حقيقة انهيار 7 آلاف مبنى في الإسكندرية بسبب ارتفاع منسوب البحر وتآكل التربة    سي إن إن: مسؤولون سوريون وإسرائيليون عقدوا محادثات مباشرة    إنبي وطلائع الجيش يتعادلان 1/1 في الدوري الممتاز    مواعيد المقابلات الشخصية لراغبي القيد بالجدول العام للمحامين الأسبوع المقبل    تعليق ناري من صفية العمري على أزمة أولاد محمود عبد العزيز وبوسي شلبي (فيديو)    "مذهلة"..نسرين طافش تنشر مقطع فيديو يبرز جمالها والجمهور يعلق    غدًا.. عرض الفيلم الوثائقي "الزعيم"    الأمم المتحدة: لدينا شواهد كبيرة على حجم المعاناة والمجاعة في غزة    أحمد نبوي: الدين الإسلامي ومعياره الأصيل يتمثل في الوسطية والاعتدال والتوازن    يوم فى جامعة النيل    تشكيل قمة تشيلسي ضد مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي    بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف التسلح وتعزيز الحوار والدبلوماسية بدلا من الصراعات    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    إعلام عبرى: الوفد الإسرائيلي المفاوض سيبقى في الدوحة حتى مساء السبت    بسنت شوقي: اتخضيت من نجاح مسلسل "وتقابل حبيب"    نقابة الأطباء البيطريين تحتفل باليوم العالمى للطبيب البيطرى غدا برعاية وزارتى الصحة والزراعة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    السعرات الحرارية..‬ بعد الملح والسكر والدهون    «شغل» أمريكانى    كيف نظم القانون حق الموظفين في إجازة الحج؟    الأهلي يفوز على أبيدجان الإيفواري بكأس الكؤوس الإفريقية لليد    قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    أحمد مكي يعلن وفاة نجل شقيقته ويطالب جمهوره بالدعاء له    بالمستند.. التعليم تعدل جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 لهذه المدارس    الجزائر تبحث مع إيطاليا مشروع الربط الكهربائي المباشر    إذاعة الاحتلال: الجيش يقول إنه سمح بإدخال الوقود لمستشفيات أجنبية بغزة    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    السديس يدشن النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    أسامة غريب يكتب: قسيس القرية    "المستلزمات الطبية" تناقش مشكلات القطاع مع هيئتي الشراء الموحد والدواء المصرية الاثنين المقبل    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    اغتنم الفرصة الذهبية.. أدعية مستجابة في ساعة الاستجابة... لا تفوّت الدعاء الآن    قبل تقديم النسخة المحلية.. كم يبلغ سعر النسخة المستوردة من جيتور X70 Plus بسوق المستعمل    مصر تتوج بلقب البطولة الأفريقية للمضمار بحصدها 51 ميدالية    إحالة محامى.. المعروف إعلاميا ب"سفاح المعمورة"، إلى محكمة الجنايات.    انطلاق منافسات بطولة تصفيات مصر الدولية لكرة السلة 3x3 للناشئين    تيك توك تطلق خاصية التأمل الليلي لحماية المراهقين من الإدمان الرقمي    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    ميناء دمياط يستقبل 12 سفينة خلال 24 ساعة.. وتداول أكثر من 93 ألف طن بضائع    حماس: الاحتلال يستخدم سياسة الأرض المحروقة في غزة    الصوامع والشون تستلم 270 ألفا و255 طنا من القمح داخل وخارج أسوان    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    وزير الكهرباء يتابع مستجدات تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة    الزمالك يبدأ الخطوات الرسمية لرفع إيقاف القيد بالتواصل مع "فيفا".    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    منازل الإسرائيليين تحترق.. النيران تمتد للمبانى فى وادى القدس    وفاة طفل وإصابة اثنين آخرين نتيجة انهيار جزئي لعقار في المنيا    كاف يكشف عن تصميم جديد لكأس لدوري أبطال إفريقيا    أسعار الأسماك في بورسعيد اليوم الجمعة 16 مايو 2025    الإسكان: قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بالساحل الشمالي وملوي الجديدة    حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر    حال الاستئناف، 3 سيناريوهات تنتظر نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    الصحة: خبير من جامعة جنيف يُحاضر أطباء العيون برمد أسيوط    طريقة عمل السمك السنجاري فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهز    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    خسارة مصر وتتويج برشلونة باللقب.. نتائج مباريات أمس الخميس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عائلة ممدوح مداح ل"محيط": كان فناناً شاملاً لم تستغله مصر
نشر في محيط يوم 17 - 02 - 2015

فنان متعدد المواهب، اختار أن يكون مقلا في أعماله الفنية من أجل أن يقدم رسالة، فكان يرفض كل ما يقدم له من أعمال لا تحمل رؤية فنية، وكان يغني ويلحن ويكتب الشعر والزجل ويمارس فن الإخراج المسرحي.. الفنان ممدوح مداح الذي رحل عن عالمنا فجر الخميس الماضي قالت أسرته ل"محيط" أنه لم يتمتع بشهرة واسعة في المجال الفني إلا أن أدواره التي قدمها سواء كانت صغيرة أم كبيرة كان يوجه من خلالها رسالة للجمهور.
