في ظل ما نعيشه من ثورة صناعية أدت إلى تغير بيئي ملحوظ وزيادة لمعدلات التلوث تتفاقم نسب تآخر الإنجاب نتيجة ما يسببه التلوث من انحدار في جودة السائل المنوي للرجال، الأمر الذي قد يؤرق المقبلين على الزواج وقد تمتد هذه المشكلة خلال السنة الأولى من الزواج إذا ما تآخر الإنجاب، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول أسباب تآخر الإنجاب وكيفية التعرف على وجود مشاكل تعيق الإنجاب ومن ثم الوقاية منها قبل استفحالها. وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور أيمن راشد استشاري جراحة المسالك البولية وأمراض الذكورة والعقم، أنه بينما توجد أسباب ومؤشرات واضحة لدى الرجال تنذر بتآخر الإنجاب بعد الزواج، هناك حالات كثيرة لتأخر الإنجاب لدى العديد من الرجال الأصحاء والذين لا يظهر عليهم أي أعراض توحي بتأخر الإنجاب. وأشار راشد إلى أنه على أحسن الفروض فإن نسبة حدوث الإنجاب لدى الأزواج الأصحاء تصل إلى 58٪ خلال السنة الأولى من الزواج، مما يعني أنه توجد نسبة 15% من هؤلاء الأزواج الأصحاء سوف يعانون من تآخر الإنجاب بالرغم من عدم وجود سبب ملحوظ يمنعهم. أما عن المؤشرات الواضحة التي تفيد بوجود خلل ما قد يعيق مسألة الإنجاب لدى الرجال، يسرد الدكتور أيمن راشد عدة عوامل على رأسها صغر حجم الأعضاء التناسليه بشكل ملحوظ أو وجود تشوه خلقي ظاهري بهم، بالإضافة إلى حالات الخصية المعلقة والتي تعني وجود إحدى أو كلتا الخصيتين بتجويف البطن وليس بالمكان الطبيعي لهما وهو كيس الصفن، بجانب ما يسمى ب "الأحليل التحتي أو الفوقي" والذي يعني وجود فتحة البول في غير مكانها الطبيعي مثل وجودها أسفل العضو الذكري أو أعلاه وليس في مقدمة العضو. عوامل تؤثر على الإنجاب أشار راشد إلى وجود عوامل آخرى قد تؤدي لوجود خلل في الإنجاب مثل وجود بعض أمراض الدم ك"أنيميا البحر المتوسط" و"الأنيميا المنجليه"، أو التهاب الخصيتين الحاد أو ڤيروس التهاب الغده النكفيه، بالإضافة إلى اكتشاف وجود كلية من الكليتين في غير مكانها الطبيعي أو اكتشاف عدم وجود إحدى الكليتين من الأساس أثناء إجراء أشعة مثلاً، الأمر الذي قد يشير إلى تشوه خلقي متمثل في انعدام وجود القناه المنوية على أحد الجانبين أو كلاهما. وأضاف أن شعور الرجل بآلام بالخصيتين في حالة الوقوف لفترات طويلة يعني وجود دوالي بالخصيتين والتي يعاني منها أكثر من 50% من الرجال ممن يشكون تآخر الإنجاب، لأن هذه الدوالي تعيق عمل الخصيتين عن طريق زيادة حرارتهما نتيجة ركود الدورة الدموية منهما، وكذلك تراكم مواد ضارة حولهما، كما تساهم السمنة المفرطة في زيادة حرارة الخصيتين أيضاً مما يؤدي إلى إعاقة عملهما بشكل فسيولوجي سليم. وعن دور عامل الوراثة وما قد يسببه من حالات تآخر الإنجاب، أكد استشاري أمراض الذكورة والعقم أن تآخر الإنجاب قد يكون نتاج مرض وراثي تكرر لأفراد العائلة الواحدة. ومن ناحية آخرى، فقد يوجد تاريخ مرضي للعائلة بأمراض معينة تؤثر على الصحة الإنجابية مثل، مرض السكر أو الفشل الكلوي أو أورام أدت إلى جراحه في منطقة الحوض أو استخدام علاج اشعاعي أو كيميائي، أو العلاج بأدويه معينه مثل "الكورتيزون" لفترات طويلة أو أدوية مثبطات المناعة، والتي تستخدم في الأمراض المناعيه مثل (الذئبه الحمراء، الروماتويد، حمى البحر المتوسط) ومايعرف باللغة العامية بمرض بهجت (مرض بيهست). وأكد راشد على الأثر السلبي لاستخدام بعض المنشطات لبناء العضلات مثل هرمون "التستوستيرون" والذي يتم تناوله في بعض صالات الجيم، مشيراً إلى أنه يؤدي إلى إيقاف عمل الخصيتين وقد يؤدي إلى ضمور بهما. ووفقاً لمبدأ الوقاية خير من العلاج، أفاد راشد بأهمية عمل بعض الفحوصات للرجال قبل الزواج إذا ما كان هناك شك في وجود خلل إنجابي ما، وتتمثل هذه الفحوصات في تحليل سائل منوي وصورة دم كامله، فإذا ما تبين وجود مشكلة ما فسيطلب الطبيب المختص فحوصات آخرى بناء على التحاليل والكشف الإكلينيكي على المريض. ونصح راشد بضرورة الانتباه لهذه الأعراض في أولى مراحلها وعدم الانتظار لحين الزواج حتى يتسنى علاجها بسهولة، مؤكداً أن هذه المشكلات وإن بدت مزمنة إلا أن التقنيات الحديثة في مجال الطب مثل، استخدام الميكروسكوب الجراحي في بعض العمليات خاصةً استخراج الحيوانات المنويه ومع استخدام الأدويه بطرق وبروتوكولات حديثه واستخدام وسائل الحمل المساعده فإن كل هذه العوامل أدت في النهايه إلى زياده واضحه في علاج اصعب مشاكل تأخر الانجاب بنسبه لاتقل عن 30% من الحالات المستعصيه وهى تعد نسبه كبيره إذا ما قورنت بإزدياد نسب النجاح في علاج الأمراض الآخرى.