أكد المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب على أهمية إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات - والذي تقوم حاليا اللجنة العليا للإصلاح التشريعي بصياغة القانون الخاص بها وفقا للدستور، وذلك من أجل بناء جسور الثقة بين الناخب والجهة المسئولة عن العملية الانتخابية وتعزيز المصداقية في كافة أعمالها ونتائج العمليات الانتخابية التي تعلن عنها. جاءت تصريحات الهنيدي في كلمة ألقاها خلال ورشة عمل نظمتها اليوم"الهيئة الدائمة لإدارة الانتخابات في مصر" بالعين السخنة، تحت رعاية المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ومركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام. ونقل بيان وزعته وزارة العدالة الانتقالية عن الهنيدي قوله "إن قانون الهيئة الوطنية للانتخابات يعد من ضمن القوانين المعروضة الآن على اللجنة العليا للإصلاح التشريعي لصياغته في ضوء النصوص الحاكمة المتعلقة بها والواردة في الدستور، وعلى ضوء التشريعات المقارنة والتجارب العالمية في هذا المجال بما يتناسب مع الطبيعة الفريدة والشخصية المتفردة للمجتمع المصري. وأشار الهنيدي إلى إنه "إذا كانت الديمقراطيات لا تولد إلا من رحم الشعوب والتي تعبر عنها من خلال انتخابات حرة نزيهة، فإن المتبع في مختلف دول العالم أن تتولي أجهزة دائمة الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات وهي إما أجهزة حكومية أو مستقلة أو مختلطة، إلا أن الاتجاه السائد الآن في الديمقراطيات الحديثة هو اضطلاع كيانات مستقلة بإدارة الاستفتاءات والانتخابات بمختلف أنواعها تتوافر لها الاستقلالية والديمومة والحيدة، بما من شأنه بناء جسور الثقة بين الناخب والجهة المسئولة عن العملية الانتخابية وتعزيز المصداقية في كافة أعمالها وما تعلنه من نتائج. وأضاف "على رغم ما شهدته الإدارة الانتخابية في مصر في الآونة الأخيرة من تطور ملحوظ، إلا أنه ونظراً لعدم وجود كيان واحد دائم يضطلع بمهام تلك الإدارة، فإن العملية الانتخابية مازالت تعاني من بعض المثالب أهمها تغيير تشكيل الإدارة الانتخابية والأمانة الفنية من فترة إلى أخرى وفقاً لتغير شخص من يتولى المنصب، فضلاً عن عدم وجود هيكل إداري دائم مما أدى إلى صعوبة إعداد كوادر متخصصة مدربة والافتقار إلى تراكم الخبرات. وأضاف الهنيدي "بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013، انضمت مصر إلى مصاف الدول التي تسعى إلى تحقيق الديمقراطية لبناء مستقبلها، ومن هنا جاء دستور البلاد ليحمل بين نصوصه قواعد جديدة لإعادة الانتخابات والاستفتاءات في مصر لأول مرة في تاريخها من خلال إنشاء هيئة وطنية مستقلة للانتخابات. وأضاف "إذا كان الشعب المصري- وبعد الاستفتاء على الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية- قد نجح في إنجاز استحقاقين رئيسيين من استحقاقات خارطة المستقبل، فقد بقى الاستحقاق الثالث والذي لا يقل أهمية عنهما، وهو الانتخابات النيابية والذي يبدأ بعده مباشرة عمل الهيئة الوطنية للانتخابات ككيان دائم ومستقل في إدارة أي انتخابات أو استفتاءات قادمة، بل وإن اقتضت الضرورة إلى إجراء أي انتخاب أو استفتاء قبل تلك الانتخابات فستتولى الهيئة إدارته والإشراف عليه. وأشار الهنيدي إلى أنه "إذا كان الدستور المصري قد وضح في المواد 208 ، 209 ، 210 منه الملامح الأساسية لهذه الهيئة، بتحديد اختصاصاتها ومجلس إدارتها وجهازها التنفيذي، وتنظيم الطعون على قراراتها، فإن قانون إنشائها المنظور مشروعه حالياً أمام اللجنة العليا للإصلاح التشريعي قد أبان بصورة مفصلة دقيقة تلك الملامح محدداً لها، وسوف يعرض هذا المشروع فور الانتهاء منه على البرلمان القادم لإصداره وفقاً للمادة 121 من الدستور الجديد. وقال الهنيدي "عقب ثورتي 25 يناير 2011، و30 يونيه 2013، مرت مصر بمرحلة انتقالية كشفت عن رغبة الشعب المصري العظيم في التغيير والتطوير ... وأظهرت إرادته في وأد نظامين استبداديين، والتحول لنظام ديمقراطي بناء يعطي للحقوق والحريات كل حماية بغية الانطلاق بمصر إلى آفاق