محافظ القليوبية يتابع سير الانتخابات من غرفة العمليات    رئيس ميرسك: الثقة بقناة السويس حجر الزاوية لنجاحنا في مصر    المشاط ورئيس المقاولون العرب يشهدان توقيع اتفاقية لتعزيز منظومة التدريب    موسكو تضرب منشآت الطاقة في كييف وتخلف 5 إصابات    تأجيل عرض مسرحية يحيى الفخراني "الملك لير" هذا الأسبوع.. ما السبب؟    خاص| أستاذ صدر: موجة الإنفلونزا «شديدة الأعراض» لكنها ليست خطيرة.. فيديو    الوطنية للانتخابات: استبعاد أي تعطّل مع الساعات الأولى لليوم الثاني من الاقتراع    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    مرور مصر يعلن أرقام الطوارئ للتعامل مع أعطال وحوادث الأمطار خلال الساعات المقبلة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجان العامة للانتخابات فى المنصورة    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    «الإعلاميات العرب» يدعم الإعلامية آية عبد الرحمن ويرفض حملات الإقصاء من «دولة التلاوة»    إضراب جزئي لعمال "الغاز الطبيعي الحديثة" بقنا للمطالبة بالتثبيت والحد الأدنى للأجور    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    ضبط 15 طن دقيق في حملات تموينية خلال 24 ساعة    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يحدد الموعد النهائي لإرسال قوائم أمم إفريقيا    صلاح مصدق يفسخ عقده مع الزمالك من طرف واحد    525 ألف مشجع يطلب شراء تذاكر مباراة الجيش الملكي ضد الأهلي    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    مراسلة إكسترا نيوز بدمياط: تنظيم وانسيابية فى اليوم الثانى لانتخابات النواب    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    وزارة الدفاع الروسية تعلن تنفيذ ضربة واسعة خلال الليل استهدفت منشآت أوكرانيا العسكرية والصناعية ومنشآت الطاقة    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    حالة الطقس في السعودية اليوم الثلاثاء    توافد الناخبين بالأزبكية والتجمع الخامس للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب    ضبط شخص استخدم مكبر صوت للدعوة ضد مرشح في كفر الشيخ    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    "القومي للمرأة" يطلق غرفة عمليات متابعة سير العملية الانتخابية    القنوات الناقلة لمباراة تشيلسي وبرشلونة اليوم في دوري أبطال أوروبا    العنف الرقمي ضد النساء.. إرهاب صامت يهدد الملايين    وفاة الفنانة الجزائرية الكبيرة بيونة عن عمر ناهز 73 عاما    القناة 14 الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية برية جديدة داخل غزة في حال لم تعلن حماس تفكيك سلاحها وخروجها من القطاع    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    الموضوع انتهى.. خالد الغندور يكشف تفاصيل مشادة تريزيجيه وبن شرقي    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    استقبال 2245 حالة بعيادات طب الأسنان بجامعة بني سويف خلال الشهر الجاري    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    محاكمة فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية اليوم    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    التمثيل التجاري: 17.378 مليار دولار أمريكي حجم التجارة بين مصر والصين    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«دموع الرياحين» للكاتب دريد عوده جديد «الفارابى»
نشر في محيط يوم 23 - 09 - 2014

صدر حديثاً عن دار الفارابي اللبنانية ، رواية جديدة للكاتب دريد عوده بعنوان «دموع الرياحين».
تتكلم الرواية (926 صفحة من القياس الوسط) عن قصة حب مستحيل ومحرّم بين شاب وشابة من الجامعة الأميركية في بيروت عشية وخلال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975؛ هو حب محرّم فقط لكونهما من ديانتين مختلفتين، رغم انتمائهما إلى البيئة الاجتماعية نفسها.
