عبد الحليم : المصالحة مع الأخوان مستحيلة مغيث : الحل فى الثورات الجزئية و القضاء على الطغمة يونس : الحل الديمقراطى "هش".. و عودة نظام مبارك مستحيلة النشار : غير نفسك .. تغير التاريخ الفلسفة ليس لها حضور مباشر فى الثورة ، و لكن تظل أحد العوامل الممهدة و الحارسة و المبررة للثورة ، ووفقا لدكتور أحمد عبد الحليم عطية ، أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة ، فدور الفلسفة الحقيقى لم يبدأ بعد . جاء ذلك خلال ندوة «الفلسفة والثورة» بالمجلس الأعلى للثقافة ،وأدار الندوة الدكتور حسن حماد وشارك فيها الدكتور أنور مغيث، والدكتور شريف يونس، والدكتور مصطفى النشار، والدكتور أحمد عبدالحليم عطية. و تابع د. عبد الحليم قائلا : " الخوف من الحرية " و " العبودية المختارة " كتابان يعبران عن حياتنا طوال خمسين عاما مضت ، مشيرا أنه حتى مع تحدد معالم الدولة ، يظل التفكير فى الثورة الضامن الوحيد ، لذا سيظل الحديث عنها مستمرا ، كما أكد أن المصالحة مع الأخوان فى الوقت الحالى تعد من المستحيلات ، و لكن يمكن أن يحدث ذلك على مر السنوات . الطغمة و الثورات الجزئية من جانبه أشار د. أنور مغيث مدير المركز القومى للترجمة أن الفلاسفة لم يفكروا فى الثورة قبل الثورة الفرنسية ، مستعرضا أفكار هيجل و نيتشه ، و كارل ماركس الذى وضع إطار للثورة فى الطبقات المظلومة التى تسعى للحصول على حقوقها ، و كان يقول أن الثورة لن تتحقق إلا لو طبقنا الفلسفة أو ألغيناها ، و كان يرى ان الفلسفة تزيد الأمور غموضا . و عرض مغيث لفكرة الحركات الاجتماعية الصغرى " الثورات الجزئية فى كل مكان " ، فبعد الثورات يفاجأ الناس بعدم وجود تغيير ، لأن التغيير لم يقع سوى على مستوى سلطة الحكم ، و لم يمس الفلاح و الفقير ، فالحل هنا فى الثورات الجزئية . أما عن تعريف الفلاسفة لثورات القرن الواحد و العشرين ، فقال أنه يرتبط بمكان و جمع من الناس لا يمكن تمييزه طبقيا و لا عرقيا ، و هم ليسوا الأغلبية ، و لكنهم كتلة تحركت ، و فى النهارية التاريخ يطيع المليون الذى تحرك و ليس من جلسوا فى بيوتهم مشيرا إلى " حزب الكنبة " . و تابع مغيث أن فى لحظة ما يجب كسر الشرعية باحتجاج مفاجئ ، الأمر الذى يعد مفيدا فى تاريخ المجتمعات أكثر من مائة انتخاب . و أكد مدير القومى للترجمة أن الثورة الجديدة ليست ضد البرجوازيين فى حد ذاتهم بل ضد الطغمة ، الذى عرفهم بأنهم جماعة من أصحاب المصالح تسيطر على الحكم بحيث يعود عليها هى الاستفادة و هى مجموعة متحالفة عالميا ، مدلل بالرئيس الأمريكى أوباما الذى وصل إلى الحكم و لكنه كان مدينا لكل من ساهموا فى حملته الانتخابية و كان عليه أن يدفع الضريبة و عينهم كمستشارين ، مؤكدا أن الحال لن يتغير دون التخلص من الطغمة . و أعد مغيث " السلطة الأبوية الذكورية " بأنها الثقافة الحاكمة فى الوطن العربى ، و التى أسس لها التعليم عندما حرمت منه الفتيات ، و لكن الآن عندما أصبحت أعدادهم تطغى على المدارس و الجامعات ، فهذا ينذر بانتهاء فكرة السلطة الذكورية ، و خاصة مع ما رأيناه من تصدر المرأة للمشهد الثورى . و استعرض مغيث فى نهاية حديثه تساؤل الفيلسوف إسحاق : " لماذا ثورات الغرب تحقق لشعبها مزيدا من الحرية و مزيدا من العدل و ثورات العرب تستبدل مستبد بمستبد آخر ؟ سقوط الأقنعة تحدث د. شريف يونس عن الفكر السياسى و الثورة ، مشيرا إلى أن الصحوة الإسلامية غيرت على مدى أربعين عاما معايير كثيرة حددت سلوكيات المصريين ، و تناولها من خلال عاملين : " الحاكمية " الفكرة التى وضعها سيد قطب ، و التى تؤسس لفكرة أن الحكم لله و ليس للبشر ، و العامل الثانى كيفية تقبل المصريين لهذة الصحوة ، مدللا على تأثيراتها بقول السادات أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة ، وتعديل الدستور لتصبح مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. و أضاف أن الأخوان اتجهوا لاستخدام آليات الدولة و الديمقراطية ، لتحقيق أغراضهم لقيام الدولة المسلمة