اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الدولية المعنية بحقوق الإنسان، أن "الأمور تعود لسابق عهدها كالمعتاد في مصر"، وأن الحكومة المصرية "مستعدة أن تفعل أي شيء لسحق المعارضة". جاء ذلك في بيان نشرته المنظمة على موقعها الإلكتروني بعنوان: "مصر: الحكم على أكثر من 23 على خلفية قانون التظاهر: 3 سنوات سجن لنشطاء حقوقيين وأخرين"، تعليقا على الحكم بحبس 23 من معارضي السلطات الحالية على خلفية تظاهرهم بدون تصريح. وأشارت المنظمة إلى أن "أحد المحكومين، هي يارا سلام، الباحثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة حقوقية غير حكومية)، إحدى منظمات حقوق الإنسان الرائدة في البلاد". وفي بيانها، قالت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة الحقوقية الدولية، سارة ليا ويتسن، إن "الأمور تعود لسابق عهدها كالمعتاد في مصر، في ظل وطء الحكومة المصرية بلا استحياء على حقوق المواطنين والحكومات الغربية الداعمة لها". وأضافت أن "حكومة (الرئيس عبدالفتاح) السيسي بشكل واضح مستعدة أن تفعل أي شيء لسحق المعارضة الداخلية، سواء كانت علمانية أو إسلامية". وأمس الأحد، قضت محكمة جنح مصر الجديدة (شرقي القاهرة) المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة (جنوب العاصمة)، قررت في حكم أولي قابل للطعن حبس 23 من معارضي السلطات الحالية، لمدة 3 سنوات وغرامة 10 آلاف جنيه (1400 دولار أمريكي تقريبا) لكل منهم، على خلفية اتهامهم بالتظاهر دون تصريح. وبحسب المصادر فإن من ضمن المتهمين سناء شقيقة الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح، والمتهمة بتنظيم مظاهرة نحو قصر الاتحادية منتصف يوليو/ تموز الماضي، ويارا سلام مسؤولة ملف العدالة الانتقالية المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة حقوقية غير حكومي). وكانت النيابة العامة، وجهت للمتهمين تهم "خرق قانون التظاهر وإثارة الشغب وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وحيازة أسلحة ومفرقعات ومواد حارقة ومقاومة السلطات والتعدي على قوات الأمن". وأثار الحكم ردود فعل سياسية وحقوقية، تطالب بإلغاء قانون التظاهر، حيث اعتبرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في بيان لها مساء أمس، أن " قانون التظاهر تشريع قمعي "، مشيرة إلي أنها "دعت الحكومة مراراً إلى إلغاء أو تعديل قانون التظاهر لم يلق سوى التجاهل حتى الآن". وفي بيان مماثل، طالبت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" (غير حكومية) بوقف الحكم الجائر ضد الشباب الذي لم يمارسوا غير حقهم في التظاهر السلمي. وطالب حزب الدستور (ليبرالي) بضرورة تعديل قانون التظاهر في أسرع وقت معلنا في بيان له "الضغط من أجل تغيير هذا القانون الذي يشكل تناقضا صارخا مع كل ما ناضل الشعب المصري". وتعديل قانون التظاهر مطلب اتفق عليه التيار الشعبي (تجمع شعبي ذو توجه ناصري) الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، مطالبا ب"بتعديله وفق صيغة تكفل حق التظاهر السلمي دون تقييد أو تضييق". من جانبه، قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، إنه "لا يمكن توصيف الردة إلى عهد (الرئيس الأسبق حسني) مبارك من خلال حكم واحد يصدر من حكم قضائي أول درجة قابل للطعن". وفي تصريح لوكالة الأناضول عبر الهاتف، أوضح أبو سعدة أن "القانون دخل حيز التنفيذ، وتنفيذه واجب، وهو ما استدعى لتقديم نشطاء دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته، ولم يبت فيها حتى الآن". وأشار إلى أن "هناك توترا في العلاقات بين المنظمة الدولية والحكومة المصرية، على خلفيات سابقة، ومنع نشطاء من دخول البلاد". وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد نشرت، مع الذكرى الأولى لفض اعتصام ميدان رابعة العدوية، تقريرا عما وصفته ب"القتل الجماعي في مصر خلال شهري يوليو/ تموز، وأغسطس/ آب عام 2013"، قالت فيه إن "قوات الأمن المصرية نفذت واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في العالم خلال يوم واحد في التاريخ الحديث"، وذلك في فضها اعتصام رابعة العدوية. فيما اعتبرت الحكومة المصرية أن التقرير "مسيس ويهدف لإسقاط الدولة"، ودائما ما ترفض أي تدخلات في شؤونها الداخلية. ويواجه قانون التظاهر، الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انتقادات واسعة حيث يرى منتقدوه أنه "يقيّد الحريات". وينص القانون على ضرورة الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية قبل التظاهر، ويفرض عقوبات على المخالفين تصل إلى السجن والغرامة، كما يتيح لقوات الشرطة التدرج في استخدام القوة لفض التظاهرات المخالفة، وهو ما يرفضه النشطاء.