في عام 2014، دخلت سيدة زيمبابوي الأولى، جريس موجابي، معترك الحياة السياسة بنشاط محدثة ضجة، تسببت في تطاير الرؤوس، وتغيير معالم الحزب الحاكم في البلاد والحكومة، قي حين يعتقد الكثيرون أنها أقرب خليفة محتمل لزوجها التسعيني الهرم. ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء كانت تصريحاتها النارية خلال الاجتماعات العامة كفيلة بتقسيم حزب "الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي" "زانو- بي إف" الحاكم، الذي يهيمن على السلطة منذ استقلال البلاد في عام 1980. شغلت السيدة الأولى جريس، (49 عامًا)، منصب سكرتيرة زعيم زيمبابوي، روبرت موجابي، خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي، وكان لديهما طفلان خارج إطار الزواج قبل أن يتزوجا عام 1996 بعد وفاة زوجة موجابي الأولى، سالي هايفرون، ثم أنجبا طفلهما الثالث في وقت لاحق. ولقبت "جريس" التي يعني اسمها (نعمة) ب"نقمة"، و"المتسوقة الأولى"، من بين عدة ألقاب سيئة أخرى، تعبر عن الاستياء الشعبي إزاء أسلوب حياتها المسرف. وبدأت تظهر اهتمامًا بالسياسة في وقت سابق من هذا العام، وسرعان ما أصبحت حديث البلاد، مع تصدر ما يشاع حول طموحاتها السياسية عناوين الصحف. كان نهج "جريس" إزاء القضايا السرية في حزب "الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي" مختلفا تماما، رغم ذلك، لأنها أثارت ما يكفي الجدل للتسبب في صدمة وطنية. وخلال الشهرين الماضيين، ازداد المشهد السياسي سخونة بعد أن بذلت السيدة "جريس" كل ما في وسعها للهجوم على من يحسبون على أنهم خصوم لزوجها، ومن بينهم نائبته المقالة، جويس موجورو (59 عاما)، التي كان ينظر إليها حتى وقت قريب باعتبارها خليفة منطقية للزعيم التسعيني موجابي. واتهمت "جريس" التي تشتهر بسلاطة لسانها "موجورو"، بأنها "فاسدة، مبتزة، وغير كفوءة، وواشية، وكاذبة وناكرة للجميل". وتمادت في تكييل الاتهامات مضيفة أنها "متعطشة للسلطة، وغبية، وحمقاء، ومثيرة للخلاف والشقاق، ووصمة عار". مساندا زوجته، التي انحاز إلى جانبها، أقال زعيم زيمبابوي بعد أسبوع واحد من توجيه هذه الاتهامات "موجورو" وثمانية وزراء موالين لها. وتعتبر هذه الخطوة غير مسبوقة منذ استقلال البلاد، عام 1980، حيث لم يقل الرئيس أي من نوابه السابقين، كما أنها تأتي بعد أسبوع واحد فقط من الإطاحة بموجورو من اللجنة المركزية القوية لحزب "الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي" "زانو- بي إف" الحاكم خلال مؤتمره الانتخابي الذي شهد انتخاب جريس رئيسة لجناح المرأة في الحزب. وينظر للخمسينية "جريس"، المعروفة بلسانها السليط، في الوقت الراهن على أنها أقرب خليفة محتمل لزوجها الهرم الذي سيتم عامه ال91 العام المقبل، ويحكم زيمبابوي منذ استقلالها عام 1980. في البداية، حافظت "جريس" على مسؤولياتها السياسية بوصفها السيدة الأولى، منذ زواجها من موجابي عام 1996. ورغم ذلك، قبيل بضعة أشهر من عقد المؤتمر الانتخابي للحزب الحاكم في ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أمطرت السيدة الأولى مواطنيها بوابل من الصدمات. من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي جوي مابينغي، إن "الجلبة التي أحدثتها، "جريس" بينما كانت تصنع ادعاءات خطيرة ضد المبعدة موجورو جاءت بمثابة صدمة". وقال في حديث لوكالة "الأناضول": "أنا أميل إلى تصديق الآلاف من الأتباع الذين ربما يعتقدون أن السيدة الأولى مخبولة". ومذ بدأت جريس في إثارة هذا الجدل، حققت هيئة الإذاعة الزيمبابوية "زي. بي. سي." التي تديرها الدولة، ويلقبها بعض المنتقدين بشكل ساخر "هيئة الإذاعة الميتة"، نجاحًا كبيرًا في صفوف معظم المواطنين. وتكرر ظهور السيدة الأولى في بث تلفزيوني مباشر، من أجل استغلال ذيوع هذا المنبر الإعلامي لمهاجمة نائبة زوجها. وقالت في مسيرة حاشدة للحزب في منطقة مازو: "أدعو جويس موجورو إلى الاستقالة فورا وإلا ستواجه الفصل". وتشتهر منطقة "مازوي" التي تبعد حوالي 66 كلم شمالي العاصمة بإنتاج البرتقال الذي يستخدم في صنع شراب محلي شعبي يسمى "مازو أورانج كراش" أو (عصير برتقال مازو). إلا أنه في وقت لاحق، ارتبطت "جريس" بهذا المشروب الشعبي، بالنظر إلى كونها "تعصر" على الملأ خصوم زوجها السياسيين. وظهرت على القمصان والتي شيرتات، وحتى الحافلات الحكومية عبارة "جريس موجابي، مازو أورانج كراش". في البداية اعتقد كثيرون أن "جريس" مخبولة لمهاجمة على الملأ "موجورو"، وغيرها من قادة الحزب الحاكم، وهو أمر غير مسبوق. من جانبه، قال فيليب باسيراي، وهو كاتب ومحلل سياسي آخر: "أصبحت جريس بطلة للعديد من الزيمبابويين، لأنها على ما يبدو تفضح علنا أسرار الحزب والحكومة، وهو أمر لم يحدث من قبل في تاريخ البلاد". وبنفس القدر، أصيب العديد من الزيمبابويين بالصدمة عندما بدأت جريس الإشادة بمنافس "موجورو" في الحزب الحاكم، ايمرسون منانجاجوا، الذي عين -بعد أقل من 24 ساعة من إقالة موجورو- نائبا أول للرئيس. وأوضح باسيراي في حديث للأناضول أن "الأمر لا يتعلق بتغيير أشخاص في الحزب أو الحكومة، ولكنه تغيير كامل في طريقة إدارة الحياة السياسية في زيمبابوي". وما يثير الدهشة، هو أنه عندما قام الرئيس موجابي بتعيينات جديدة في الحكومة مؤخرًا، ترك وزارة شؤون النوع والمرأة شاغرة، ما فتح الباب أمام تكهنات بأن "جريس" ربما ترتقي المنصب الوزاري، الذي جرت العادة أن تشغله زعيمة جناح المرأة في الحزب، وهو المنصب الذي تشغله حاليا السيدة الأولى. من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي بيدزياسي روهانيا: "سيكون صادما أن نرى الرئيس موجابي، يعين شخصا آخر في هذا المنصب باعتبار أنه وبكل تأكيد يطهر من حوله". وأضاف: "موجابي سوف يفضل وجود من يثق بهم حوله، وهذا يشمل زوجته". غير أن الكثيرون يعتقدون أن "جريس" تتطلع إلى ما هو أكثر بكثير من مجرد مقعد في مجلس الوزراء. وخلال إحدى المسيرات، قالت السيدة الأولى مؤخرا: "يقولون إنني أريد أن أكون رئيسة للبلاد. ولما لا؟ ألست (مواطنة) زيمبابوية؟".