بقيادة الجماعة المؤمنة ، و ليسوا هم فقط من رفعوا شعار الديمقراطية بلا تطبيق حقيقى ، فنظام مبارك كان دوما يرفع شعار الديمقراطية ، كما رفع شعار الاستمرار من أجل الاستقرار لوقف عجلة التغيير . كما أكد يونس أن الثورة كشفت الكثير من الأقنعة التى انتهجت أفكار متناقضة ، لنجد أن لدينا خطاب ديمقراطى هش ، و خطاب إسلامى متناقض مع نفسه ، و اتضح إن الحل الإسلامى وهم، و الحل الديمقراطى هش و غير قادر على التجذر فى المؤسسات ، مشيرا أنه لا يمكن الحصول على الحرية دون العمل من الأسفل للأعلى . و عن عودة نظام مبارك ، قال : أعتقد أن الأمر مستحيل ، لأن النظام تفكك من داخله ، و كان ميتا من قبل الثورة . و ختم بقوله أن المعركة مع الفكر الأصولى ، و نقد السلطة و محاولة الحصول على مزيد من الحريات مستمران . شروط النهضة من جهته تحدث د. مصطفى النشار أن أرسطو أول من قدم أفكارا فلسفية فيما يخص الثورة و قدم فيها رؤية شاملة . و المفكر الإسلامى "مالك بن نبى " تحدث عن مشكلة الأفكار فى العالم الإسلامى ، باعتبار الفكرة أساس الفعل ، و كان معنيا بالثورة و النهضة ، و فى كتابه " شروط النهضة " قال : فى ساعات الخطر من التاريخ تمتزج قيمة الزمان بغريزة الحفاظ على البقاء ، و فى انتفاضات الشعوب لا يقيم الوقت بالمال و لا ينعدم ، بل يصبح جوهر الحياة الذى لا يقدر . " الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " على هذه الفكرة التى نص عليها القرآن اعتمد عليها بن مالك ، و قال غير نفسك تغير التاريخ . و قال النشار أن فى كلمات مالك نجد وصفا دقيقا لما نعايشه حيث قال : قد يحدث أن تجد البلاد نفسها بعد الثورة كالوقت السابق على الثورة بل فى وقت أكثر خطورة ،بل قد تجد نفسها من جديد فى ايدلوجية يسقط فيها الأبطال ، و لا يعرفوا الأفكار التى من أجلها سقطوا ،و يدرك الناس ما يحدث بعد أن تكون الثورة قد انتهت ، قائلين يجب أن نتركها للزمن حتى يعيدها لمسارها . و من أقواله أيضا : قد تقوم ثورة مضادة مقنعة لاحتلال مراكز استراتيجية قبل أن تحتلها ثورة أخرى أصيلة ، و قد تقوم ثورة أصيلة ، تقوم عليها ثورة مضادة تحاول سرقتها و تتقنع فى زى الثورة الأصيلة . و أشار النشار أن الثورة الأصيلة الأولى هى ثورة 25 يناير ، حولها الأخوان لايدلوجية الاستبداد باسم الدين ، و الثورة الأصلية الثانية ثورة 30 يونيو ،و رأى النشار أن هذه المرة الحزب الوطنى هو من يتبرص بها من خلف الستار ، متحينا لحظة قفزه على السلطة من جديد . ثم عاد و أكد أن الثورة الثانية لم تكن ارتجالية كالثورة الأولى ، بل قامت على خارطة طريق واضحة مما سيجنبها الانحراف عن مسارها ، و لكن تساءل : هل هى كافية لإعادة البناء الذى ينقلنا من الثورة إلى النهضة أم سنظل محلك سر ؟ روشتة التقدم قال النشار أن روشتة التقدم الحضارى تقوم على العلم و العمل ، و فى حالتنا نحتاج دعامة ثالثة و هى العودة إلى روح الإسلام الحقيقية الداعية للبناء الحضارى و ليس الهدم ، و سيتحقق ذلك من خلال ، أن يجد جميع الناس قوتهم و تصبح كل الأيادى عاملة . و تحدث أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة عن 3 أوهام إشكالية نعانى منها ، و هى إشكالية الأصالة و المعاصرة التى تغرقنا فى كثير من الصراعات و الجدل ، و الوهم الثانى إن النظام الأمثل هى الديمقراطية على الطريقة الغربية ، و الوهم الثالث التنمية بالمفهوم الغربى . و أكد النشار أن ما يعوقنا عن التقدم هو غياب العدالة و النظام و سلم القيم ، و غلبة الأقوال على الافعال ، و إهدار الزمن ،و إهمال اللغة القومية ، إهمال العلم و العلماء . فيما تتحقق النهضة بالعلم ، و النهوض بالبحث العلمى ، و التحول لعصر مجتمع و اقتصاد المعرفة و إصلاح الخطاب الدينى و تحقيق نظام سياسى عربى جديد ، و استبدال منظمة الجامعة العربية التى ليست سوى " شكل" ، باتحاد الدول العربية و يكون للاتحاد حكومة عربية مركزية و اتحاد الجيوش العربية، بدلا من التفتيت الذى يحصل للدول و تدخل الدول الغربية .