فنان لم يأخذ حقه
قالت عنه زوجته السابقة وأم أولاده الأستاذة أمل خوجة ل"محيط": "ممدوح كان فنانا شاملاً منذ البداية.. اعتبره الشيخ إمام وسيد درويش الغنا.. نجم في كتاباته.. كان يرسم.. ينحت.. يكتب للمسرح ويقوم بالتلحين، كان حقا فنانا شاملا بمعنى الكلمة، بالإضافة إلى التمثيل والإخراج المسرحي، وكان قوي جدا في كل مجال فني من هذه المجالات.
درس المحاماة، وكان هناك صراع في بداية حياتنا حول استمراره في المحاماة أو اتجاهه للفن، لكن تغلبت الناحية الفنية عنده في النهاية. كان مقل؛ لأنه كان ينتقي أعماله الفنية جدا ولم يقدم "أي حاجة"؛ حيث كان يرى الفن بالصورة التي يمكن أن تكون عليها، وهو أنه يقدم رسالة حقيقية لا يجوز أن يكون متواجد و"خلاص"، لكنني أرى أنه لم يأخذ حقه في أي مجال فني من الفنون التي احترفها، سواء غنا أو كتابة أو إخراج أو تمثيل، لكن كل شيء بإرادة ربنا. وأعتقد أن ممدوح كان من القلائل في مصر الذي جمع بين مجالات عديده من الفنون، فمن الممكن أن نجد فنانا موهوبا في مجالين من الفن لكنه لم يكون بنفس القوة في الاثنين، بل تتغلب موهبة على الأخرى، لكن ممدوح في الغناء كان صوته قوي جدا، وملحن ممتاز على الرغم من أنه لم يكن دارسا للفن، وكذلك في كتابة الشعر والزجل، والكتابة للمسرح، والإخراج المسرحي، كان بداخله الكثير لكنه لم يأخذ فرصته كامله في الفن".
واصلت الأستاذة أمل: "أكثر الأعمال التي أحبها له لم تكن جماهيرية، بل عرضها ضمن مسرح الجامعة، ومسرحيات "الميلاد"، "اللعب في الدماغ"، "نجم وإمام"، "فلسطين على العشا"، وللأسف هذه الأعمال لم يراها الجمهور جيدا لأنها كانت تعرض على مسرح الدولة ومسرح الهناجر. وأرى أن هذه الأعمال قال فيها ممدوح ما يريد قوله، وأيضا أغاني الشيخ إمام، لدرجة أنني عندما انتج فيلم "الشيخ إمام" تخيلت أن تكون بطولته لممدوح؛ لأنه كان أنسب شخص للقيام بهذا الدور حتى في شكله، كما أن طريقة غناء ممدوح كانت تحمل كثيرا من الشيخ إمام، لكن للأسف ماحدش شافه ولا أداله الفرصة دي.
