رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    القيمة المضافة.. الصناعات الزراعية أنموذجا    الدولار ب49.8 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 22-5-2025    إعلام فلسطيني: الاحتلال ينسف عددا من المنازل شمال قطاع غزة    رئيس الوزراء الكندي: ندرس الاستثمارات في نظام دفاع "القبة الذهبية"    صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل عقب رصد إطلاق صاروخ من اليمن    "أكسيوس": البيت الأبيض في ولاية ترامب بات خطرًا وفخًا للزعماء والرؤساء    في حال فشل المفاوضات.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟    إمام عاشور يتعرض لوعكة صحية ونقله إلى المستشفى    حريق هائل في مطعم بالإسكندرية.. والحماية المدنية تنقذ عشرات الطلاب    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 22-5-2025    شريف عبدالفهيم يكتب: السينما من الترفيه إلى الصناعة    إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)    تباين في أسعار الخضروات بأسواق مطروح.. والبامية والليمون تكسران حاجز ال 80 جنيهًا    زيادة كبيرة ب920 للجنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع التاريخي    بعد استهداف الوفد الدبلوماسي، كندا تستدعي السفير الإسرائيلي وتطالب بالمحاسبة    أرباح إيسترن كومبانى تنمو 36% خلال 9 أشهر.. بدعم 27 مليار جنيه إيرادات    تويوتا RAV4 موديل 2026 تعتمد على نظام السيارة الهجينة القابلة للشحن    بعد تأهل توتنهام.. 3 فرق إنجليزية تضمن المشاركة في دوري أبطال أوروبا    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    بالأسماء.. مصرع وإصابة 4 طلاب في حادث تصادم موتسكلين| صور    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    ننشر أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالعريش في شمال سيناء    هذا أنا مذكرات صلاح دياب: حكاية جورنال اسمه «المصرى اليوم» (الحلقة الثالثة)    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    بعد صدور لائحته التنفيذية.. عقوبة اصطحاب كلب دون ترخيص    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    مراسم تتويج توتنهام بلقب الدوري الأوروبي للمرة الثالثة فى تاريخه.. فيديو وصور    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    الهلال ينجو من خسارة جديدة في الدوري السعودي    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    وزير الزراعة يرد على جدل نفوق 30% من الثروة الداجنة في مصر    وزير الزراعة يحسم الجدل حول انتشار وباء الدواجن في مصر    كيف تغلبت ياسمين صبري على التصميم الجريء لفستانها في مهرجان كان؟ (صور)    عادات المليونيرات.. 4 مفاتيح مالية يتجاهلها معظم الناس (تعرف عليها)    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل به شبهة ربا؟.. أمين الفتوى يحسم حكم البيع بالتقسيط وزيادة السعر (فيديو)    لحظة وصول بعثة بيراميدز إلى جوهانسبرج استعدادا لمواجهة صن داونز (صور)    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    محافظ الدقهلية: 1522 مواطنا استفادوا من القافلة الطبية المجانية ب«بلقاس»    كواليس خروج مسمار 7 سم من رأس طفل بمعجزة جراحية بالفيوم -صور    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث المذبحة
نشر في محيط يوم 11 - 02 - 2015

لا يوجد سبب واحد يبرر مذبحة استاد الدفاع الجوى والجريمة مكتملة الأركان بأى معنى قانونى أو سياسى.
الحساب الصارم مع كل الأطراف التى تورطت فى المذبحة ضرورات دولة، فللتسهال عواقبه الوخيمة.
وأيا كانت الأخطاء التى ارتكبها «الوايت نايتس» فإنها لا تسوغ لأحد أن يقتل ويتوسع فى القتل وأن يشتم ويفحش فى القول رغم صور الدماء الغزيرة فى المكان والجثث الملقاة على الأرض وبقايا اللافتات والأعلام والأحذية لشباب صغير للغاية فى مقتبل العمر تماما أغلبهم دون العشرين.