المستقبل ووضعها في إطارها الحقيقي من الحضارة والازدهار". وأشار الهنيدي إلى أنه "منذ 3/7/ 2013 تم الاتفاق على خارطة طريق واضحة المعالم لإعداد دستور جديد يتفق والمعايير الدولية لحقوق المواطنين ، ويستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، نتحرر به من أخطاء الماضي الأليم، ونستنهض به الحاضر، ونشق الطريق إلى المستقبل". وأوضح الهنيدي أن "خارطة الطريق تستكمل معالمها وملامحها بانتخاب رئيس جمهورية للبلاد ثم إجراء انتخابات برلمانية... وقد تحقق الاستحقاقان الأول والثاني بمنتهى النزاهة والشفافية حسبما أشار بذلك المحايدون والمراقبون الدوليون قبل المحليون"، مضيفا" جاري الانتهاء خلال الأسابيع القادمة من الاستحقاق الأخير لخارطة الطريق بإجراء انتخابات البرلمان الجديد". وقال الهنيدي إن الشعب مصدر السلطات، وإن هذا المبدأ مستقر في أدبيات العلوم السياسية وكل النظم الديمقراطية الحديثة، لافتا إلى أن "الاعتراف بهذا المبدأ لا يحتاج مجرد النص عليه في وثيقة دستورية بعدما لمسناه على أرض الواقع على مدار الأعوام السابقة". وأضاف أن " الشعب المصري كان ولازال واعياً لمفهوم النظام الديمقراطي الحقيقي الذي يقوم على أسس قانونية وأطر مؤسسية وفقاً للقواعد المستقرة في هذا الشأن، من خلال تداول سلمي للسلطة عبر انتخابات حرة دورية تنافسية نزيهة تتم من خلال اقتراع سري مباشر وفقاً لقانون عادل تحت إشراف جهات محلية ودولية محايدة ... ويكون بعدها في مصر معارضة قوية قادرة على كشف أخطاء الحزب أو التيار الفائز بالسلطة وتقدم البدائل في السياسات والأشخاص مع ضمان الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين دون تمييز. وقال إن "الشعب المصري على اختلاف طوائفه وأنماطه يؤمن بالديمقراطية طريقاً ومستقبلاً وأسلوب حياة وبالتعددية السياسي، وبالتداول السلمي للسلطة، مشيرا إلى أن هذه هي المبادئ التي تقوم عليها مصرنا الآن وتعد هي الركائز الأساسية لتنفيذ الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق. وأكد الهنيدي أن تقدم أي دولة ومعيار رقيها وازدهارها يكمن في نظامها القانوني ومدى تلبية هذه القوانين لحاجات المجتمع، وكيفية تنظيمها لسلوك أفراده، مشددا على أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة ويتعين من أجل خلق دولة حديثة مزدهرة وضع كل المقومات التي تكفل وحدة النظام القانوني وضمان تطوره حتى يعبر عن ضمير المجتمع واحتياجاته وقيمه في نظرة تقدمية شاملة تعكس آمال الشعب وتطلعاته وتكفل استمرار حركته وتطوره. واعتبر الهنيدي أنه "إذا كان القانون بحكم كونه وليد المجتمع يتطور وينمو بتطوره ونموه، فقد ظهرت الحاجة والضرورة بعد ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 إلى الإصلاح التشريعي لمنظومة القوانين القائمة والسارية في مصر حتى تتسق وتتوافق مع المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد في المرحلة الحالية وحتى تتفق مع أحكام ونصوص الدستور الحالي لمصر 2014. ولفت الهنيدي في هذا الصدد إلى أن الحكومة وضعت نصب عينيها بعد تحقق الاستحقاق الثاني لخارطة الطريق، القوانين والتشريعات المصرية وأهمية إعادة دراستها وبحثها وصياغتها الصياغة المثلي التي تسمو فيها المبادئ التي نظمها الدستور المصري الجديد، وما طالبت به القوى الشعبية في ثورتي مصر المجيدتين. وأضاف "ولهذه الغاية تم إنشاء اللجنة العليا للإصلاح التشريعي بموجب قرار جمهوري صدر في يوليو 2014، وكان على رأس اختصاص تلك اللجنة إعداد دراسة وبحث جميع مشروعات القوانين والقرارات الجمهورية، وقرارات رئيس مجلس الوزراء، وتوحيد الموضوعات المتجانسة فيها، وإزالة التعارض فيما بينها وتيسير وتسهيل سبل التقاضي والوصول للعدالة الناجزة. واعتبر الهنيدي أن "التحديات كبيرة، ولكن الآمال أكبر والعزائم أقوى وأشد، ونحن قادرون بإذن الله تعالي على تحقيق آمالنا وتفعيل عزائمنا نحو استكمال خارطة الطريق، وبناء مصر الحديثة القائمة على بناء ديمقراطي جديد يعلي من قيم حقوق الإنسان وينهض به إلى آفاق أكثر رحابة وحرية لكل المصريين.