كان لا يحب المستشفيات والأطباء والأدوية، وفي شهر يناير من العام الماضي أثناء قيامه بدوره على خشبة المسرح سقط، وعندما نقلوه إلى المستشفى اكتشفوا أنه كان مصاب بجلطة خفيفة في المخ، بعدها كان يبدو عليه أنه كان مريضا بالضغط مما أثر عليه، لكنه لم يتابع عند أطباء أو يعرف ما أصابه حتى لا يوهم نفسه أو يتلقى العلاج، وفاق من وعكته الصحية واستكمل عمله، وعرض في المسرح القومي والإسكندرية مسرحية "اللي خايف يروح"، وكان يغني فيها يوميا "لايف" ويقوم بمجهود كبير. وحتى توفى لم يشتكي صحيا من أي شيء، ولم يدخل المستشفى، وكان يوم وفاته يصور دوره في مسلسل "مولانا العاشق" مع الفنان مصطفى شعبان؛ حيث كان موعد التصوير في الساعة السابعة مساءا، وأنهى عمله الساعة 2 بعد منتصف الليل، وتحدث مع ابنته بشكل طبيعي جدا، ثم تحدث إلى ابنه كريم، وصعد للمنزل وتوفى الساعة الرابعة من فجر يوم الخميس الماضي، وعندما حضر الطبيب قال أن الوفاة كانت طبيعية لم يكن فيها أي شيء غير طبيعي".
وأنهت الأستاذة أمل كلامها بأن ممدوح مداح فنان لم يستغل، والفن خسره في اللي فات؛ لأنه كان بداخله طاقة فنية كبيرة جدا للأسف لم تراها مصر، ولم تستفاد منها، وكان من الممكن أن يستفاد منها الأجيال، وأن تكون ثروة فنية لمصر والعالم العربي، لكن للأسف لم يحدث هذا.
أحن أب
أما ابنته الوحيدة نادية، الطالبة بالسنة الرابعة من كلية التربية شعبة طفولة، فقالت في شهادتها عنه ل"محيط": "بابا كان دائما يقول أن ربنا دائما يعطي كل إنسان سر من أسراره يخدم به الناس، وأنه لا يعرف أي شيء سوى الفن.. منذ كان طفلا ووالده كان يريده أن يكون ضابطا أو قاضي، وكان يناديه بالمستشار؛ ولذلك التحق بكلية الحقوق، كما كان يناديه أخوه الكبير ب"الأستاذ" على الرغم من أنه أصغر اخواته.. الفن كان يسير في دمه ولا يملك غيره.. من يوم ماوعيت على الدنيا وكان يغنيلي واسمعه وهو يجلس على الأرض أمام الطبلية النحاس يشرب الشاي، وكنا نجلس جميعا من حوله، وكان يعزف على العود ويغني أغاني الشيخ إمام وسيد درويش وطلب وحليم وسوما، كان يحب كل شيء".
أما عن ممدوح الأب فقالت نادية: "هو أحن أب ممكن تجده في الدنيا، لكنه لم يعرف التعبير عن ذلك الحب، كان حنين معي وكنت بتدلع عليه، فكان يقول لي عندما اتناقش معه وأصل لحارة سد "يابت أنا صعيدي وومكن أخدك المنيا أنفيكي" فأرد عليه "ماتقدرش"، كان يريد أن أكون نسخه منه وأن أرى الدنيا بعيونه، وألف لي أغنية بهذا المعنى تقول: "يانانا يا نانا يا كل هنانا.. بابا عيونه بينادي.. نادى عليكي.. بان في عنيكي.. أنا أهو نانا يا دادي، هاتي يا نانا المشاية.. حبة حبة حبة تبقي حكاية.. بعيوني هاتشوفي الدنيا.. وتبقى الدنيا شيء عادي"، وغيرها الكثير، هي دي الأبوة اللي شفتها منه".
عاش عمره وحيدا
واصلت نادية: "عاش طول عمره مهموم وشارد ويترك نفسه لهمه بكل ما يملك.. كان مهموم بمصر جدا ولا يفكر في شيء سواها، وكنت أقول له "كفاية يا بابا أحنا تعبانين وعايزينك معانا"، فيقول لي "لا.. ربنا أداني موهبتي بصوتي والشعر والكتابة والغنا والتمثيل وكل شيء لأوصل رسالة.. مش هاقدم إلا الأعمال اللي بتقدم رسالة.. ورزق الإنسان مش شرط يكون فلوس بس"، وآخر مرة تحدثت معه قال لي "ماتخفيش أنا هاسيبلك سيرة حلوة.. أنا عمري في حياتي ما أذيت حد.. وعمري ما عملت حاجة وحشة في حد.. طول عمري بأذي نفسي بس"، فعلا ظلم نفسه وعاش طول عمره وحيد، انفصلت أمه وأبوه، وكل منهم تزوج وأنجب أطفال، ثم ماتت أمه وهو صغير جدا، وكان يعيش مع أخواته، وعاش طول عمره وحيد، وكان يقول لي أنتي بنت عمري.