كان يمكن تجنب المذبحة بالتدخل المبكر لتمكين «الوايت نايتس» من الحصول على تذاكر المباراة التى حُجبت عن عمد من إدارة نادى «الزمالك».
لا الأمن تدخل ولا السياسة جرؤت على الكلام، فهذا الجمهور «بلطجية» و«صيع» بالوصف الذى استخدمه رئيس النادى فى أعقاب المذبحة.
بدت الدولة بلا هيبة أو احترام وتفتقد كل قدرة على التصرف بالطريقة المناسبة فى الوقت المناسب، وهذه مأساة بذاتها.
فى أية حسابات سياسية فإن عودة الجماهير إلى مدرجات كرة القدم شهادة بالاستقرار والأمن قبل المؤتمر الاقتصادى.
حيث كان الرهان على أن يكون هذا اليوم عرسا فإنه تحول إلى مأتم وألغيت فكرة إحياء المدرجات بجماهيرها إلى أجل غير مسمى، فمن يتحمل المسئولية.. ومن يستقيل.. ومن يصحح الأسباب التى تفضى مرة بعد أخرى إلى مثل هذه الحوادث الدموية؟
وكان يمكن تجنب المذبحة بقدر من المرونة السياسية تسمح للجمهور أن يدخل بترتيب ونظام إلى المدرجات شبه الخاوية غير أن الرءوس تعطلت أفكارها وبدت بدورها شبه خاوية.
لا إدراك بأية درجة للمشكلة التى تفاقمت بسرعة متناهية إلى مذبحة دموية قوضت صورة الأمن فى مجتمعه وعمقت فى لحظة حرب مع الإرهاب فجوات الكراهية المتبادلة معه.
فى هذه الأزمة تجسدت مخاطر تنحية السياسة، فلا الحكومة مؤهلة لأن تلعب أية أدوار سياسية وأغلب وزرائها بيروقراطيون أو تكنوقراطيون مدى علمهم بالسياسة أنها «وجع دماغ»، وعندما أراحوها دخلنا إلى أزمة تكاد تدخل البلد المنهك فى الحائط وتسد أمامه أى أمل فى المستقبل.
بسوء أداء سياسى وأمنى ارتبك المشهد السياسى وجدول أعماله فى توقيت حرج.
فالمذبحة استبقت زيارة الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، وأهميتها من رهاناتها فى إحداث شىء من التوازن الضرورى فى العلاقات الدولية بالتشويش عليها بأكثر مما تحتمله أية مصلحة مصرية لبناء صورة جديدة.
كما تداخل نزيف الدماء مع إجراءات التقدم بأوراق الترشيح فى الانتخابات النيابية المقبلة، ورغم الفوضى التى تضرب الحياة السياسية كلها من جراء قوانين الانتخابات التى لم تخضع لأى حوار ولا لأى توافق فإن استكمال مؤسسات الدولة له أثره على أى نجاح محتمل فى التعافى الاقتصادى وجذب الاستثمارات الأجنبية لمصر.
وهذا مؤشر سلبى آخر يسحب من الثقة العامة بأكثر من أى توقع، فما كان تململا يكاد أن ينقل مواضعه بالقرب من كتل النار دون أن تكون هناك سياسة تدرك المخاطر حولها وتتصرف وفق مسئوليتها.
أريد أن أقول بوضوح إن المسئولية السياسية تلازم المسئولية الأمنية فى حديث المذبحة وأن هذا ما يستحق المراجعة الجدية لأوجه الخلل فى البنيتين السياسية والأمنية معا.
«القفص الأخير» الذى حشر فيه الضحايا قبل أن يموتوا خنقا بالغاز المسيل للدموع يلخص كل الخلل الفادح والمنذر.
