ليبيا، ردا على إعلان التنظيم، مساء الأحد الماضي، ذبح 21 مسيحيا مصريا في ليبيا. وبينما اتفقت حكومتا طرابلس وطبرق، المعترف بها من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، على التنديد بذبح المصريين، اختلفتا بشأن الغارات المصرية، إذ اعتبرتها الأولى "عدوانا على السيادة الليبية"، بينما أعلنت الأخيرة أن الغارات جاءت بالتنسيق معها، وستتواصل "حتى تحقيق أهدافها". تلك الغارات، التي زادت الاستقطاب بين المتصارعين على السلطة في ليبيا، آثارت توقعات عبر عنها نشطاء ليبيون على مواقع للتواصل الاجتماعي باحتمال تأجيل جولة الحوار المقبلة، وذهب البعض إلى احتمال انهيار الحوار تماما. وفيما لم تعلن بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، راعية الحوار، رسميا عن موعد للجولة المقبلة، أفاد مشاركان في الحوار لوكالة الأناضول بأن هذه الجولة ستعقد بدايات الأسبوع القادم. وقال أبو صلاح شلبي، النائب في مجلس النواب، الذي ينعقد بمدينة طبرق (شرق): "لا نزال متمسكين بالحوار، ونراه فرصة لخروج ليبيا من المأزق الراهن"، في إشارة إلى الأزمة السياسية والأمنية التي تكابدها البلاد. وتابع شلبي بقوله، في تصريحات لوكالة الأناضول: "تواصلت مع النواب المكلفين بالمشاركة في حوار غدامس (مدينة ليبية قرب الجزائر تستضيف الحوار)، وهناك اتفاق بينهم على ضرورة استكمال الحوار، خاصة بعد ذبح داعش للمسيحيين المصريين، فهذا دليل على خطورة الوضع في ليبيا. وقد علمت من وفد المجلس للحوار أن الجولة المقبلة ستكون خلال الأيام القليلة القادمة". وفي تصريح مقتضب للأناضول، قال النائب أبو بكر البعيرة، عضو وفد الحوار عن مجلس النواب في طبرق، اليوم، "سنقوم باستئناف جلسات حوار غدامس الأسبوع المقبل، وتم تحديد المكان وسيعلن عنه بعد يومين على أقصى تقدير". وأضاف البعيرة "هذا خير دليل على أننا متمسكون بالحوار الآن أكثر من أي وقت مضى". هو الآخر، قال محمد معزب، عضو وفد الحوار عن المؤتمر الوطني العام، إن "المؤتمر لا يزال على موقفه السابق من المضي في المشاركة بجلسات الحوار.. والسيد برناردينو ليون (المبعوث الأممي) أعلمنا أن الجولة المقبلة ستكون يوم السبت أو الأحد المقبلين". معزب مضى قائلا، في تصريحات لوكالة الأناضول: "ننتظر الموقف الدولي من الغارات المصرية على الأراضي الليبية، خصوصا ما يصدر عن مجلس الأمن الدولي (اليوم) الأربعاء بشأن ليبيا، ونعتقد أن القرارات ستكون في صالح دعم عملية الحوار، وأرجو ألا يتجاهل المجتمع الدولي الأمر حتى لا يربك مسار الحوار". وتحفظ البرلماني الليبي بشأن ذكر ما قد يطرحه وفد المؤتمر الوطني من مطالب في جلسة الحوار المقبلة. ويؤيد المؤتمر الوطني حكومة عمر الحاسي، التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها، ويتبعها رئيس أركان الجيش عبد السلام جاد الله العبيدي. بدوره، قال شريف الوافي، عضو المؤتمر الوطني السابق، وأحد الشخصيات العامة المشاركة في الحوار: "نحن متمسكون بالجلوس إلى طاولة الحوار، خاصة بعد الأحداث الأخيرة المؤسفة من ذبح للمصريين، حتى أننا طالبنا بالتعجيل بجولة الحوار المقبلة، فبالنسبة لنا الحوار مهم للغاية للخروج من الأزمة السياسية والأمنية في البلاد". وبشأن أبرز مطالبهم في الجولة المقبلة، أجاب الوافي، في تصريحات للأناضول: "سنطرح في جولة الأحد المقبل ثلاثة مطالب رئيسية، وهي إعادة تنظيم خطة عمل لحوار غدامس، وسحب التشكيلات المسلحة من المدن والعاصمة طرابلس، وتمكين الحكومة الليبية المؤقتة من العمل في مناخ مناسب". ويقصد الوافي بالحكومة المؤقتة حكومة عبد الله الثني، وهي تتخذ من مدينة البيضاء (شرق) مقرا لها، ومنبثقة عن مجلس النواب الذي ينعقد في طبرق، ويتبعها رئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري. وبحسب مسؤول في بعثة الأممالمتحدة بليبيا، طلب عدم نشر اسمه، فإن "رئيس البعثة يكثف اتصالاته مع كافة الأطراف الليبية من أجل استكمال جلسات الحوار". ولم يحدد المسؤول موعدا للجلسة المقبلة، مكتفيا، في تصريحات لوكالة الأناضول، بالقول إنها "ستعقد قريبا". وكانت محادثات منفصلة في غدامس قد توصلت إلى تحديد جدول زمني لجلسات الحوار المباشر، وكذلك تحديد ممثلي الطرفين بأربعة ممثلين لكل منهما.