خالد صالح قاله "أنا وأنت رايحين"
أكثر ما أحبه فيه هو صوته، واعتبر أن التمثيل نفسه والغنا صوته، وأي أعمال فنية قدمها سواء أدوار كبيرة أو صغيرة كانت مجاملة ليأتي لنا بالمال، أو حتى لا يغضب منه أصدقاءه.
كان صديقه الفنان خالد صالح رحمه الله، دوما ما كان يقول له "ممدوح أعمل حاجة لولادك أنا رايح وأنت رايح"، وفعلا اللتنين راحوا مع بعض من حبهم لبعض، وكان بابا يرد "أنا مش هاسيب لولادي فلوس، لكني هاسيبلهم سيرة وحب الناس".
أحب أعماله المسرحية التي لا يعرف عنها الناس شيء مثل "نجم وإمام"، "فلسطين على العشا"، و"الميلاد"، وهذه المسرحيات قدمها في فرقة "الحركة" التي اسسها أصدقاءه من الفنانين، منهم خالد صالح، وخالد الصاوي، سيد فؤاد، ومحمد سعد، هندي، أحمد عبدالله، أحمد ثابت، طارق عبدالعزيز، أسامة عبدالله.... وهذه الفرقة التي عاش طول عمره بيها وعليها.
أحب أيضا دوره في "حين ميسرة": "المسحراتي.. المنقراتي.. عملت حياتي".. كل كلامه كان يحاول أن يصرخ في الناس، في أي مسرحية أحضرها معه كنت أراه وهو يقف على خشبه المسرح وكان يؤدي بكل كيانه؛ لذلك أنا متأكدة أن لحظات وقوفه على المسرح هي أسعد لحظات حياته، وكان يقول لي أنه يقول للناس علشان يقوموا".
تابعت نادية شهادتها: "بابا أول شخص أسمع منه كلمه ثورة يوم 25 يناير، كنت مريضة وشبه مشلولة لا استطيع النزول من المنزل، فقلت له "يا بابا الناس كتير في الشارع"، فقال لي "يا نادية دي مش مظاهرة دي ثورة"، فرديت عليه "مش للدرجاتي"، فقالي "دي الثورة اللي أنا كنت مستنيها.. طول عمري بصرخ فيها".. كان ذكي جدا، يعرف يأخذ حقه بضحكة حلوة، رغم أنه ظلم كثيرا سمعته من فترة قريبه يقول لرجل بسيط "لما تلاقي حد بينصب عليك يكفيك أنك تعرف"، كان يعرف جيدا أنه قوي من داخله، ولم يحب الظلم، كان أبي مجنونا.. عصبي وهادي.. حنين وشرير.. دبلوماسي وغلاط.. كل شيء تجده فيه، مثل البحر.
أقوله: "زي ما قلتلي ربنا بيدي كل إنسان فينا سر علشان يقوله للناس، وأنا خدت دة بشكل تاني أني أخدم الناس بالطريقة اللي بحبها. أنت عشت راضي.. ومت راضي.. وصابر.. والناس خسرت كتير قوي أنها مالمستش قلبك واخلاصك أنك عايز تقولهم رسالة، وتقول فيهم.. الناس خسرت كتير قوي أنها ماعرفتكش، وممكن ماعرفوش عنك حاجة.. أنت أعظم فنان مصر خسرته.. فنان بكل كيانه، عشت طول عمرك مخلص لفنك ومحافظ عليه وعلى سيرتك. ممكن أي إنسان يفعل أي شيء من أجل المال، لكنا مررت بأصعب الظروف ولم يتنازل، حاليا أنا أقدر هذا فيه، وأقولك يا حبيبي ربنا يديم علينا صوتك، ويحقق رسالتك اللي ماقدرتش تكملها للناس.. الحمد لله.. والله يرحمنا أحنا".
