أصدر المشاركون في ختام ندوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، والمنعقدة بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الكويتية،حول "الاستحالة والاستهلاك ومستجداتهما في الغذاء والدواء"، في مدينة جدة (غرب السعودية)، أمس الثلاثاء، مجموعة من التوصيات والأراء الفقهية والعلمية حول استخدام الكحول والخمور في الأدوية والأغذية ومشتقات الخنزير ومياه الصرف الصحي والدم المسفوح. واتفق المشاركون في الندوة "على جواز تناول الأدوية (لا سيما المخصصة للأطفال والحوامل) التي تصنع حاليا ويدخل في تركيبها نسبة ضئيلة من الكحول (مادة مسكرة) لغرض الحفظ، أو إذابة بعض المواد الدوائية التي لا تذوب في الماء مع عدم استعمال الكحول فيها مهدئا" وذلك لعدم توفر "بديل عن تلك الأدوية". وأشاروا في التوصيات، التي نشرتها وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، إلى أن هذا الرأي يعمل به "ريثما يتحقق للمسلمين تصنيع أدوية لا يدخل الكحول في تركيبها"، مطالبين "الجهات المختصة الصحية بتحديد هذه النسب حسب الأصول العلمية ودساتير الأدوية" وأقر المشاركون (فقهاء ومختصون في الطب والكيمياء والصيدلة) بأن "مادة الكحول غير نجسة شرعا بناء على ما سبق تقريره من أن الأصل في الأشياء الطهارة، سواء أكان الكحول صرفاً أم مخففاً بالماء، ترجيحا للقول بأن نجاسة الخمر وسائر المسكرات معنوية غير حسية"، وفقا لما ذكرته وكالة انباء الشرق الاوسط. وقالوا "لا حرج شرعا من استخدام الكحول طبيا كمطهر للجلد والجروح والأدوات، وقاتل للجراثيم، أو استعمال الروائح العطرية (ماء الكولونيا) التي يستخدم الكحول فيها باعتباره مذيبا للمواد العطرية الطيارة، أو استخدام الكريمات التي يدخل الكحول فيها، ولا ينطبق ذلك على الخمر لحرمة الانتفاع به". وشددوا على عدم جواز "تناول المواد الغذائية التي تحتوي على نسبة من الخمور مهما تكن ضئيلة، ولا سيما الشائعة في البلاد الغربية، كبعض الشوكولاتة وبعض أنواع المثلجات (الآيس كريم، الجيلاتي، البوظة)، وبعض المشروبات الغازية، اعتبارا للأصل الشرعي في أن ما أسكر كثيره فقليله حرام ، ولعدم قيام موجب شرعي استثنائي للترخيص بها". ورأوا جواز تناول المواد الغذائية التي يستعمل في تصنيعها نسبة ضئيلة من الكحول لإذابة بعض المواد التي لا تذوب بالماء من ملونات وحافظات وما إلى ذلك، لعموم البلوى ولتبخر معظم الكحول المضاف أثناء تصنيع الغذاء حسب دساتير وتعاليم هيئات الصحة والأغذية". واتفقوا على تحريم تناول المواد الغذائية التي يدخل شحم الخنزير في تركيبها مثل بعض الأجبان وبعض أنواع الزيت والدهن والسمن والزبد وبعض أنواع البسكويت والشكولاتة والآيس كريم (...) اعتبارا لإجماع أهل العلم على نجاسة الخنزير وعدم حل أكله، ولانتفاء الاضطرار إلى تناول هذه المواد". وقالوا في التوصيات أن الجلاتين المستخرج من الكولاجين الموجود في جلود وعظام الحيوانات المختلفة المأكولة وغير المأكولة أو الخنزير، بعد استحالته، يمكن استخدامه في الغذاء والدواء لاختلافه في صفاته الكيميائية والطبيعية، فيما رأى بعض المشاركين في الندوة أن الجلاتين لا تحدث فيه استحالة من الناحية الكيميائية أثناء تصنيعه وبالتالي لا تتحقق فيه شروط الاستحالة". وعرفوا الإستحالة "بتغير حقيقة المادة النجسة أو المحرم تناولها وانقلاب عينها إلى مادة أخرى مختلفة عنها في الإسم والخصائص والصفات"، والاستهلاك بأنه "انغمار عين في عين تزول معه صفات وخصائص العين المغمورة" واتفق المشاركون على عدم جواز استخدام الإنزيمات (التربسين) والهرمونات (الإنسولين) وغيرها من الأعضاء الحيوانية سواءً كانت أبقاراً أو خنازير أو غيرها والتي يتم استخلاصها بطريقة لا تؤدي إلى استحالة كيميائية يترتب عليها تغيير في تركيب أو خواص الإنزيم أو الهرمون. كما اتفقوا على عدم جواز استخدام "الهيبارين المستخرج من الخنزير إلا في حالة الضرورة وإذا تم تعديله للحصول على هيبارين ذي وزن جزيئي منخفض فإن هذه العملية لا تعتبر استحالة كيميائية يبني عليها حكم مستقل، وأما الهيبارين المحضر عن طريق الهندسة الوراثية من دون استخدام أجزاء الخنزير فلا حرج في استخدامه". وحول "الإنسولين المستخلص من الخنزير" قال المشاركون "لا يجوز استخدامه إلا في حالة الضرورة لوجود البدائل" أما "الإنسولين البشري ونظائره المحضر عن طريق الهندسة الوراثية فإن استخدامه جائز" ورأى المشاركون أن الصمام المأخوذ من الخنزير لا يجوز استخدامه إلا في حال الضرورة ووجهوا باستخدام البدائل المشروعة والمستخدمة بتوسع في الدول الغربية. واتفق المشاركون على "حرمة إنفحة الخنزير ونجاستها"، ورأوا الحل والطهارة فيما إذا "كانت الإنفحة من حيوان مأكول اللحم مذكى"، فيما تبنى أغلب المشاركين "رأي جمهور الفقهاء في عدم طهارة وحل الإنفحة من حيوان غير مذكى أو من ميتة، ويرى بعض المشاركين طهارتها" وانتهت الندوة إلى "جواز استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في العادات ما لم تكن ضارة، فإذا كانت ضارة فلا يجوز استخدامها درءاً لضررها، ولا يجوز استخدامها في العبادات إلا بعد التحقق من طهارتها" وقالت إن العمل على معالجة مياه الصرف الصحي، حتى ولو لم يتم استخدامها، واجب شرعا، درءا لمفاسد وأضرار تراكمها على الإنسان والبيئة، وإن ذلك واجب دون النظر إلى الفوائد الاقتصادية التي تعود من معالجتها، حتى ولو تم صرفها في البحار أو الأودية بعد المعالجة، لقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح". ودعت المسلمين إلى "الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، وخاصة في مجال الغذاء والدواء، وذلك محقق لطيب مطعمه ومشربه وعلاجه".