يعتقد العديد من المحللين السياسيين أن إعلان تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة إعلاميا ب"داعش" عن اعتقال يابانيين والتفاوض على 200 مليون دولار لإطلاق سراحهما أحياء، فشل في الإدارة وربما يكون مؤشر على انهيار اقتصادها، بينما يرى آخرون أنها استراتيجية جديدة لإرباك التحالف الدولي الذي يشن عليها عشرات الغارات الجوية يوميا. وهدد تنظيم "الدولة الإسلامية" يوم الثلاثاء 20 يناير 2015 بقتل رهينتين قال إنهما يابانيين ما لم تدفع طوكيو فدية قيمتها 200 مليون دولار خلال 72 ساعة، بحسب ما ظهر في فيديو نشر يوم الثلاثاء على مواقع تعني بأخبار التنظيمات الجهادية. وقال رجل ظهر في الفيديو يحمل سكينا ويرتدي ملابس سوداء ويقف بين رجلين أسيويين جالسين أرضا بملابس برتقالية موجها رسالته إلى اليابانيين "لديكم 72 ساعة للضغط على حكومتكم لدفع 200 مليون دولار وإنقاذ حياة مواطنيكما"، وأضاف أنه إذا لم تدفع الفدية فإن "هذه السكين ستكون كابوسكم". أزمة مالية ومطالبة "داعش" من اليابان مبلغ مالي مقابل الإفراج عن مواطنين يابانيين ملفت للنظر، لاسيما وأن تنظيم الدولة غير مألوف عنه المفاوضات المالية، لما يمتلك من ثروة هائلة من النفط والطاقة والمجرى الملاحي التي يسيطر عليها، وهذا ما جعل العديد من المحللين السياسيين يختلفون في تفسير ذلك. وفي خضم ذلك اعتبر محللون سياسيون أن تنظيم الدولة الإسلامية بات يعاني من ضائقة مالية نتيجة خفض أسعار النفط العالمي، وزيادة المرتبات التي يتقاضاها الموظفون العاملون في مؤسساته خاصة في المجال المصرفي والتعليم الجامعي، وشركات النفط. واسند المحللون حديثهم بلجوء الوسطاء ذو العلاقات بالدولة الإسلامية في العراق وسوريا إلى طريقة قاتمة وجديدة في محاولة تهدف إلى تأمين الأموال خلال فترة تراجع أسعار النفط العالمية والتفاوض بشأن بيع على الأقل جثة رجل من أولئك الذين قد تم قتلهم. ووفقا لمجلة "بزفيد" الإخبارية الأمريكية التي نقلت عن ثلاثة مصادر على اتصال ب"داعش" أو شركائها، بأن التنظيم يريد بيع جثمان جيمس فولي الصحفي الأمريكي الذي تعتبر حادثة قتله الأولى في سلسلة إعدامات عالية المستوى للرهائن الغربيين على يد "داعش"، بمليون دولار يتم تسليمها عبر الحدود التركية، وأن الجماعة راغبة في تقديم عينة من حمضه النووي لتسهيل إجراء تلك الصفقة. إستراتيجية جديدة ويرى متخصصون فى شأن الجماعات الإسلامية، أن مطالبة تنظيم الدولة 200 مليون من اليابان دون مطالبتها بالتراجع عن دعم التحالف الدولي هو تغيير فى استراتيجية المواجهة لاستخلاص أكبر قدر ممكن من الفائدة لإرباك التحالف الدولي لتخفيف وطأة الهجمات عليه. وقال عمر عبد المنعم "باحث متخصص في الجماعات الإسلامية"، إن هناك تسريبات بإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة دون أن تفاوض "داعش" على وقف هجمات الأردن أو على المال، وإنما أعدمته دون أن تعلن أو تبث فيديو كما حدث مع الرهينتين الأمريكتين والرهينة البريطاني، وهذا يدل على أن هناك تغير كبير في الاستراتيجية لدى "داعش" بعد أن تعرض التنظيم لانتقادات لاذعة من قبل الكثير من الفصائل الإسلامية نتيجة لطريقة إعدام المعتقلين بالذبح وتسجيل الطريقة بالفيديو ونشرها على الانترنت مما يؤلب العالم ضدها بسبب تلك الوحشية. وأوضح أن مفاوضة "داعش" مع وسطاء لتسليم الجثث الرهائن الأمريكية والبريطانية مقابل كل رهينة مليون دولار، ومفاوضتها أيضا اليابان للإفراج مواطنيها ب200 مليون دولار هو ليس لأنها تمر بأزمة مالية، ولكن هناك حسبة سياسية دقيقة، حيث تسعى لأن يكون لها اعتبار سياسى والاعتراف بها من خلال تلك المفاوضات التي تسعى إليها، وهذه استراتيجية جديدة. وأضاف أن "داعش" تسيطر على الكثير من آبار النفط التي بينها وبين الغرب شراكة وعقود طويلة الأمد لبيع براميل النفط لسنوات طويلة، فضلا عن سيطرتها على محطات الطاقة الكهربائية، وأماكن مرور الملاحة، وهذه مصادر دخل توفر لها سيولة نقدية كبيرة، فضلا عن كمية السلاح التي تسيطر عليه والصفقات التي تباع يوميا من مداخل تركيا والبحر الأبيض المتوسط وما خفي كان أعظم. رد على الاعتداء ورفض نشطاء على تويتر يعتقد أنهم مقربون من الدولة الإسلامية في العراق والشام اعتبار لجوء التنظيم إلى المفاوضات المالية انهيار مالي لها، معتبرا أن ذلك هو رد على حديث شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني دعم بلاده 200 مليون دولار معونة غير عسكرية للبلدان التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية. وقال ناشط من الدولة الإسلامية رفض الإفصاح عن هويته ويحمل الحساب " Engeneer" في تصريح مقتضب ل "محيط"، إن تصريحات "آبي" يعني أن أطنانا من القنابل ستلقى على المسلمين في العراق، مشيرا إلى أن الأوروبيين والغرب يسعون إلى دعم جهات عربية وقادة في المنطقة لمحاربة التنظيم، وهذا يعني تشجيع الاقتتال بين المسلمين. وتعهد بأن يكون ذلك ردا على كل من يريد أن يشارك في قتال المسلمين ومواطني الدولة الإسلامية في العراق والشام، حد قوله. لن نرضخ للإرهاب من جانبه، طالب رئيس الوزراء الياباني بالإفراج فورا عن الرهينتين اليابانيتين، مؤكدا تعاونه مع الحكومة الإسرائيلية لجمع معلومات عن هذه القضية. وكانت الحكومة اليابانية قد أعلنت أنها لن ترضخ "للإرهاب" بعد ظهور شريط الفيديو الذي هدد فيه تنظيم "داعش" بقتل الرهينتين اليابانيتين في حال عدم دفع فدية بقيمة 200 مليون دولار. وقال الناطق باسم الحكومة اليابانية يوشيهيدي سوغا خلال مؤتمر صحافي في طوكيو: "إن موقف بلدنا وهو المساهمة في المعركة ضد الإرهاب بدون الاستسلام، يبقى ثابتا".