بهذا أطل الكاتب من خلال روايته على الثقافة المجتمعية الطائفية التي أوصلت إلى حرب أودت بحياة مئات آلاف المواطنين اللبنانيين؛ إطلالة سعى من خلالها إلى الإجابة عن أسئلة حول الأسباب الحقيقية لتلك الحرب المدمرة: هل كانت الحرب اللبنانية «حروب الآخرين على أرضنا» كما يزعم كثيرون؟ هل كانت الحرب اللبنانية ثورة الفقراء، أم كانت أيضاً حرب الأغنياء؟ هل كانت ثورة رغيف أم حرب زيف؟ هل كانت حرب الجهلة والأميين، أم هي أيضاً حرب المتعلمين والمثقفين والمفكرين؟ هل كان المتعلمون والمثقفون والمفكرون أقل طائفية ومذهبية من الجهلة والأمّيين وأنصاف المتعلمين؟!
يخوض الكاتب في تفاصيل الحرب اللبنانية، متوقفاً عند محطاتها ومفاصلها الأساسية، ليخلص في سياق روايته، وبين سطورها، إلى أن الحرب كانت حربنا على أنفسنا أولاً وأخيراً. وكانت حرب الأغنياء أيضاً من الطبقة المخملية الذين من المفترض أن يكونوا على تماس مع حضارة الغرب ونزعته العقلية وعلمانيته المتنورة، إلّا أنهم لم يكونوا أقل طائفية ومذهبية من غيرهم. كذلك كانت «حرب الانتليجنسيا اللبنانية»؛ حرب أفكار وضعها مفكرون ومثقفون، وخاضها أمّيون وجهلة وأنصاف متعلمين بالطريقة الأكثر دموية وجاهلية وظلامية، فأوقدت تلك الأفكار النار في الأجساد، في المشاعل البشرية، في مشاعل من لحم ودم كما يقول الكاتب في مقدمة روايته.
وعليه، يصحّ القول إن هذه الرواية أطروحة في بسيكولوجيا الاجتماع اللبناني؛ أطروحة في «بسيكولوجيا النفاق الفكري على الذات وعلى الآخر». وهنا يتساءل الكاتب على لسان أبطال روايته ما إذا كانت كل ثقافتنا المغرَّبة مجرّد طلاء حضاري يخفي «الاستبداد الشرقي» الكامن في عقولنا، ومجرّد ماكياج للمسخ الطائفي القابع فينا.
وإذا كان تولستوي يقول بضرورة أن تكون الرواية إطاراً لمعرفة الواقع الاجتماعي، فإن رواية «دموع الرياحين» تشكل إطاراً يمكن أن نتفحص عبره بأقصى شفافية، وبلغة مباشرة لا تعرف المداورة والمهادنة، الحالة الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع اللبناني قبل الحرب الأهلية وخلالها. كذلك ينطبق على الرواية توصيف الرواية التاريخية من خلال سردها للوقائع والمحطات الأساسية التي رسمت ملامح الحرب وأملت اتجاهاتها الأكثر دموية وتراجيدية.
وصحيح أن هذه الرواية «خيالية» بأحداثها وأبطالها، إلا أنها واقعية بالصميم؛ هي تهدم الجدار بين الخيالي المبتكَر والتاريخي المفتكَر. أمّا أبطالها فقد يكونون كل واحد منا اليوم، وكل إنسان كان وسيأتي، في بلد مأزقه أنه لم يعرف كيف يصير وطناً!
وعلى الرغم من أن «دموع الرياحين» رواية تاريخية تتحدث عن حرب وقعت في القرن الماضي، إلا أن العنصر التاريخي هذا لم يفقدها راهنيتها الدائمة. ف «لبنان ما قبل وإبّان الحرب» أليس هو نفسه «لبنان ما بعد الحرب»؟! أليس هو نفسه «لبنان كل زمن»؟! أليس هو نفسه لبنان 1840، ولبنان 1860، ولبنان 1943؟! لبنان ما قبل حرب 1975، أليس هو لبنان اليوم وكل يوم؟! من هنا تكتسي الرواية حلّة «الحاضر الطائفي الأبدي» في لبنان، لكأن القرن الماضي هو اليوم، بل كأنه الغد في وطن في حرب دائمة مع نفسه وللأسباب نفسها: رواية «دموع الرياحين» ابنة عصرها، لكنها أيضاً بنت كل عصر لبناني.
