مع استمرار تراجع أسعار النفط عن مستوياتها القياسية التي سجلتها منتصف العام الماضي, أكدت تقارير عالمية وإقليمية أن المنطقة العربية بدأت تعيد النظر في الاستثمارات المخصصة لتطوير قطاع الطاقة والتنقيب عن النفط, كما تواجه صعوبة في الاستمرار في جذب استثمارات كافية لإنتاج إمدادات جديدة". وأشار تقرير للشركة العربية للاستثمارات البترولية "أبيكورب"، الى تراجع استثمارات الطاقة في الدول العربية بنسبة 19 % من 650 مليار دولار إلى 450 مليارا", وتواجه دول الخليج تحديات خاصة لأن معظمها شهد بدرجة أو بأخرى عجزاً في إمدادات الغاز، مما يضيف جانباً آخر من عدم وضوح مستقبل الاستثمارات في المنطقة. وأعلنت "أوابك" أنه نتيجة الوضع العالمي الراهن "لن تبلغ الاستثمارات المتعلقة بالطاقة من العام الحالي وحتى عام 2013 في الوطن العربي، المبالغ المتوقعة التي كانت تقارب 650 مليار دولار". وعزا التقرير الذي أوردته صحيفة الحياة اللندنية هذا التراجع في الاستثمارات إلي وقف أو تأجيل العمل لمدة تتجاوز خمس سنوات في عدد كبير من المشاريع المخطط لها، وتحديداً مشاريع المرحلة الثانية من صناعة النفط والغاز "التكرير والتسويق"، ولهذا السبب ستكون المتطلبات الرأسمالية الخاصة بها في حدود 450 مليار دولار، أي أقل 19 % من التوقعات السابقة. ولم تخف وكالة الطاقة العالمية مخاوفها من انعكاس تراجع منتجي النفط عن استغلال الطاقة الإنتاجية واستكشاف مكامن جديدة، على حجم المعروض من النفط، والتأثير على الأسعار في السنوات المقبلة، عندما يعود الطلب إلى مستوى أكبر بعد تجاوز أزمة المال والركود العالميين. وقدرت مؤسسة "بروليدز" العالمية حجم الاستثمارات التي رصدتها منطقة الخليج لتطوير قطاع الطاقة خلال السنوات الست المقبلة لزيادة الطاقة الإنتاجية 10 ملايين برميل يومياً، بنحو 300 مليار دولار. وكانت السعودية تخطط لرفع طاقاتها الإنتاجية بما يزيد على 1.6 مليون برميل يومياً، وبحلول 2015 سترفع المشاريع الجاري تنفيذها في المملكة الطاقة الإنتاجية الإضافية بواقع 5.2 مليون برميل يومياً. أما قطر، فكانت تخطط لرفع طاقاتها الإنتاجية بحلول 2010 إلى 1.4 مليون برميل يومياً من الطاقة الإضافية، والإمارات إلى 1.9 مليون برميل يومياً بحلول 2013. وكانت المشاريع قيد التنفيذ في الكويت، تهدف إلى رفع الطاقة الإضافية بنحو مليون برميل يومياً بحلول 2011، عدا المشاريع المتوقعة في الحقول الشمالية في البلاد التي لا تزال في انتظار الموافقات. أما عُمان فتأمل في تحقيق طاقة إنتاجية إضافية بواقع 460 ألف برميل يومياً بحلول 2012. وتتوقع البحرين, التي وصل إنتاجها النفطي إلى ذروته, زيادة طاقتها الإنتاجية الإضافية 35 ألف برميل يومياً فقط بحلول 2015. وأكد تقرير "المزايا"، أن إلغاء أو تأجيل 19 % من مشاريع الطاقة في المنطقة، سيكون له تأثير على قطاعات اقتصادية حيوية، خصوصاً في قطاع العقارات والبنية التحتية والنقل وغيرها، التي تشهد أصلاً ظروفاً صعبة، نتيجة إلغاء المشاريع التطويرية وتأجيل بعضها الآخر». وأشار إلى أن أسعار النفط المتدنية الآن "لا تساعد على ضمان أمن الطلب العالمي على الطاقة في المستقبل، باعتبار أن ظروف الأسواق العالمية للطاقة لا تساعد الدول المنتجة للنفط ومن لديها الاحتياطات في الاستثمار الكافي وتطوير التكنولوجيا من اجل إنتاج المزيد والتحسين والزيادة لتلبية الاحتياجات العالمية". ولفت إلى "تأجيل مشروع نفط الشمال في الكويت، والذي تقدر استثماراته ب14 مليار دولار، وتأجيل مشروع المصفاة الرابعة المقدرة كلفتها ب18 مليار دولار، وإلغاء مشروع "داو كيميكال" البالغة كلفته 9 مليارات دولار. أما الإمارات فألغت بعض مشاريع التنقيب". وأظهرت إحصاءات غير رسمية، أن 40 مشروعاً نفطياً في دول "أوبك" من أصل 150، كانت الدول المنتجة تنوي تنفيذها هذه السنة، تأجل تنفيذها أو أُلغيت كلياً، كما أُخضعت بقية المشاريع إلى مراجعة لجدواها الاقتصادية بهدف التخفيف من النفقات بعد هبوط أسعار البترول إلى أقل من 40 دولاراً للبرميل. ورغم تأجيل أو الغاء بعض المشاريع في المنطقة، غير أن البيانات تشير إلى ارتفاع الاستثمارات الصافية خلال السنة الحالية مقارنة بالصيف الماضي إلى 204 مليار دولار، مقارنة بنحو 188 مليارا خلال يونيو الماضي.