قال تقرير لصندوق النقد الدولي صدر اليوم الأربعاء إن هناك مخاطر في الاقتصاد العالمي قد تؤثر سلبياً على الاقتصاد المصري ومن بينها التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي لمعظم الدول النامية والشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لمصر مما يؤثر سلباً على التدفقات الخارجية لمصر خاصة مع انخفاض الاحتياطي من النقد الاجنبي بها. وبنهاية الشهر الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3.5 % و3.7 % في عامي 2015 و2016 على التوالي، وذلك من توقعات سابقة بنمو 3.8 %، و4% أصدرها في أكتوبر الماضي. وأضاف التقرير أن هذا الأمر يستلزم بالإضافة إلى الالتزام بتنفيذ برنامج الإصلاح المالي للحكومة، اتخاذ خطوات إضافية لاحتواء هذه المخاطر دون أن يحددها. ويعد هذا التقرير هو التقييم النهائي للاقتصاد المصري بعد مشاورات المادة الرابعة التي أجراها الصندوق في مصر نهاية العام الماضي. وتنص المادة الرابعة من اتفاقية انشاء الصندوق، على أن يتولى الصندوق إجراء مناقشات ثنائية سنوية مع الدول الأعضاء، يركز خلالها على السياسات الاقتصادية الكلية للبلدان. وأشار التقرير أن الحكومة قامت بالفعل بتنفيذ إجراءات الإصلاح منذ بداية العام المالي مع تولى عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، لكنه أكد على وجوب تبني الحكومة لأجندة إصلاح طموحة تهدف إلى تحقيق النمو الشامل وخلق فرص العمل من خلال تنفيذ الاصلاحات الهيكلية والمؤسسية لتحسين مناخ الاستثمار وحماية الفقراء، لما لذلك من أثر على معدلات النمو على المدى القصير والمتوسط. وأشار التقرير، إلى أن الإجراءات التي تم تنفيذها حتى الآن ساهمت في بدء استعادة الثقة بالاقتصاد المصري وهو ما انعكس على بعض مؤشرات أداء الاقتصاد. وتابع: على الرغم من استمرار تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في عام 2013/2014 إلى نحو 2%، إلا أن معدلات الاقتصاد بدأت في الارتفاع لتصل إلى نحو 6.8% في خلال الربع الأول من العام المالي الجاري. وأضاف التقرير، أن هناك توافق بين الحكومة وبعثة الصندوق على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري والمادي من خلال زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي، مشيدا بالخطوات التي اتخذتها الحكومة لحماية محدودي الدخل كجزء أساسي من برنامجها الاقتصادي، والتي تتضمن قيام الحكومة بإطلاق برنامج مبتكر للتحويلات النقدية يستهدف 1.5 مليون اسرة على مستوى الجمهورية، بالإضافة الى بدء تطبيق منظومة الخبز الجديدة بشكل فعال بهدف توصيل الدعم لمستحقيه والقضاء على تسرب الدعم. وأشاد التقرير بمشروع قناة السويس الجديدة وقدرة الحكومة على توفير مصادر تمويله محليا مما يدل على الثقة العالية في المشروع وفي المستقبل الاقتصادي للبلاد. وأضاف، أن المشروعات الاستثمارية الكبرى في مجالات الإسكان واستصلاح الأراضي والطاقة والطرق والبنية التحتية من شأنها أن تدعم فرص النمو وإيجاد فرص عمل جديدة، وذلك مع ضرورة الحذر بألا يكون لهذه المشروعات تبعات مالية تؤثر على الالتزامات المالية للدولة. وبالنسبة لسياسات المالية العامة، اعتبر التقرير، موازنة العام المالي الجاري 2014/2015 "تحول في السياسات المتبعة" حيث احتوت الموازنة على مجموعة من الإجراءات بهدف خفض عجز الموازنة العامة الى نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن بينها بدء الإصلاح التدريجي في أسعار المواد البترولية، والعمل على اصلاح منظومة الأجور، والتصديق على تعديلات قانون الضرائب على الدخل، واقرار زيادات الضريبة القطعية على التبغ والسجائر، بالإضافة إلى بدء التطبيق الفعلي لقانون الضريبة العقارية بعد إدخال بعض التعديلات عليها. وأضاف تقرير صندوق النقد الدولي، أنه في ظل خطة الحكومة الاصلاحية والتي تستهدف استمرار ترشيد دعم الطاقة تدريجياً وتوسيع القاعدة الضريبية وربطها بالنشاط الاقتصادي، فمن المتوقع أن ينخفض العجز في الموازنة ومعدلات الدين الحكومي على المدى المتوسط بما يتفق مع أهداف الحكومة وبشرط الالتزام بالتنفيذ في التوقيتات المحددة. أما بالنسبة للسياسة النقدية فقد أوضح التقرير، أن البنك المركزي يستهدف تحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم وفى نفس الوقت تدعيم النمو وتوفير التمويل اللازم لعجز الموازنة، وأن البنك المركزي قام باتخاذ إجراء حاسم برفع أسعار الفائدة في شهر يوليو الماضي للحد من الضغوط التضخمية المحتملة في أعقاب تحريك بعض الأسعار المحددة إدارياً، مشيرا إلى قدرة السياسة النقدية للبنك المركزي على السيطرة على معدلات التضخم لتنخفض إلى نحو 7% في عام 2018/2019. وعلى صعيد المعاملات الخارجية فقد أوضح تقرير صندوق النقد، اتساع العجز في ميزان المعاملات الجارية في العام المالي 2013/2014 لتصل إلى نحو 5% من الناتج (عند استبعاد المنح)، خاصة في ظل تراجع المتحصلات من السياحة إلى النصف، وانخفاض الصادرات غير البترولية إلى أقل من 5% من الناتج المحلى، وعدم حدوث زيادة مؤثرة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، مشيرا إلي أن الفجوة التمويلية الخارجية تمت تغطيتها من خلال مساعدات دول الخليج خلال العام الماضي.