دعا المعارض السوداني البارز الصادق المهدي، الرئيس عمر حسن البشير إلى عدم تمديد حكمه المستمر منذ 25 عاما، واقترح أن يعرض عليه مقر آمن من محكمة جرائم الحرب إذا تخلى عن السلطة. وهذه أول مرة تجاهر فيها المعارضة بطرح فكرة كهذه. ويأمل المهدي أن يشجع مبدأ "الخروج السلس" الفصائل داخل حزب البشير نفسه كي تضغط من أجل رحيله عن السلطة وإنهاء عزلة السودان الدولية. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أمر اعتقال بحق البشير بسبب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وأعمال قتل جماعي تتصل بمقتل عدد كبير من الناس في منطقة دارفور بغرب السودان. ونفى البشير تلك المزاعم، ويرفض المثول أمام محكمة لاهاي. وتقول مصادر سياسية إنه إذا ما غادر السلطة فسيتعين عليه أن يرهن مصيره بيد من يخلفه. ويبدو أن هذه الاتهامات من بين دوافعه الرئيسية للسعي من أجل فترة رئاسة جديدة في انتخابات إبريل. وبعد مرور خمسة وعشرين عاما على الإطاحة بالمهدي على يد البشير، وصف المهدي سعي البشير للاحتفاظ بالسلطة بأنه "خطأ تاريخي" من شأنه أن يزيد من عزلة السودان ويشل اقتصاد البلد الذي يعاني حالة من الفوضى منذ انفصال الجنوب الغني بالنفط عام 2011. وأكد المهدي في مقابلة أن "البشير إذا صار جزءا من الحل أعتقد أن بمقدورنا إقناع الجميع أن من حقه الحصول على معاملة من نوع مختلف. ولكن إذا جاء التغيير رغما عنه، فإن من سيأتي للسلطة سيجد أن من الضروري تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية". والمهدي الذي يرأس واحدا من أقدم الأحزاب السياسية في السودان كان آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا في البلاد، وأطيح به في عام 1989 على يد تحالف من الإسلاميين والقادة العسكريين مازالوا يشكلون نواة لحزب المؤتمر الوطني القوي الذي يقوده البشير. وقال المهدي إن السخط على البشير في تنام بينما أعرب أعضاء شبان في حزب المؤتمر الوطني عن إحباطهم المتزايد من متشددي الحرس القديم الذين يرفضون إفساح المجال للجيل الجديد. وحصل البشير على موافقة نسبتها 94 في المئة في انتخابات مرشح الرئاسة داخل الحزب يوم السبت، ولكن مصادر في حزب المؤتمر الوطني قالت إن المنافسة على المنصب الأكبر كانت ستكون أكثر سخونة لو لم يكن قرار الاتهام الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية جاثما فوق البلاد. ويمكن أن يغير العرض الذي أعلنه المهدي بضمان الخروج الآمن للبشير الحسابات السياسية داخل الحزب الحاكم بما يعزز موقف من يقولون إنه صار عبئا على السودان وحزب المؤتمر الوطني. وكان طرح مسألة تقديم ملجأ للبشير غير ممكن بالنسبة لمعارضين قبل بضعة أعوام، وهو أمر يثير مؤشرات على قبول ضمني بأن التسوية وحدها تخلصهم من رجل نجا من خصومه داخل الحزب، ومن الأعمال المسلحة، ومن العقوبات الاقتصادية.