عندما يقال لك ادخل إلى القفص لتمر منه إلى المدرجات ثم تمنع عن الحركة، فهذا خداع لا يليق بأية سلطة تحترم كلمتها.. وعندما تقصف بالقنابل المسيلة للدموع وأنت لا تملك أن تهرب فهذا قتل عمدى.. وعندما تعتمد السلطات الأمنية نظرية «التدافع» لتفسير الوفيات ب«كسور متفرقة فى الجسد والعنق» وفق تقارير الطب الشرعى فإنها على نصف حق إذا أرادت أن تثبت أنه لم يطلق رصاص لكنها تثبت المسئولية على قوة التأمين والذين أصدروا إليها التعليمات.
ليس مهما كيف كان القتل إذا كانت الجثث فى المكان.
أسوأ ما قد يحدث أن تتوغل السلطات فى نظريات المؤامرة لإلغاء أية مسئولية ونفى أى قصور، فطالما أن هناك مؤامرة على مصر فإن كل دم مباح وكل فشل مبرر وكل شتم بطولة.
بحسب تصريحات منسوبة لرئيس الوزراء «إبراهيم محلب» فإن الحادث «مؤامرة تستهدف عرقلة التنمية وزعزعة الاستقرار» دون أن يقول من هم الضالعون فيها وما هى الأدلة والقرائن التى تؤكد ما ذهب إليه.
هناك باليقين من يطلب تقويض الدولة لكن السياسات المتبعة تساعده فى طلبه.
المسئولية فى المعلوم لا المجهول، فى السياسة لا الجماعة، فى الذين قتلوا لا الذين شمتوا.
بصراحة كاملة يصعب الآن أن يستبعد أحد احتمال عودة الجماعة للسلطة مرة أخرى، لا لاستحقاق تمتلكه بل لأخطاء قاتلة تكاد تصيب الرأى العام بالإحباط الكامل.
إذا كان هناك ما يمنع عودتها فى أى مدى منظور فهو الشعب المصرى الذى يمقت عنفها وإرهابها ولا يريد أن يراها تحكم مرة أخرى، لكن الرهان على الإرادة الشعبية دون سند من سياسة تنحاز إليها يضع البلد أمام مجهول.
من غير المعقول أو المقبول أن ترتفع فى كل أزمة أصوات تزعق وتصرخ وتنسب أسبابها إلى الجماعة كأنها قوة كونية لا قبل لأحد بمؤامراتها وتتوسع فى سبابها لتنال من كل من له قيمة فى هذا البلد وكل ما له معنى فى ثورتى «يناير» و«يونيو».
فى اصطناع الفجوات بين الثورتين مشروع عودة للماضى وضخ دماء جديدة فى شرايين جماعات العنف والإرهاب.
بصياغة أخرى فإن بعض الدعايات شبه البدائية المدعومة أمنيا التى وصلت إلى حد الشماتة فى ضحايا «الوايت نايتس»، تسحب من رصيد الشرعية وتمهد للإرهاب أن يتوحش وللجماعة أن تأمل فى عودة جديدة للسلطة.
بقدر ما تبدو الدولة مهزوزة فى خطابها وتصرفاتها فإن ترويع المجتمع بالعبوات الناسفة سوف يتزايد.. وبقدر عمق الفجوات بين الشرطة وشعبها فاستهداف ضباطها وجنودها سوف يأخذ مدى أخطر.
إذا كان هناك من يتصور فى هذا البلد أن عودة «الدولة البوليسية» ممكنة فإنه يحلق فى أوهامه، فمثل هذه العودة بالظروف المصرية المستجدة بعد ثورتين مشروع تقويض جديد للمؤسسة الأمنية.
ما نحتاجه دولة قانون لا دولة خوف، أن نتقدم بثبات دون صراخ ونصحح الجهاز الأمنى وفق القيم الدستورية وأن نصالحه على شعبه وفق شعاره، فالمصريون العاديون من حقهم الكرامة الإنسانية وهم الرصيد الاستراتيجى فى دحر الإرهاب.
ما نحتاجه أن نستمع إلى الأنين الشعبى من تجاوزات أمن وافتقاد عدل، فغض السمع يؤدى إلى نزيف متصل فى الثقة والشرعية وفرص المستقبل لا تحتمله مصر.
نقلا عن " الشروق" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.