السيدة عواطف أنا فتاة في الثالثة والعشرين من العمر، على الرغم من صغر سني إلا أنني أشعر أن عمري مائة عام، أعيش في حالة اكتئاب ووضعي النفسي سيء جداً. أنا الحمد لله فتاة جامعية، جميلة، من عائة محترمة، ملتزمة وخلوقة جداً، أخاف الله، لم أسمح لأي شاب من التقرب إلي لأني لا أؤمن بالحب والتواصل قبل الزواج، أؤمن أن الشخص الذي يريد أن يرتبط بي يجب أن يطرق باب بيتي، أحب أن يكون كل شيء في النور فقط. لم أكن يوماً غيورة من صديقاتي اللاتي يحببن حتى لو انتهى الأمر بالزواج، كنت دائما أقول لنفسي أن الطيبون للطيبات وأن الله سيسعدني حتى أكثر من الفتيات الأخريات لأني أحافظ على نفسي جيداً لأجل رجل واحد فقط، لا أريد أن يكون لي ماضي أخجل منه يوماً ما أمام زوجي. عندما كان عمري 20 سنة خُطبت لأحد أقاربي، لم أعرفه إطلاقاً قبل الخطبة، كان يعمل بالخارج لم يسبق لي أن رأيته في حياتي، جاءت أمه زيارة على بلدي في مرة وأعجبتها ولمحت لموضوع الارتباط من ابنها، بعد فترة حاول أن يتواصل معي ويرسل لي رسائل لنتعرف حتى يتسنى له القدوم ونخطب رسمياً، قلت له أنني لا أستطيع التواصل معه دون أي رسميات، وأنه لو يريد التعرف إلي عليه أن يطلب ذلك من أهلي، فعلا طلب منهم، تحدثت إليه مرات قليلة سألته أسئلة حول حياته وهو كذلك، ثم شعرت أنه بدأ ينعطف منعطف خاطئ وأخبرني أنه أحبني، فأخبرته أنني لا أستطيع التواصل معه بعد الآن وعندما يتسنى له القدوم يحلها ألف حلال ولو كان هناك راحة نخطب رسمي وكل الناس تعرف. جاء بعد هذه المكالمة بسنة، جلست معه ثلاث مرات، شعرت براحة تجاهه، لكن ليس حب من أول نظرة كما أسمع! لم أجد سبباً للرفض واعتقدت أنه سيحافظ علي أكثر من الغريب، خُطبنا (قراءة فاتحة في البداية) ثم قرر أن يسافر وطلب أن نظل على تواصل، لكنني أعرف أن قراءة الفاتحة لا تعطيه الحق في أن يقول كلام حب وغرام ونظل على تواصل دائم، فقلت لأهلي أنني لن أتواصل معه دون كتب كتاب (كأني جنيت على نفسي لكن لعله خير) عقدنا القران وسافر وبدأت المشاكل وبدأت طباعه الكريهة تظهر وبدأت حياتي تتحول إلى جحيم، كان دائما يتحجج بالغربة وبعده عن أهله وأن ضغوط العمل هي السبب في المشاكل، حاولت تصديقه ولم أرد أن أصبح مطلقة في مجتمع لا يرحم، صبرت عليه، وكنت قد قررت في قرارة نفسي أنني سأتخذ القرار النهائي عندما يأتي مرة أخرى، حتى لا أظلم نفسي ولا أظلمه معي خاصة أنه كان شديد الحب والتعلق بي، حدثت مشاكل في سفره ولم يتمكن من القدوم إلى بلدي إلا بعد سنتين! واكتشفت أن طباعه السيئة متأصلة فيه لا علاقة لها بالظروف وأنني لو أكملت مسيرتي معه فسأحكم على نفسي بالإعدام، واستطعت بحمد الله أن أتخذ القرار أخيراَ! كنت منهكة جدا جسديا ونفسيا، شعرت أن حياتي توقفت، وأن صبر السنين ذهب سدىً. أقول لنفسي دائما لعله خيراً وأن الله له حكمة في كل شيء، لكن أشعر بالأسى على نفسي وأنه قد دمر لي حياتي. كل شيء حولي يجبرني على أعيش في حالة من الاكتئاب الدائم، إخوتي المتزوجين ليسوا سعداء على الإطلاق ويتمنون الانفصال، ولي أخت قبلي منفصلة، أشعر أن التعاسة مكتوبة علينا جميعا، وأفكر كثيراً أنه هناك سحر أو عمل لإبطال الزواج عنا، كل شيء بيد الله أعلم ذلك وأنه لو اجتمعت الإنس والجن على أن ينفعونا بشيء لن ينفعونا إلا بشيء قد كتبه الله لنا ولو اجتمعت على أن يضرونا بشيء لن يضرونا إلا بشيء قد كتبه الله علينا .. لكن الإنسان ضعيف، أمر بحالات تفاؤل وإيمان وحسن ظن بالله وأن الله سيجبر كسري ويعوضني وأهلي خيراً، ولكن الظروف المحيطة تجعلني أكتئب وأفكر دائما في الاحتمالات الأسوأ. أكثر ما يؤلمني أنني أعشق الأطفال، لا أتخيل ألا أتزوج وأصبح أم، أحتاج للشعور بالأمان والاستقرار، لم أعد أجد السبيل لذلك. ولا أخفي عليك أنني لفترة طويلة شعرت أنني بعدت عن