انطلاقاً من كل هذا، تأخذ «دموع الرياحين» مشروعيتها كرواية تأسيسية. فالدور الحقيقي للأديب أو الروائي يكمن في إسهامه بصنع الذاكرة والوعي التاريخيين الجمعيين للشعب، كما يقول عوده في مقدمة روايته. هذا لا ينفي ذاتية المؤلف التي تبقى جانباً مهماً في عمله الروائي الدرامي، بل تنطلق من هذه الذاتية لتتخطّاها باتجاه التاريخي العام: مهمة الروائي التاريخي، يقول المؤلف، ليست فقط واجب الذاكرة أي حفظ ذاكرة الأمس وتدوينها. بل أيضاً واجب المستقبل بمعنى واجبه في صياغة وعي أو وجدان وطني يؤسس لذاكرة أخرى في المستقبل، مختلفة عمّا يمكن أن تكون، على اعتبار أن العالم وليد أفكارنا، وأحداثه بنات هذه الأفكار؛ على اعتبار أن العالم، بكل أحداثه، هو صيرورة عقولنا نحن البشر في التاريخ؛ على اعتبار أن ذاكرة الغد هي عمل اليوم. وأمّا الجماعات فتصير شعوباً وأمماً كاملة ناجزة إذا قُدِّر أن تكون لها ذاكرة تاريخية واحدة ووجدان أو وعي جماعي واحد، وهذه مهمّة الأدباء التأسيسيين ومسؤوليتهم الثقافية والحضارية التاريخية لبناء وحدة الشعب وتحقيق نهضته وارتقائه.
من هنا، تُعتبر رواية «دموع الرياحين» عملاً أدبياً تأسيسياً يتناول الحرب اللبنانية في محاولة جادّة لعدم الوقوع فيها من جديد. هي محاولة لرسم طريق مضيء في عتمة النفق الذي يبدو أننا لا نزال فيه. هي رواية عن الحرب ضد الحرب. رواية للخروج من النفق. رواية خلفها هَمّ حضاري وقلق أخلاقي وتوجُّس ثقافي من أن تعيد القيم السياسية الطائفية نفسها استيلاد الحرب الطائفية نفسها.
جزء كبير من أحداث الرواية يجري في الخارج بعد أن تبعثر أبطالها خلال الحرب في زوايا الأرض الأربع، فتنقلك هذه الأحداث من لبنان إلى باريس فمنطقة Haute- Savoie على الحدود الفرنسية - السويسرية، وإلى مدينتي بالتيمور وأنابوليس الأميركيتين. يستغل الكاتب هذا ليقدّم لنا نظرة الغرب إلى الصراع بين الأديان والطوائف في لبنان وفي الشرق عموماً، وهذا أيضاً جديد هذه الرواية التي تسلّط الضوء على الحرب اللبنانية من منظار آخر ووجهة نظر أخرى غير وجهات نظر اللاعبين الذين انخرطوا دموياً في الحرب متأبطين مبرراتهم التاريخية المتناقضة وديماغوجياتهم الفكرية والدينية والسياسية القاتلة؛ جديدها أنها تقدّم نظرة إلى حروب الأديان في لبنان والشرق من بعيد، من خارج اللعبة القذرة والحرب المدمرة. هي نظرة موضوعية خارج ذاتيات الهويات المتقاتلة.
بهذا أراد الكاتب أن يظهر كيف ينظر الإنسان الغربي العلماني المتنور إلى ظلاميات الشرق المتديّن، وهو لا يتكلم هنا عن الحكومات الغربية ولا عن النظرة الملتوية لكثير من المستشرقين، بل يتكلم تحديداً عن الإنسان الغربي إبن عصر الأنوار.
إذاً ببنية روايته المكانية والقِيَمية، يضعك الكاتب أمام أطروحة إنسانية حضارية يتحول في سياقها كل «الترحال الرَيَاحيني» في العالم شرقاً وغرباً إلى ترحال فكري، ويتحول كل حدث إلى حدث حضاري، إلى سؤال وجودي، إلى إجابة أو محاولة إجابة على أسئلة الحياة وهموم الثقافة وتطلعات الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.