كنت كلما خاصمتني روح الكتابة . أو داهمني مخاض الأفكار الوليدة . في تلك اللحظات التي يتشوق فيها كل جزء من كياني . إلى التعبير عن أحاسيس ومشاعر هذه الحياة . وصياغة الأحلام والخيالات والدموع والابتسامات . على شكل كلمات على الورق . في تلك اللحظات التي هي غير أية لحظات . أدور حول نفسي في حياتي . أعيش بين الناس وأراهم وأتحدث إليهم وأسمعهم ولا أفهمهم . بل لا أعرفهم وأنا غريب عنهم ! وتختلط الصور في عيني . فيعود الحاضر إلى الماضي . ويغيب المستقبل مع قرص شمس الغروب . يضيع الزمان ويغيب المكان . واصبح في بحر مسحور . أعيش بالخيال مع الذين عشتهم وأبطال آلاف الروايات قرأتها أو عرفتها . ويتحدث هؤلاء إلىّ وإلى أنفسهم . يخرجون من صفحات الكتب . يكلمونني وأعيش معهم ! ويتوق قلمي لأن يضع كل هذا وأكثر على الأوراق البيضاء . ومعها شجوني وجروحي . ذكرياتي وأفراحي . ما دار في خلجات نفسي ولم يعرفه غير ربى ! وأتمنى لو أن لقلمي قوة وعبقرية وشجاعة . كي يرسم بالكلمات كل زفرات حياتي . وأيام وساعات عمري . طفولة البراءة وفطرة الصبا . أحلام الشباب وأوهام الرجولة . خداع الدنيا وحكمة الحياة ! أتمنى أن تختفي بالكتابة أيام تبقى أجمل الذكريات . أن يرسم قلمي فجراً وقلباً صغيراً كبيراً . لم يعمره أو يسكنه غير الحب والرحمة والتسامح. أتمنى لو أكتب كل شئ . وأي شئ . لكن قلمي يخاصمني . قلمي يعاندني ويرفض أن يكتبها كما كان يفعل في الماضي. لا يعترف بالكلمات و كأنه لا يصدقها. لا يستوعب معانيها. وما جدوي مغزاها أحزن وأبحث عن قلم جديد فأفشل.. كل الأقلام في المكتبات كاذبة !