قال هاتورثوا مني السيرة
أما كريم ابنه، الطالب بالسنة الثانية من معهد السينما قسم مونتاج، والذي كان يعيش مع والده فقال في شهادته عنه ل"محيط": "مؤمنين بقضاء الله.. لم ابدأ القرب منه إلا في الفترة الأخيرة، فطوال حياتي كنت أعيش في الإسكندرية وكان أبي يأتي لنا في زيارات، فلم أعيش معه كثيرا، لكن العامين الأخيرين اللي عشت معاه فيهم أعتبرهم عمر، تحدث معي كثيرا، وحدث بيننا مواقف كتيرة، ورحنا وجينا كتير، ومافيش حاجة معملنهاش، لدرجة أنني كنت أغيب من المعهد في بعض الأيام بسبب أننا نتحدث حتى يطلع النهار، أما مات كنت أعرفه جيدا، لكني كنت أراه كإنسان وكأب وكفنان أحسن شخص في الدنيا، لكن الأجمل من ذلك أنك تجد أشخاص كثيرين يقولون ذلك عنه، فكثير ممن يعرفوا أنني ابنه يقولون لي "يابختك"، وهذا ما قاله لي: "أنت مش هاتورث مني فلوس.. وأنا ماشتهرتش لدرجة كبيرة.. لكنك ستورث مني سيرة وسمعة وحب الناس"، لم أرى هذا وأنا أعيش معه لأن أصدقاءه كانوا يروه عادي، لكن كلمه حب لم أراها إلا لما توفى، سمعت كلمة أنت ابن الغالي كتير جدا؛ ولذلك اطمئن أن الكثيرين يدعون له ولم أكن الوحيد".
رفض دخول ابنه معهد السينما
وبسؤاله عن سر دخوله معهد السينما وهل بسبب والده قال كريم: "إطلاقا، والدي أول من رفض التحاقي بمعهد السينما، وهو أيضا خريج كلية الحقوق، وحتى الآن عضو في نقابة المحاميين التي سأحصل على معاشي منها، ولم ينضم لنقابة السينمائيين أو المهن التمثيلية، وهو حتى آخر وقت لم يحصل على عقود أعمال لأنه ليست نقابي، فهو في النهاية عاش ومات محامي، ولم يعدي مطلقا على أكاديمية الفنون أو يلتحق بمعاهد التمثيل أو الإخراج، بالرغم من أن أصدقاءة اللذين كانوا ينتهون من دراستهم في كليات أخرى ثم يلتحقون بأكادمية الفنون كانوا يقولون له أنه أكثر فنا منهم، وأنه سيجتاز بسهولة اختبارات الدخول، وسيدخل الناقبة لتفتح له سكك، لكنه لم يستجاب لهم، وأنا لا أعلم وجهة نظره في ذلك، يمكن لرغبة جدي بأن يكون محاميا. أما عني فكنت أكتب الخواطر منذ أصغر، وأردت توصيل أفكاري للناس، والفن هو البوابة الشرعية التي ستدخلني كل البيوت من خلال السينما والميديا، فالتحقت بمعهد السينما قسم المونتاج بعد انتهائي من الثانوية العامة. وفي المعهد لا يعلمون أنني ابن ممدوح مداح، حتى عندما انزل بلاتوه لا يعلمون أنني ابنه".
عبدالناصر في حياته
واصل كريم: "أماعن الأعمال التي أحبها لوالدي، فهي كل لقطة ظهر فيها على الشاشة، وكنت ضدة في بعض الأشياء، مثل رفضه أعمالا كثيرة بالرغم من أننا نحتاج للفلوس، فكنت أقول له "الحمد لله جالك شغل"، فيقولي "لا مش هاقبله علشان يكون معايا فلوس.. الدور ماعجبنيش.. وأنت أما هاتتفرج عليا هاتقولي يابابا الدور نص نص ومافيهوش رؤية فنية"، كنت ضده في ذلك أما كان عايش، لكنني شعرت بما قاله بعد وفاته؛ لأنني فرزت كل أعماله التي قدمها ولم أجد لقطة واحدة مسفة أو بلا هدف، فهو كان لديه بصيره وبعد نظر.
كان محب لجمال عبدالناصر، ومقتنع أنه لم يحكم مصر زعيم سواه، يمكن هو ابن هذه الفترة على الرغم من أنه من مواليد 1958 ولم يعاشره، لكنه سمع عنه كثيرا وكان مقتنع بفكره، وما دعم ذلك التحاقه بكليه الحقوق؛ لأنه عندما درس حقوق الإنسان في الجامعة لم يجد شخص طبق هذه الحقوق سوى عبدالناصر ولذلك آمن بفكره؛ ولذلك بعد ثورة 30 يونيو ذهب إلى الحزب الناصري مع الفنان خالد طلعت وأخذ له صوره كبرها بحجم كبير ووضعها في المنزل".