الله، أصلي فقط وأقوم بالفرائض توقفت عن نوافل كثيرة كنت أفعلها، ولم أعد أدعوا الله كما السابق، أشعر أن ما حدث يفوق طاقتي، لكن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، تعلمت من تجربتي ولكنني لا أستطيع تجاوزها خاصة في ظل ظروف أهلي، لو كانت ظروف إخوتي أفضل لكنت شعرت بالأمل أن الأمور معي ستتحسن، لكن تعاستهم تتعسني وتفقدني الأمل بمستقبل أجمل. آسفة على الإطالة، لكن بداخلي ألم يعتصر قلبي، كنت أتمنى أن أتزوج وأستقر وأن يكون الأول هو الأخير بحياتي، أخاف من المستقبل جداً. ش. خ - الكويت علي قدر إعجابي الشديد برسالتك وأسلوبك في الكتابة وطريقتك في التفكير وكم النضج العقلي الذي تتمتعين به ، علي قدر حزني من كم التشاؤم الذي تنضح به رسالتك رغم أن من له العقل الراجح مثلك لا تعجزه تجرية حب فشلت أو قصة زواج لم تتم إذا أننا علينا أن نؤمن بالقضاء والقدر كله خيره وشره ، وأنت لست في حاجة إلي ان أكرر علي مسامعك ما تعلمينه جيداً عن الرزق والنصيب والقسمة في موضوع الزواج ، وأن كل شيئ بقدر الله خاصة وأنك لا زلت في نهاية عمر الصبا وبداية عمر الشباب وتجربة واحدة فاشلة لا تجعلك تغلقين كل أبواب الأمل في وجهك ، معتبرة أنها نهاية الكون وأنها آخر تجربة ، وآخر رجل وآخر كل شيء في الحياة رغم انها ليست إلا بداية حتي وغن فشلت فالعاقل فقط وأنت أعقل العقلاء هو من لا يتعلم من مكاسبه بل من يتعلم من خسائره ويستثمرها ويحولها لمكاسب وهذه التجربة يجب ان تعلمك ألا تتسرعي في الحكم علي الناس والأشخاص وأن تمنحي نفسك الفرصة لمعرفتهم واختبارهم ، دون أن يخل ذلك بالقيم والأخلاق التي تتمتعين بها حياتك يجب أن تستمر وهذه التجربة يجب الا تثنيكي أبداً عن استكمال حياتك كما بدأتها فلا تتوقفي عن الحلم والأمل ، ولا تكفي عن التمني وأنت مؤمنة بحقك في الحياة وجدارتك واستحقاقك للزوج الذي تتمنينه والبيت الذي به تحلمين والاطفال . أنت لازلت في بداية العمر الممدود أمامك والحياة مليئة بالشباب والرجال الجديرين بمثلك ، فتعلمي ألا تتعجلي الزواج ، ولا تمنحي الحب إلا لمن يستحقه ويقدرك ويعرف قيمتك عودي إلي الله بقلبك ولا تيأسي منه ومن رحمته فلو علمت ما عنده من خير ولو علمت كيف يدبر لنا أمورنا لما توقفت لحظة عن شكره وعبادته ، ثقي بنفسك وبقدراتك أولاً وثقي في الخالق العظيم وفي حكمته ، التي لن تدركينها اليوم ، ولكن حين يمن الله عليك بنعمه التي يؤجلها غلي حين ، وقتها فقط ستدركين كم هو سبحانه وتعالي حليم وكريم ورحيم بنا أرحم من ام بوليدها أما بالنسبة للحزن الذي يعتصر أهلك والألم الذي يملأ قبلك ، فالحزن يستمدونه منك ومما يرونه في عينيك ، فلو انهم يرونك في اسعد حال سيسعدون وينسون التجربة والامر بيدك ، اسعديهم واسعدي نفسك ولا تفكري فيما مضي بل فكري في الحاضر واحلمي بالمستقبل ، وتجاوزي المحنة وأنت قادرة علي ذلك بعقلك الراجح إياك أن تفقدي الأمل في المستقبل والسعادة ، فقدان الأمل يأس وكفر ، وأعتقد أنك بإيمانك أبعد ما تكونين عن الكفر أعاذنا الله وإياك منه ، الأمل طاقة كبيرة ومتجددة نصنعها بأنفسنا ، وكما علمنا ابو التنمية البشرية ديل كارينجي عليك أن تصنعي منالثمرة المرة شراباً حلواً ، حين تداهمك التعاسة والحزن لا تفكري فيما فقدت فقط فكري فيما تملكين وفيما اخصك الله به من نعم لتجدي أنك أسعد الناس ، إيمانك بالله وثقتك به ستدعمك ضد خوفك من المستقبل ، أحسني الظن بالله دوماً ، واعلمي ان قدر الله لا يأتي إلا بالخير ، والله عند ظن عبده به فليظن به ما يشاء . أتمني ان تراسليني في المرة القادمة وانت اسعد حالاً ، وأسأل الله العظيم أن ينعم عليك بنعمه وأن يحقق لك ما تتمنين عواطف عبد الحميد نتلقي رسائلكم علي الرابط التالي أدخل مشكلتك هنا لإرسالها لقسم أوتار القلوب * ما هو مجموع 3 + 8