سيد كُخة "بضم الواو" هكذا صيته.. الذي هو مفضل على الغنىَ.. اسمه الحقيقي تجاهله الناس.. حتى ذهب.. وبقي "كُخة". في الأحياء الشعبية.. يبحث الشباب عن صيتهم.. ضمن رحلة بحثهم عن أنفسهم.. يلازمه الاسم طيلة حياته.. ويصبح علما وحكرا عليه وعلى تفوقه أو براعته.. ف"رايق" يكون حسب "الصيت" "العكر".. و"سوستة".. ذلك الفتى الذي يجيد استخدام المطواة "القرن" كأنها "سوستة بين يديه.. و"سنجة" لقب كان علما لشاب يخوض معاركه بها.. و"التِلت".. لذلك الشاب الذي يحمل سلاحا أصغر من السنجة في الحجم وأكبر من السكين فهو "ثلث".. و"الإسرائيلي" لمن زاد دهاؤه عن اليهود. في شوارع عين الشمس التي لا يعرفها إلا أهلها.. كعادة المناطق الشعبية "القاحلة" ظهرت فلسفة "الصيت".. "فلسفة" لا يمكن حصرها في كتب.. ولا يستطيع أحد معرفة متى تأتي.. ف"حسن بَربَر".. حصل على صيته وهو طفل لا يفارق "مخاطه" أنفه فصار علما عليه.. و"أحمد توتا" كان يطارد ميكروباصات "التويوتا" ويقول "توتا توتا" فعُرف بها.. و"تهته" كان لتلعثمه في الكلام حتى بعد أن كبر وصار "مفوها". يحرص الشاب على إيجاد شيئين.. ذاته.. وصيته.. ويطاردهما.. إلا "كُخة".. فقد أتى له صيته عنده.. في بدايات طفولته.. ظهرت علامات نبوغه.. كان أولها.. تعبيره عن نفسه قبل أن يتمكن من النطق ب"البصق" على من حوله.. كان نبوغا يشجعه عليه والديه.. وخاصة والدته التي كانت تكيد به أعدائها.. "تف على خالتك يا واد".. كانت لحظة الصفر.. تغرق بعدها "خالته" في شلالته المنهمرة. تطور "نبوغه" بعد ذلك في مقاطع صوتية استطاع أن يخرجها.. إذا دققت فيها وجدتها "شتائم".. فكان "كُخة" سلاح والديه خصوصا "أمه" ضد أعدائه في صغرها. تطور ذكائه.. الذي لو كان في مكان آخر.. لكان في صدارة الدولة.. لكن كعادة شباب عين شمس.. من لم يتسرب من التعليم طوعا.. تسرب جبرا.. والأخيرة كانت من نصيب "كخة".. ضيق ذات اليد.. اخرجه من الصف الرابع الإبتدائي.. حتى لم تشفع توسلات "المدرسين" لوالده أن يبقيه في الدراسة.. كان رده.. لا أقدر على إطعامه فضلا عن إخواته.. ذراعي يساعدني. كان وقتها "سيد" أو "الواد سيد" فقط.. دون "كُخة".. التحق في بداية أمره بعم "بالو" العجلاتي.. وكان مقدرا أن تكون "لقبه".. لكنها الأقدار.. في تزويغة نهارية له من ورشة "بالو العجلاتي".. قادته قدماه ورفاقه إلى حارة "الوسعة".. وكانت كباقي "حواري" عين شمس.. لم يكن لها من اسمها نصيب.. كان عرضها لا يتجاوز المترين.. تطفح فيها "المجاري" كالعادة" حتى يضطر الناس إلى عمر ممر من "الطوب الأحمر".. كان "كُخة" يسير على باقي الطوب متقدما أقرانه.. حتى اختلت قدماه وسقط في "فوهة البلاعة" المفتوحة.. غاص وجهه في مياهها "المعدنية".. صرخ قرناؤه.. والتف الناس سريعا.. فقدوا الأمل تيقنوا من غرقه.. إن لم يمت بالمياه.. مات بالمعدنية.. إلا أن "كُخة" كان له رأي آخر.. حلاوة الروح.. مكنته من العودة للسطح.. والتشبث بحواف "البلاعة" ومحاولة الخروج.. بجدعنة أهل البلد.. مد العديد أيديهم.. التقطوه.. وكانت المعجزة.. ما كان "طافحا" من المجاري.. انسال سريعا في البلاعة.. فضربات قدم "كُخة" وصراعه للبقاء تسببت في فتح ما كان مسدودا بها. وضعه حاملوه سريعا على الأرض.. بعد أن أصابتهم المياه "المعدنية".. طفل صغير أشار إليه.. قائلا بصوت متردد "كُخة.. كُخة" ابتسم الحضور وصارت علما عليه. امتهن "كُخة" السباكة.. ليصبح أشهر سباك في "عين شمس" و"الزهراء" ويطور في مهنته.. ويصبح علما عليها.. فإذا سأل أحد عن "سباك" قيل مباشرة.. "كُخة".. منّ الله عليه بمحل صغير تعلوه يافطة كبيرة عليها لفظ واحد "كُخة".. وكان فاتحة خير عليه. يفتخر "كُخة" بانجازاته في السباكة وعبارته المشهورة.. "زي ما الخروج من الحمام مش زي دخوله.. فالسباكة قبل "كُخة" حاجة.. وبعد "كُخة" حاجة تانية خالص" وكان "كُخة" أول من استخدم "المواسير البلاستيك" في المياه والصرف.. حتى سرقت شركة يابانية الفكره منه كما يدعي. منّ الله على "كُخة" وأصبح "المعلم كُخة" أو عم "كُخة"، ولديه من "الصنايعية" ما يغنيه عن العمل بيديه.. وتمكن من بناء "بيتين" وتزوج من امرأتين.. واحدة "مصراوية".. والأخرى من بلد "أمه".. وصار اسم "كُخة" علما عليه وعلى أولاده. محله ليس بالمجهول.. سواء كنت في عزبة معروف.. أو عزبة سليمان.. أو "الأربعين" أو الطوايلة.. أو السيد أحمد.. أو شلهوب.. أو في المساكن أو حتى على حدود عين شمس في جسر السويس.. كل ما عليك.. أن تسأل عنه.. سيدلك الآلاف عليه.. ستجده في سنوات عمره التي قاربت الخمسين.. منتظرا أن تلقي عليه التحية.. نهارك زي العسل يا معلم "كُخة"