تفاصيل الوفاة
وواصل كريم: "إن مع العسر يسر.. يمكن قبل ما أدخل البيت وأجد أبي ميتا وشخص سألني عما سأفعله كنت سأقول له شيء آخر تماما عما فعلته، أظن نفسي كنت سأنهار وسأبكي، لكن مما حدث بعكس ذلك، فربنا بيصبر القلوب، فأنا أعيش مع والدي بمفردنا مالوش غيري وماليش غيره، عاد من العمل في الساعة الثانية صباحا بعد التصوير، وحدثني على الهاتف فقلت له أني في عمل وأمامي ساعتين أو ثلاثة وسأعود للمنزل، فقال لي "أنا هاتعشى وأرجع أنت كمان أتعشى لو لقيتني نايم"، وكان صوته جيد جدا، فأنهيت عملي وعدت للمنزل ووجدته يترك ربع كوب من الشاي، والنور مغلق تماما، بخلاف عادته، وكان ينام على "الكنبة" في وضع الصلاة، فقلت له "إيه نيمك هنا قوم نام جوه" فلم يرد، فمسكت بيده كي يدخل إلى فراشه ولم أفتح النور حتى لا ينزعج فوجدته بارد جدا، ففتحت النور ففوجئت أن وجهه مزرق وفمه وعنيه مفتوحتين فظللت دقيقتين من الاندهاش، ثم اتشاهدت وأغلقت له عينيه، وتوضئت وأحضرت المصحف وشربت ما تبقى من كوب الشاي، وجلست على الأرض بجانبه وقرأت له سورة "يس" و"طه" و"الرحمن"، ثم أعلنت خبر الوفاة وتحدثت لأمي، وسبحان الله اليوم كان سهل جدا، أحضرت أطباء من الصحة لاستخراج تصاريح الدفن، واحضرنا الكفن وغسلناه بسهولة ولم يعرقلنا أي شيء.. لم أبكي كما كنت أتصور بل اعتبرته أمانه يجب علي توصيلها، ولا أعرف كيف كنت صامد حتى دفناه وعدنا للمنزل، لكن الله هو من يلهم الصبر، واتمنى أن صبري يدوم فكل موقف سيمر علي سأشعر بفراقه وأنه طوال الوقت سيوحشني".
وقال كريم لوالده: "أنا آسف على أي شيء زعلتك فيه في يوم من الأيام.. الله يرحمك ويارب تكون في منزلة كويسة لأنك تركت مكانة جيدة جدا في الدنيا.. تركتهالي أنا واتمتع بها بمكانتك واسمك شرف لي كبير.. فيارب ربنا يرحمك وتكون في مكان كويس وأنا متأكد أنك ذهبت للمكان الأفضل".
من أبياته الشعرية
واختتم كلامه بإحدى قصائده: "هاتموت إذا حان الأجل.. وهاييجي من بعدك ولد.. هاتبخر الدار ضحكته.. وإن يلتقيك مرمي على حد الزمن.. هيعدي ويقول غنوته.. يا مصرنا يا أمنا أطمني وفضي السكات.. كل الحكاية كان هنا واحد نداله الموت فمات".
يذكر أن الفنان ممدوح مداح توفى يوم الخميس الماضي عن عمر يناهز 57عاما. تزوج مرة واحدة من السيدة أمل خوجة، وله منها ابنا وابنه هما كريم ونادية. شارك في العديد من الأعمال السينمائية من بينها: "حين ميسرة"، "صرخة النملة"، "كلمني شكرا"، "العالمي"، "الريس عمر حرب"، "قطار إلى المرج"، "كف الفمر"، "الساحر"، "55 إسعاف"، "يانا يا خالتي"، و"عبود على الحدود". ومن المسلسلات التي شارك بها: "فرعون"، "سنوات الحب والملح"، "كريمة كريمة"، "أهل كايرو"، "العتبة الحمرا"، "خاتم سليمان"، "على كف عفريت"، "دهشة"، و"أنا وبابا وماما". ومن المسرحيات التي قدمها: "الميلاد"، "حكيم عيون"، "اللعب في الدماغ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.